بالتأكيد سمعت يوماً عزيزى القارئ عن مقولة "انقلب السحر على الساحر" والتي تحمل بين طياتها المعنى الحقيقى للعدالة الإلهية، وأن الله قد يعطى الظالم فرصة واثنين وأكثر حتى تنتهى فرصه ويحفر بيده فخاً ليقع فيه دون أن يدرك، فينقلب ظلمه وشره لسلاح في وجهه دون غيره، والحقيقة أن مع بداية اشتعال أزمة المجنس البريطاني "علاء عبد الفتاح" وسفره إلى بريطانيا ثم انقلاب الرأي العام البريطاني عليه بسبب آرائه وتغريداته السابقة من أرشيفه الفكرى المتطرف، ولم تتوقف تلك المقولة عن التردد في ذهنى، وأرى أنها تتحقق بشكل أو بآخر في كل زاوية من زوايا تلك القضية وتنطبق على كل أطرافها سواء المدعو " علاء عبد الفتاح" أو حتى الحكومة البريطانية "، فكل منهما يدفع ضريبة نواياه.
فبعد سنوات طويلة حاولت فيها الحكومة البريطانية دعم "علاء عبد الفتاح" بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة، ومارست كل أنواع الضغوطات السياسية في محاولات فاشلة لتخليصه من القضية، حتى منحته الجنسية البريطانية في عام 2021، لتتعامل معه كمواطن بريطاني+، وتتحول قضيته إلى قضية سياسية تخص الرأي العام الإنجليزي، ونحن لا ندرك لماذا كل هذا الدفاع عن " علاء عبد الفتاح " دون غيره ، هل الأمر يتعلق بحقوق الإنسان كما ادعت الحكومة البريطانية؟ أم أن الشيطان كعادته يكمن في التفاصيل، وأن هناك مصالح سياسية خبيثة كانت تحقق من خلال ما يطلق عليهم "النشطاء السياسيون".
لن اتركك كثيراً "عزيزى القارئ تفكر في إجابة للسؤال، لأن الإجابة واضحة متجلية ، فهؤلاء النشطاء ليسوا أصحاب فكر أو رأي حقيقي كما يدعون، بل هم في الأساس "أدوات" تستخدمها قوى غربية، لتحقيق أهدافهم التخريبية داخل مصر، وتفكيك مؤسساتها، مجرد تروس لماكينة التطرف الفكرى العملاق التي كادت أن تقسم المجتمع المصرى إلى فرق وقت ثورة 25 يناير، لولا ترابط وتماسك مؤسسات الدولة وأجهزتها وتصديها لكل محاولات التشتيت والتخريب الداخلى،
وعلى الرغم من ابتعاد الفكر والشكل السطحى بين هؤلاء النشطاء التخريبين وأصحاب الفكر الإخوانى، إلا أن تلك الجماعات الإرهابية لم تتوقف يوماً عن دعم قضية "علاء عبد الفتاح" رغم تعارض مواقفهم مع قيمه المعلنة، إلا أن زعزعة استقرار الدولة المصرية كان الهدف المشترك الحقيقى الذى اجتمعا عليه، وفى رأيي أن مجرد الدعم لقضيته من قبل تلك الجماعة الإرهابية هو إدانة في ذاته له ولأهدافه ولانتمائه وادعاءاته الوطنية، فالإخوان الإرهابية لا تدعم إلا من اتفقت أجندته مع خطتهم التخريبية .
وعلى الصعيد البريطاني فمن وجهة نظرى المتواضعة أن الحكومة الحالية تحت قيادة " كير ستارمر" كانت تسعى لتحقيق مكاسب سياسية لحزبه من خلال الاهتمام بملف علاء عبد الفتاح، متجاهلين الحقائق والجرائم التي سجن في مصر على أثرها، من تحريض على القتل لتهديد استقرار البلاد ونشر الفتن وممارسة العنصرية، وغيرها من الجرائم التي ارتكبها في مصر والمدعومة بوثائق بخط يده، لكن ظلت حكومة "ستارمر" غير ملتفتة لكل ما يدين مجلسها البار.
وكما أخبرتكم في بداية المقال أنه" أنقلب السحر على الساحر" ، لأن ما حدث لم يكن في حسبان" ستارمر" ، فبجرد سفر " علاء" إلى بريطانيا شنت حرباً إعلامية ضخمة ضده وضد الحكومة البريطانية التي دعمته كل هذه السنوات،
فالعديد من النشطاء والسياسيين البريطانيين، من حزبي العمال والمحافظين على حد سواء، يشنون الأن حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد الحكومة البريطانية، مطالبين بترحيل علاء عبد الفتاح وإلغاء جنسيته البريطانية، كاشفين عن أرشيفه الفكرى المتطرف وتغريدات سابقة له اعتُبرت تحريضاً على العنف ضد المؤسسات البريطانية، فضلاً عن تصريحات تنم عن العنصرية والكراهية ضد الرجل الأبيض
فتناولت كبرى الصحف البريطانية تلك الموجات المعارضة لاحتضان إنجلترا لعلاء عبد الفتاح مطالبين بإسقاط الجنسية عنه، مما أربك حسابات الأخير ودفعه للاعتذار بشأن ما صدر منه من قبل ، متحججاً بصغر سنه واندفاع الشباب الذى دفعه دفع إلى تلك الأراء العدوانية، لكن لم يلتقط الشارع السياسى البريطاني الطعم ولم تهدأ الأجواء بعد الاعتذارات التي قدمها عبد الفتاح مؤخراً للإنجليز، إنما وصفها البعض بأنها " اعتذار تكتيكى" جاءت بناءً على "نصيحة بريطانية" لمحاولة تهدئة الأجواء المحتقنة ضده هناك، و لم تلقَ قبولاً حقيقياً لدى الشارع البريطاني الذي لا يزال يطالب بمحاسبته.
فأنقلب سحره الأسود عليه، وانقلب الشارع البريطاني ضد حكومته ، وظهرت أصواتاً تطالب بإسقاط تلك الحكومة المحتضنة لنماذج متطرفة ، وتحققت العدالة الإلهية وتجلت نزاهة مصر وعدالة قضائها وطهارة موقفها في قضية علاء عبد الفتاح الناشط التخريبى ، ومازالت الأقنعة تتساقط ...