من يهاجمون الصحافة اليوم، هم أنفسهم من سعوا بالأمس لتكميم أفواهها وسحق كل صوت حر. الإخوان الإرهابية، الذين يملأون منصاتهم ضجيجًا باتهام الإعلام المصري بالنفاق، هم أول من دنّس مهنة الصحافة حينما حكموا، وهم أول من أهان الكلمة الحرة وضرب الكاميرا التي توثق الحقيقة، واعتدى على الصحفيين بالضرب والسحل والسب لأنهم ببساطة نقلوا ما لا يُرضي جماعتهم.
أنا شاهدة على تلك الجرائم. لا أكتبها من وحي الخيال، بل عشتها ميدانيًا. كلما حاولت أن أؤدي واجبي كصحفية في محيط تواجدهم، خلال اعتصاماتهم أو تظاهراتهم أو محاولاتهم نشر الفوضى، كنت أُقابل بالاعتداء، والتهديد، والترويع. لا لشيء سوى أنني كنت أحمل قلمًا وكاميرا تحاول فضح كذبهم، وتوثّق جرائمهم بالصوت والصورة.
الإخوان تاجروا بالدين، ومع ذلك لم تمنعهم لحاهم الطويلة وشعاراتهم المزيفة من الاعتداء على امرأة صحفية، كانت تؤدي واجبها بكل مهنية. لم يشفع لي كوني امرأة، ولم تحمِني مهنتي، لأنهم ببساطة لا يعرفون للحرية معنى، ولا يحتملون النور الذي يفضح ظلامهم.
واليوم، يرفعون شعارات الدفاع عن حرية الصحافة، ويهاجمون الإعلاميين الذين واجهوهم بكلمة الحق. لكن أي نفاق هذا؟ الصحفيون الذين يتهمونهم الآن بالنفاق، هم أنفسهم الذين عاصروا فترة حكمهم وكشفوا زيفهم للناس، وفضحوا مخططاتهم بالصوت والصورة. ولهذا حاولوا إرهابهم، وفشلوا.
ورغم كل ما فعلوه، لم تنكسر أقلامنا. بقي القلم سلاحًا لا يصدأ، والكلمة الحرة نارًا تحرق باطلهم، وستظل كذلك. لن نصمت، لن نخضع، وسنواصل فضح أكاذيبهم ومؤامراتهم، ليبقى هذا الوطن محصّنًا من خيانتهم وأكاذيبهم.
من انتهك حرية الصحافة يومًا، لا يحق له اليوم أن ينصّب نفسه مدافعًا عنها. ومن تلطخت يداه بدم الحقيقة، لا يملك أن يعظنا عن الشرف المهني.