مشهد تعود عليه أهالي فوه بمحافظة كفر الشيخ، ولكنه قد يكون غريباً على الزائرين والمترددين من الوفود السياحية، أن يجدون آلة خشبية يدوية، التفت خيوط الصوف على بعض أجزائها، وبانسيابية شديدة تنسدل هذه الخيوط مترًا بعد الآخر، فتتلقفها أيدٍ ماهرة تنسج بها قطع فنية تبهر الناظرين بدقتها، ويقف على النول صنايعي قضى عمره أمام النول يصنع السجاد والجوبلان بمهارة كبير، وتجد كل حواسه تعمل في وقت واحد، عقله وعينيه ويدية وقدمية، ليخرج لوحة فنية متميزة.
مهنة تتوارثها العائلات
تتميز مدينة فوه عن بقية مدن محافظة كفر الشيخ، بتاريخها العريق في صناعة السجاد والكليم والجوبلان، وستظل شهرة مدينة فوه مستمرة، لتوارث أهلها مهنة السجاد والكليم، والتي توارثتها العائلات منذ مئات السنوات، وشهدت أسواق أوروبا، تصدير تلك المنتجات، ويعمل بها 3 آلاف عامل وصنايعى كليم، وهناك جمعيات تهتم بتلك الصناعة، وتميزت بإنتاج سجاد وجوبلان تعبر عن الحضارات المتعددة والمهن التي توارثها الأبناء.
مسعد مارس المهنة وعمره 8 سنوات تعرض للضرب لإصراره على التعلم
أكد مسعد محمد عمر، من كبار صنايعية السجاد والكليم بفوه، أنه يعمل في هذه المهنة منذ 61 سنة، منذ أن كان عمره 8 سنوات، وكان في ورشة من الورش بفوه، وكان في وقت الراحة يحاول إكمال السجاد الذي يصنعه معلمه، وعندما يعود من معلمه من الراحة يجده أخطأ في صنع السجاد فيضربه ويحذه، ومع تكرار محاولات، لم يجد حلا إلا تعليمه الصنعة.
الأوروبيون كانوا يقبلون على شراء السجاد والكليم
وأضاف عمر، لـ"اليوم السابع"، أنه لا ينسى أن الأوروبيين كانوا يقبلون على شراء السجاد والكليم، إضافة إلى السوفيت الذين يعلقون السجاد والكليم على الجدران لأنه يمتص البرودة، وبلدهم شهيرة بالبرودة ونزول الثلوج، وأن سبب انتشار تلك المهنة في فوه، إنشاء محمد علي مصنع الطرابيش، وانتشار الصوف والخيوط المتعددة، فظهرت مهنة السجاد والكليم.
صناعة السجاد فن ومهارة وليست رص خيوط جنباً إلى جنب
وأكد عمر، صناعة السجاد ليست رص خيوط جنباً إلى جنب، ولكنها حرفة وفن، والمهار في صنعته يستطيع تصميم سجادة متميزة في تناسق ألوانها وخيوطها، وتصميم رسمه متميزة، فمن الصناع من يصمم رسمة جمل ومنهم من يصمم أهرامات، ومنهم من يعبر عن الصحراء، ومنهم من يصمم سجادة تعبر عن الطبيعة، وهناك منافسة بين أرباب المهنة، لتصميم الأفضل.
صناعة السجاد تتطلب مشاركة كافة الحواس وتعمل في وقت واحد
وأضاف عمر، أن صناعة السجاد تتطلب أن تعمل كل الحواس في وقت واحد، فلابد أن يكون الصنيعي يقظ الذهن، ويديه تمسك بالخيوط وتعمل على النول، وعينية تتابع ترتيب وضع الخطوط، وقدميه تحرك النول من أسفل، واختلال أحد الحواس يؤدي لخلل في الصنعة.
انتشار تعلم وانتشار مهنة السجاد بين أهالي فوه عام 1812
وأضاف عمر ، بدأ انتشار تعلم وانتشار مهنة السجاد بين أهالي فوه عام ،1812م، في عهد محمد على، الذى أنشأ مصنع الطرابيش ومصنعين للغزل، وتوافد الأوربيون على شراء السجاد والجوبلان والكليم اليدوى من فوه ابتداء من القرن الـ19 وكانت مساجد مصر تُفرش بسجاد فوه أيام محمد على باشا وأيام الزعيمين الراحلين جمال عبد الناصر، ومحمد أنور السادات، وحافظ أهالي فوه على تلك المهنة حتى الآن خلال 212 سنة.
موقع مدينة فوة ميزها عن بقية مدن كفر الشيخ
وأضاف تميزت فوه بنشاطها الحرفي والصناعي، فلها شهرة كبيرة في صناعة السجاد والكليم والجوبلان والطوس الذي يلقى رواجا وإقبالا في أمريكا ودول أوروبا الغربية، وأدى موقع مدينة فوة المتميز على طريق رئيسي يربط دسوق بمطوبس في موقع متوسط من موقع مقابل لمدينة المحمودية "بحيرة" على الجانب الآخر من فرع رشيد إلى ازدهار التجارة بالمدينة وإلى علاقات متميزة بالمراكز والمدن المجاورة.

صناعة السجاد تحتاج مهارة وكل الحواس تعمل في آن واحد

النول الذي يستخدم في صناعة السجاد