عادل السنهورى

قمة النجاة والإنقاذ فى القاهرة

الأربعاء، 12 فبراير 2025 03:29 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الشعوب العربية لن تطلب من قادة وزعماء ورؤساء وملوك الدول العربية فى القمة العربية الطارئة بالقاهرة يوم 27 فبراير الحالى سوى موقف موحد وإرادة سياسية واضحة وقوية دون شعارات وكلمات حماسية ضد خطة التهجير للشعب الفلسطينى من أرضه فى غزة، وما وراء هذا المخطط من مشروعات تضر بالأمن القومى المصرى والعربى. وإن الشعوب قبل الحكومات على استعداد لإعادة إعمار وبناء غزة بصدورها العارية وسواعدها القوية، فالشعوب لن تنخدع مرتين ولن تنساق وراء تهديد وإرهاب مرة أخرى لترك الأوطان والتشرد والتشرذم فى أصقاع الأرض.

فليس مطلوبا قمة إعلان حرب، بل قمة التمسك بثوابت وقيم السلام القائم على العدل وعلى حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وأن يكون صوت القمة الواحد هو رسالة واضحة وصريحة بأن القضية الفلسطينية بما فيها غزة ليست فى وضع المساومات والصفقات أو التهديد والابتزاز.

القمة فرصة حقيقية لاستعادة وهج وقوة الموقف العربى المدرك للمصلحة القومية والأخطار المحدقة بنا، بعيدا عن المنافسات والمصالح الضيقة، وتكون بداية حقيقية للم الشمل من جديد، ووأد الأزمات وإطفاء نيران الحروب والانقسامات فى النظام الإقليمى العربى، وفى بعض دوله فى اليمن والسودان وليبيا وسوريا بالحلول العربية، وإنقاذ ما تبقى للعرب من أوراق قوة يمكن التلويح بها فى مواجهة من يهدد وجودهم وليس فقط إخضاعهم وتخويفهم. ولنا فى مواقف المكسيك وكندا والنرويج وحتى بنما العبرة فى الرد بكل قوة دون خوف أو ارتجاف ورهبة من التصريحات غير المقبولة من الإدارة الأمريكية.

القمة أمام فرصة ذهبية -وربما تكون أخيرة- للنجاة والإنقاذ من طوفان الغطرسة والعنجهية الذى يهدد بلا حياء أو مراعاة لمواثيق وقوانين دولية، وشرائع إنسانية منطقة بأكملها بالحرب والفناء.

القمة وقادتها ورؤساؤها وملوكها ليسوا وحدهم بل وراؤهم شارع عربى ومارد اسمه الشعب العربى يساندهم ويدعمهم ويصطف خلفهم، بشرط أن يكون الموقف على قدر الغضب والاستفزاز الذى يعيشه الناس فى كل عاصمة عربية، فالأمل ألا تضيع الفرصة ويتحمل القادة المسئولية التاريخية أمام شعوبهم. فالعالم لا يحترم سوى القوى الرشيد القادر دون تهور على المواجهة والتصدى.

ليس المطلوب من القمة حشد الجيوش وإنما توحيد الصف العربى والتذكير بمواقف المجد العربى فى قمم عربية استثنائية ومصيرية، استطاع من خلالها العرب من جعل قرارات القمة حاضنة للأمل والنصر ولمواجهة الهزيمة مثلما حدث فى قمة الخرطوم عام 67، والمعروفة بقمة اللاءات الثلاث. والظروف تكاد تكون متشابهة ومتقاربة، ورغم الهزيمة خرج العرب أقوياء ومتحدون وعازمون على النصر باللاءات الثلاثة الذين أشهروها فى وجه العدو الإسرائيلى وراعيه وداعمه الأمريكى.

ربما هناك ظروف إيجابية تصب فى صالح الموقف العربى وتدعمه وهو الموقف الأوروبى الرافض أيضا لمشروع التهجير، والذى تتزعمه فرنسا الذى يبدو أنها استيقظت على "خديعة كبرى" من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وأدركت بعد فوات الأوان أن الهدف من الحرب على غزة لم يكن فقط تحرير الأسرى والقضاء على حماس، وإنما حرب إبادة وقتل وتشريد وهدم وتخريب ضد شعب بأكمله لتحقيق اغراض اقتصادية و"عقارية" لصالح الداعم الأكبر، ويجب استغلاله فى دعم الموقف العربي. أيضا ضرورة التنسيق مع منظمة العالم الإسلامى وإصدار موقف مشترك رافض لمخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.

نجاح القمة العربية الطارئة بالقاهرة يوم 27 فبراير الجارى فى مواجهة مخطط التهجير وحرب الإبادة بالعقل السليم والحكمة والخطوات الدبلوماسية والسياسية المدروسة، مع الأخذ فى الاعتبار "أوراق القوة" فى أيدينا نقلبها ذات الشمال وذات اليمين عند اللزوم والحاجة، تتوقف عليه أمور كثيرة، أولها إعادة بناء النظام الإقليمى العربى القوى والقادر من جديد وإدراك أن قوة العرب هى الأبقى من الدخول فى مساومات وصفقات ومشروعات مريبة لا تصب فى صالح الأمن القومى العربى.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة