يستغل بعض الخارجين عن القانون شغف عدد من المواطنين بعالم الغيبيات، واعتماد آخرين على الخرافات والشعوذة والدجل، لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة، عبر إيهام ضحاياهم بقدرتهم على حل المشكلات المستعصية، سواء الصحية أو الاجتماعية أو النفسية.
دجالون يمارسون الشعوذة على طريقة الدراما
ويعتمد هؤلاء على أساليب نفسية معقدة، تمزج بين الترهيب وبث الأمل الزائف، لإقناع الضحية بدفع الأموال، في مشهد يعيد إلى الأذهان طرق النصب الشهيرة التي جسدتها السينما المصرية.
ويزعم بعض الدجالين قدرتهم على علاج الأمراض المستعصية، وجلب الرزق، ورد الحبيب، وزواج الفتيات، وفك ما يطلقون عليه “الأعمال” و”المس”، مستغلين ضعف الوعي لدى بعض الفئات، وحالات اليأس التي قد تدفع أصحابها للتشبث بأي وعد، مهما كان واهياً.
ومع الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، وجد هؤلاء في المنصات الرقمية بيئة خصبة لترويج أكاذيبهم، وجذب أعداد أكبر من الضحايا عبر مقاطع فيديو معدة بعناية لإثارة الفضول وزيادة نسب المشاهدة.
وفي إطار مواجهة هذه الظاهرة، كثفت أجهزة وزارة الداخلية جهودها لملاحقة ممارسي الدجل والشعوذة، خاصة من يستخدمون الفضاء الإلكتروني كوسيلة للنصب.
الداخلية تلاحق دجال ادعى قدرته على معرفة الغيب
ورصدت الإدارة العامة لحماية الآداب بقطاع الشرطة المتخصصة نشاط أحد صناع المحتوى، بعد نشره مقاطع فيديو عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، ادعى خلالها ممارسته لأعمال الدجل وقدرته على معرفة الغيب، في محاولة لاستدراج المواطنين والحصول على أموالهم.
وبعد تقنين الإجراءات، تمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد وضبط القائم على إدارة الصفحة، أثناء تواجده بدائرة قسم شرطة سيدي جابر بمحافظة الإسكندرية.
وعُثر بحوزته على هاتفين محمولين، وبفحصهما تبين احتواؤهما على دلائل رقمية تؤكد نشاطه الإجرامي، وتواصله مع متابعين بغرض تحقيق أرباح مالية من خلال الإيهام بقدرات خارقة. وبمواجهته، أقر بقيامه بتصوير ونشر تلك المقاطع لزيادة نسب المشاهدة وجني أرباح مادية، دون امتلاكه أي مؤهلات أو أسس حقيقية لما يروج له.
ضبط دجال زعم قدرته على استخراج الجن من السيدات
وفي واقعة أخرى، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على شخص ظهر في مقطع فيديو متداول، ادعى خلاله قدرته على استخراج الجن من جسد سيدة، وظهر وهو يضع يده على جسدها بشكل غير لائق، ما أثار موجة من الغضب والاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي. وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية أن الفيديو قديم، وتم تصويره خلال شهر أبريل الماضي، قبل أن يعاد تداوله مؤخراً على نطاق واسع.
وأوضحت التحريات أن الشخص الظاهر في الفيديو يقيم بإحدى قرى مركز المنصورة، وأنه معروف في محيطه بممارسة هذه الأفعال، بزعم علاج من يعانون مما يسميه “المس الشيطاني”. كما تبين أن السيدة التي ظهرت في المقطع كانت تعاني من أزمة نفسية، واعتقدت وأسرتها أن هناك من قام بعمل يمنعها من الإنجاب، ما دفعهم للاستعانة بالمتهم، أملاً في إنهاء معاناتها وعودتها إلى حياتها الطبيعية.
خبراء أمنيون يشيدون بجهود الداخلية في ملاحقة الدجالين
وأشاد خبراء أمنيون بالتحرك السريع والحاسم من جانب أجهزة الشرطة، مؤكدين أن التصدي لمثل هذه الجرائم لا يقتصر على حماية الضحايا من النصب فقط، بل يمتد إلى الحفاظ على القيم المجتمعية، ومنع استغلال الدين والمعتقدات في تحقيق مكاسب غير مشروعة.
وأشاروا إلى أن مواجهة الخرافات تتطلب، إلى جانب الجهد الأمني، رفع مستوى الوعي المجتمعي، وتشجيع المواطنين على اللجوء إلى الجهات المختصة والأطباء والمتخصصين بدلاً من الوقوع فريسة للدجالين.
عقوبات صارمة ورادعة للدجالين والمشعوذين
القانون المصري يجرم صراحة أفعال النصب والاحتيال، ويعاقب كل من يستولي على أموال الغير بالاحتيال أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
كما يعاقب القانون على ممارسة أعمال الدجل والشعوذة إذا اقترنت بالنصب أو خداع المواطنين، فضلاً عن الجرائم المرتبطة بالاعتداء على القيم الأسرية أو استغلال الجسد دون وجه حق. وتصل العقوبات في مثل هذه القضايا إلى الحبس والغرامة، مع مصادرة الأدوات المستخدمة في الجريمة، وإغلاق الصفحات أو الحسابات التي استُخدمت في الترويج لهذا النشاط، في إطار سياسة الدولة الرامية إلى حماية المجتمع من جرائم الاحتيال المعنوي والمالي.
وأكدت وزارة الداخلية استمرار جهودها في رصد وملاحقة كل من تسول له نفسه استغلال المواطنين، سواء عبر الواقع أو من خلال المنصات الرقمية، مع دعوة المواطنين إلى عدم الانسياق وراء الادعاءات الوهمية، والإبلاغ عن أي محتوى مشبوه، حفاظاً على أمن المجتمع وسلامته.

القبض على متهم

متهم بالشعوذة والسحر

متهم