أكرم القصاص

رغم الوعود والجولات.. الدخل والأسعار مؤشرات رضا المواطنين

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025 10:00 ص


رغم أن العالم يشهد تحولات كبرى طوال عقد ونصف العقد على الأقل، فإن السنوات الأخيرة تبدو كأنها سنوات التحولات الكيفية، بعد تراكمات وتقاطعات ضخمة، تفرضها طبيعة هذه التحولات، فى سوريا هناك خرائط جديدة تتشكل بانتزاع أراض وإضافتها إلى دول أخرى، فى اليمن يبدو أن التقسيم قدر ونتيجة، وعودة إلى التشظى، فى أفريقيا مخططات تمتد إلى الصومال والقرن الأفريقى، مع مسارات تفرضها التفاعلات والسياسات والصراعات فى ليبيا والسودان، كل هذه التحولات ومعها الداخل، فى الاقتصاد والإصلاح الاقتصادى، ومدى القدرة على تطوير الأداء، ومجاراة التطورات التقنية، والعلمية التى تجتاح العالم بكل الاتجاهات.


وبجانب هذا أو موازٍ له فإن الحياة السياسية والانتخابات تبدو داخل هذا العالم من حيث أهمية إدراك التيارات السياسية والبرلمان المقبل لهذه التحولات، وضرورة أن تكون الجمهورية الجديدة متناسبة مع كل هذه التحولات، وهناك ضرورة لتغيير العقليات والخيال السياسى تتناسب مع غليان عالمى وإقليمى، وضرورة ترتيب داخلى يدعم الوحدة والتنوع، ويناسب مرحلة استقرار نسبى سياسيا، بعد مرحلة شهدت أوضاعا وتحديات استثنائية، من إرهاب إلى منصات معادية إلى حروب شائعات ومعلومات.


لقد اتسمت المجالس السابقة ومعها الحكومات بأنها تناسب مرحلة تحديات، مثل الإرهاب وبناء الدولة والمؤسسات، والآن تحتاج المرحلة إلى مجلسى نواب وشيوخ وحكومة تتحمل المسؤولية وتقبل المساءلة والحساب فى الملفات المهمة مثل الصحة والإسكان والتعليم والخدمات، والطرق والحياة اليومية، والجمهورية الجديدة تستحق ممثلين لها وحكومة ومجلس نواب على قدر المسؤولية، والتحديات والمرحلة، وأيضا بحاجة إلى أحزاب وحياة سياسية صحية، تخرجها من الحضانات، لتملأ مكانها بالفعل، حتى يمكن أن تكون متفهمة ومتفاعلة وقادرة على قراءة التحولات الجارية داخليا وإقليميا، وأن تتجاوز طريقة قديمة فى افتراض أن الشعب ليس لديه ما يكفى من الوعى، لأن التجارب تكشف أن الشعب أقدر على تفهم ما يجرى والتعامل معه، وبالتالى لا يفترض أن تتعامل الحكومة مع المواطن على أنه غائب أو لا يعرف.


ومن هنا يمكن تكشف تعامل النخبة والخبراء والمواطنين مع  تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، الأخيرة، التى أعلن فيها تخفيض الديون حسب تعبير «مدبولى» إلى مستوى غير مسبوق منذ 50 عاما، وهو تصريح فتح شهية بعض «الهبّادين» لينطلقوا فى تحليلات لا علاقة لها بالاقتصاد ولا بالديون، وفتحت مجالا لتحليلات من خبراء اقتصاد، بعضها يفترض مبادلات أو إجراءات قد لا تكون من بين الإجراءات السليمة، ونكرر أن الطريقة السابقة فى إطلاق فرقعات أو تصريحات ووعود لا تحمل معانى، يمكن أن تكون ذات تأثيرات عكسية، خاصة أنه فى مجالات الاقتصاد لا توجد معجزات، أو ثروات تهبط من السماء، بجانب التفرقة بين الدين الداخلى والدين الخارجى، وتأثيرات خفض الفائدة، وغيرها من العناصر، التى توضع فى الاعتبارات، وقد انطلقت مناقشات بين رجال بنوك واقتصاد كلها تشير إلى أن الوعود بحاجة إلى توضيحات، وأن الناس ليسوا فى حمل مزيد من الأعباء أو الوعود بلا أصل.


وبعيدا عن الوعود والجولات الموسمية للحكومة ورئيس الوزراء، فالمواطن يهمه النتيجة والتأثير المباشر، وأن يرتفع الدخل وتنخفض الأسعار، وتفرض رقابة على الأسواق، مع الأخذ فى الاعتبار أن الحكومة إذا كانت كما يقول رئيس الوزراء تتابع مواقع التواصل، عليها أن تدرك أن عالم مواقع التواصل مزدحم ومتنوع، وأن هناك رأيا عاما متنوعا وواعيا وذكيا، ويستحق طريقة مخاطبة ترتكز على هذا.


وبمناسبة الانتخابات أو التغييرات المتوقعة، هناك ضرورة لإعادة النظر فى طريقة معالجة الملفات المهمة، الإسكان والطرق والصحة، وهى ملفات الإنجاز فيها يكون واضحا، والرضا أو عدم الرضا ظاهرا، وهناك طرق عملية وتكنولوجية ومراكز معلومات يمكنها قياس مدى اقتناع ورضا المواطنين، ولعل جولات رئيس الحكومة فى قرى حياة كريمة تشير إلى مطالب الناس البسيطة، والتى تحتاج إلى عمل حقيقى وليس موسميا، بعيدا عن وعود قد لا تكون قابلة للتنفيذ.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة