أوروبا على مفترق طرق السيارات.. انقسام حاد حول حظر محركات الوقود فى 2035.. ألمانيا وإيطاليا تطالبان بالتأجيل خوفًا على الصناعة والوظائف.. وفرنسا وإسبانيا تتمسكان بالكهرباء دفاعًا عن المناخ والريادة الأوروبية

الخميس، 18 ديسمبر 2025 04:00 ص
أوروبا على مفترق طرق السيارات.. انقسام حاد حول حظر محركات الوقود فى 2035.. ألمانيا وإيطاليا تطالبان بالتأجيل خوفًا على الصناعة والوظائف.. وفرنسا وإسبانيا تتمسكان بالكهرباء دفاعًا عن المناخ والريادة الأوروبية السيارات الكهربائية - أرشيفية

فاطمة شوقى

تشهد أوروبا جدلاً واسعًا حول خطة الاتحاد الأوروبى لوقف بيع السيارات الجديدة المزودة بمحركات الاحتراق الداخلى بحلول عام 2035، فى خطوة تهدف إلى تعزيز التحول نحو السيارات الكهربائية وخفض الانبعاثات الكربونية،  ومع ذلك، تواجه هذه الخطة موجة من الضغوط والتحديات من بعض الدول الأعضاء، مما أدى إلى ظهور انقسام حاد داخل الاتحاد الأوروبى حول أفضل الطرق لتحقيق هذا الهدف البيئى الطموح.

 

ألمانيا وإيطاليا تدفعان للتأجيل خوفا على الصناعة

من جانبها، تدفع ألمانيا وإيطاليا وبعض الدول المنتجة للسيارات نحو تعديل الجدول الزمني، بهدف منح شركات السيارات مزيدًا من الوقت للتكيف مع التحول. حيث تخشى هذه الدول من الخسائر المالية الكبيرة التى قد تتكبدها الشركات إذا فُرضت القيود على السيارات التقليدية فى الموعد المحدد، خاصة مع المنافسة العالمية الشرسة من شركات السيارات الكهربائية الصينية وأمريكا الشمالية. كما تحذر هذه الدول من تأثير هذه السياسات على الوظائف فى قطاع التصنيع، الذى يعتبر ركيزة اقتصادية حيوية لاقتصاداتها.

 

فرنسا وإسبانيا تدافع عن السيارات الكهربائية

فى المقابل، تعارض فرنسا، الدول الإسكندنافية، وإسبانيا أى تخفيف للقواعد، معتبرة أن أى تأجيل قد يضعف الجهود الأوروبية لمواجهة التغير المناخى ويؤخر الابتكار في صناعة السيارات الكهربائية. هذه الدول ترى أن المستثمرين فى صناعة السيارات الكهربائية قد يتضررون من أى تراجع عن الالتزام بالجدول الزمني، ما يقلل من الطلب على السيارات الكهربائية ويضعف المنافسة الأوروبية فى السوق العالمي.

 

سيناريوهات عدة لمستقبل السيارات الكهربائية

الانقسام الأوروبى يظهر جليًا فى الاجتماعات الأخيرة للاتحاد، حيث تم اقتراح عدة سيناريوهات، من بينها تأجيل القيود خمس سنوات، أو تخفيفها تدريجيًا، أو الإبقاء على الحظر الكامل كما هو. وبينما يعتبر بعض المسؤولين أن المرونة ضرورية لتجنب الصدمات الاقتصادية والسياسية، يحذر آخرون من أن أى تراجع طويل الأمد قد يجعل أوروبا متخلفة تقنيًا مقارنة بالشركات الرائدة فى السيارات الكهربائية، مثل تسلا ومنافسيها الصينيين.

 

تحديات اجتماعية وبيئية

هذا الجدل ليس مجرد صراع سياسى أو اقتصادي، بل يعكس أيضًا التحديات الاجتماعية والبيئية. فمع استمرار ارتفاع تكاليف السيارات الكهربائية، لا تزال العديد من الأسر الأوروبية تعتبر هذه السيارات خيارًا باهظ الثمن، مما يزيد من تعقيد تطبيق السياسات البيئية على أرض الواقع. إضافة إلى ذلك، يتعرض صانعو السيارات والموردون الصغار لضغوط متزايدة، إذ يعتمد جزء كبير من عائداتهم على صناعة المحركات التقليدية، وإذا لم تتم إدارة التحول بعناية، فقد يؤدى ذلك إلى فقدان آلاف الوظائف وإغلاق شركات صغيرة.

 

خفض الانبعاثات الكربونية ابرز الأهداف

الجدل يظهر أيضًا التوتر بين الأهداف المناخية والطموحات الصناعية. فمن جهة، تريد بروكسل تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الصارمة لتعزيز مكانة الاتحاد الأوروبى فى مكافحة التغير المناخى عالميًا، ومن جهة أخرى، تخشى الدول الكبرى من أن يؤدى التسرع فى تطبيق هذه السياسات إلى الإضرار بمنافستها الصناعية. هذا الانقسام يعكس حقيقة أن الانتقال إلى السيارات الكهربائية ليس مسألة بيئية فقط، بل مسألة اقتصادية وسياسية واجتماعية معقدة.

 

فى الوقت الحالى، ينتظر الجميع الإعلان الرسمي للاتحاد الأوروبى حول أى تعديلات على خطة 2035، وسط ترقب كبير من الشركات والمستثمرين. بينما تعتبر بعض الدول أن أى تعديل سيعطى فرصة لإعادة تخطيط الاستثمارات وتفادى المخاطر، يرى آخرون أن أى مرونة مطولة قد تؤدى إلى فقدان الريادة الأوروبية فى تكنولوجيا السيارات الكهربائية وتزايد التحديات المناخية.


فى النهاية، يبقى التحدى الأكبر هو كيفية الموازنة بين حماية البيئة وضمان استدامة الصناعة وحقوق العمال، مع المحافظة على القدرة التنافسية الأوروبية فى سوق عالمي سريع التطور. سيظل هذا الانقسام الأوروبى محور النقاش فى الأشهر القادمة، مع تأثير كبير على مستقبل السيارات الكهربائية فى القارة وسمعة أوروبا كقوة صناعية صديقة للبيئة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة