دندراوى الهوارى

من القاهرة إلى لندن.. حين يفضح الأرشيف صناع السرديات الكاذبة

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025 12:00 م


بينما يسدل عام 2025 ستائره مستأذنا للرحيل الإجبارى، كان الصخب والضجيج فى عاصمة الضباب، لندن، يعيد الاعتبار للقاهرة دون أن تتحدث أو تطلب، فى قضية الحق والعدل والإنصاف، وأن هناك شخصا ارتكب كل الموبقات الجنائية، من تحريض بالقتل ودعم العنصرية ونثر الفتن والتحقير من كل مختلف معه على كل الأصعدة. القضية لم تكن مجرد رأى، أو تدوينة عبر «تويتر» سابقا، «X» حاليا أو على أى وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعى، وإنما خطاب متطرف يدعو للعنف والقتل، فى الوقت الذى تُقدم فيه سرديات للغرب وفى القلب منها بريطانيا، تتصادم بعنف مع الحقيقة، والتوصيف الحقيقى.

فضيلة العدالة كانت تتقدم الصفوف بالقاهرة، ولها قول الفصل فى قضية المواطن بريطانى الجنسية، علاء عبدالفتاح، فمن خلال الأدلة والبراهين، صوتا وصورة ومكتوبا بخط يده، حُكم عليه بالسجن، بعد جلسات محاكمة بكل شفافية، حصل فيها المتهم على كل الضمانات القانونية المتعارف عليها، ولذلك كانت القاهرة ترد على كل الاستفسارات عن حبس المجنس البريطانى، بأنه يحاكم جنائيا، وأن الصورة المقدمة للغرب، وبريطانيا مبتورة ومنقوصة.

وعند الإفراج عن المواطن بريطانى الجنسية، علاء عبدالفتاح، بناء على عفو عام لعدد من المحكوم عليهم، ثم مغادرته مصر متوجها إلى العاصمة البريطانية لندن، فوجئنا بعاصفة احتجاج عارمة، فقد فتحت صحيفة ديلى تليجراف البريطانية النار ضد علاء عبدالفتاح، وقدمته بوصفه متطرفا.

الصحيفة البريطانية الشهيرة ذكرت أن منشورات الحاصل على الجنسية البريطانية تدعو للقتل، سواء ضباط أو مدنيين، ويروج لعبارات الكراهية ضد البيض، فى حين وصفت صحيفة الجارديان ووكالة الأنباء الشهيرة، أسوشيتدبرس، منشورات علاء عبدالفتاح، بـ«البغيضة»

وعلى الجانب الرسمى، فإن وزارة الخارجية البريطانية ردت، وكأنها فوجئت بمثل ما ارتكبه علاء عبدالفتاح، وهى التى سخرت جل جهودها للمطالبة بالإفراج عنه، دون احترام للقانون، ودعما لكل من يحرض على القتل والتخريب، ويحض على العنصرية والكراهية، ووصفت آراء علاء عبدالفتاح أيضا بـ«البغيضة»، وكأنها استفاقت فقط عندما نشرت صحف بلادها الحقائق، وما كان مسكوت عنه فى دهاليز الدوائر الرسمية البريطانية، محاولة التنصل من تبنيها القضية برمتها، واستقبالها الحافل له، وكأنه المنتصر المظفر.

صحيفة الجارديان أحرجت حكومة بلادها، عندما أكدت أن الادعاء بعدم معرفة ما كان يدونه علاء عبدالفتاح على حساباته الشخصية من تدوينات ومنشورات، محرضة للكراهية وتدعو للقتل، كان معلوما لدرجة أنه فى 2014 استبعد من ترشيحات جائزة ساخاروف، بسبب آرائه وما يضمره من كراهية وبغض!
الشارع السياسى فى بريطانيا يغلى، رغم الصقيع، وأحزاب المعارضة تطالب بإقالة الحكومة الحالية، لدعمها شخصا يدعو للقتل وينثر الكراهية والبغض، كما تبنت وسائل الإعلام حملة كيف مارست بريطانيا كل أنواع الضغط السياسى للإفراج عن علاء عبدالفتاح، من خلال مسار طويل، ومنحه الجنسية سنة 2021 ثم تحويل ملفه إلى قضية سياسية وإعلامية مع حملات دعم حقوقية كبرى لأسرته!

وفى نوفمبر 2022، وأثناء مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ، كان ملف علاء عبدالفتاح حاضرا بقوة، إذ أصدر مكتب رئاسة الوزراء البريطانى حينها بيانا عن تبنى ريشى سوناك الملف حينها، وحسب رويترز، فقد بثت خبرا فى التاسع من نوفمبر 2022، قالت فيه: إن ريشى سوناك قال أمام البرلمان البريطانى: إن حكومته ستواصل الضغط على القاهرة لإطلاق سراح علاء عبدالفتاح، ولم شمله بأسرته.

أما الحكومة الحالية، وتحت قيادة كير ستارمر، فقد تبنت الملف واعتبرته من أولوياتها، وفق ما ذكرته الجارديان، لكن التحول كان فى 26 ديسمبر الحالى، وبمجرد أن وصل بريطانى الجنسية، علاء عبدالفتاح، لندن، فوجئنا بانفجار بركان منشوراته القديمة داخل بريطانيا كلها، وتبنت وسائل الإعلام حملة، خشية بلادهم من احتضان شخص يدعو للقتل ويثير الكراهية والبغضاء، ودخل على الخط سياسيون من حزب المحافظين، وآخرون، للمطالبة بسحب الجنسية، والتحقيق معه، وهاجموا مراسم الترحيب به، واعتبروا أن القضية لا يمكن اختزالها فى منشورات قديمة، وإنما الفشل فى التدقيق وبيع القضية للمواطن البريطانى، باعتبارها ملفا حقوقيا صافيا، بينما القضية عكس ذلك تماما. 

ووسط هذا السخط والغضب الإعلامى والسياسى فى بريطانيا، تقدم علاء عبدالفتاح باعتذار عن منشوراته المحرضة، إلا أن صحيفة الجارديان رأت الاعتذار مراوغة، ومنشوراته جارحة ومروعة، وأن الاعتذار لن ينهى الجدل، وإنما صار إحراجا أخلاقيا ومؤسسيا.

المفارقة القاسية أن إنصاف القاهرة من الغير صار حاضرا، وصداه صاخبا إعلاميا، وفى المجتمع السياسى البريطانى، القصة لم تنته، بل بدأت بإحراج من دافع وتصدى، ومن قدم نفسه وصيا أخلاقيا على الآخرين، وأن السياسة حين تدار بالشعارات لا بالملفات والمعلومات الحقيقية، تنقلب على أصحابها.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة