بخيت الواحى

الآليات الوطنية لحقوق الإنسان من نقاش نخبوي إلى فهم يهم كل مواطن

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025 05:00 ص


دار نقاش بيني وبين أحد الزملاء حول مقالى السابق الذى تناول أهمية ودور الآليات الوطنية لحقوق الإنسان، وكان تعليقُه في محله حين أشار إلى أن الحديث عن هذه الآليات يظل ناقصًا إذا لم نبدأ بتعريف المواطن العادي بها، حتى لا يبقى الخطاب موجهًا للنخبة أو محصورًا في دوائر المتخصصين. فحقوق الإنسان في جوهرها تخص كل مواطن، وكذلك الآليات التي أُنشئت لحمايتها. ومن خلال عملى وتعمقى فى ملف الآليات الوطنية لاحظت أن المواطن العادى لا يعرف كثيراً عنها رغم ارتباطها المباشر به فهى أنشئت من أجله.

ويُقصد بالآليات الوطنية لحقوق الإنسان تلك الهياكل والمؤسسات والترتيبات التي تنشئها الدولة بموجب الدستور أو القانون، بهدف تعزيز وحماية حقوق الإنسان وضمان احترامها ومتابعة تنفيذ الالتزامات الوطنية والدولية ذات الصلة. وبمعنى أبسط، هي الأدوات التي تستخدمها الدولة للتأكد من أن حقوق المواطن ليست مجرد نصوص مكتوبة، بل واقعًا ملموسًا في حياته اليومية.

ولا تقتصر هذه الآليات على مؤسسة واحدة، بل تشمل منظومة متكاملة تضم المجالس الوطنية المستقلة، والوحدات واللجان الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، ونقاط الاتصال داخل الوزارات والهيئات المختلفة، إلى جانب الجهات المختصة بإعداد التقارير الدولية ومتابعة توصيات الاستعراض الدوري الشامل وتنفيذ الاتفاقيات الدولية الأساسية.

يتمثل الدور الأساسي للآليات الوطنية في رصد أوضاع حقوق الإنسان داخل الدولة، سواء من خلال تلقي شكاوى المواطنين، أو متابعة السياسات العامة، أو مراجعة القوانين والتشريعات، بما يضمن توافقها مع الدستور والمعايير الدولية. كما تعمل هذه الآليات على تقديم التوصيات للجهات المختصة، واقتراح حلول عملية لمعالجة أوجه القصور قبل أن تتحول إلى أزمات أو انتهاكات جسيمة.

تضطلع الآليات الوطنية أيضًا بدور تنسيقي مهم داخل أجهزة الدولة، حيث تسهم في توحيد الجهود بين الجهات المختلفة، وتبادل المعلومات والخبرات، ومنع تضارب الاختصاصات، بما يعزز كفاءة الأداء المؤسسي في ملف حقوق الإنسان، ويحول هذا الملف من استجابات متفرقة إلى سياسة عامة أكثر تنظيمًا وفاعلية.

ولا يقل عن ذلك أهمية دور الآليات الوطنية في بناء القدرات ونشر الوعي، من خلال تدريب العاملين في أجهزة إنفاذ القانون، والموظفين العموميين، والمعلمين، والإعلاميين، على مفاهيم حقوق الإنسان وآليات تطبيقها، بما يسهم في ترسيخ ثقافة احترام الحقوق داخل مؤسسات الدولة والمجتمع.

وعلى الصعيد الدولي، تمثل الآليات الوطنية قناة التواصل الرسمية بين الدولة ومنظومة الأمم المتحدة، حيث تشارك في إعداد التقارير الدورية، ومتابعة تنفيذ التوصيات الدولية، وتقديم صورة واقعية عن الجهود الوطنية في هذا المجال، في إطار حوار يقوم على الشفافية والمسؤولية المشتركة.

إن تبسيط مفهوم الآليات الوطنية لحقوق الإنسان وربطه بحياة المواطن اليومية خطوة أساسية لتحويل حقوق الإنسان من خطاب نخبوي إلى ثقافة عامة. فكلما أدرك المواطن ما هي هذه الآليات، وكيف تعمل، وكيف يمكنه اللجوء إليها، أصبحت حقوقه أكثر حماية، وأصبح المجتمع أكثر وعيًا واستقرارًا.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة