حذر قادة دول الجناح الشرقي للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، من أن روسيا "تسعى إلى إنشاء (منطقة عازلة) جغرافية تمتد من منطقة القطب الشمالي مروراً ببحري البلطيق والأسود وصولاً إلى البحر المتوسط، في إطار ما وصفوه بأهداف استراتيجية روسية طويلة الأمد تهدد الأمن والاستقرار الأوروبيين".
جاء هذا التحذير في بيان مشترك صدر عقب استضافة العاصمة الفنلندية هلسنكي، اليوم الثلاثاء، أول قمة لدول الجناح الشرقي، بمشاركة قادة بولندا وفنلندا والسويد ودول البلطيق وبلغاريا ورومانيا، في ظل مفاوضات سلام جارية تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وأكد القادة أن المحادثات ركزت على الأمن الإقليمي في سياق ما وصفوه بـ "التهديد العميق والمستمر" الذي تمثله روسيا للأمن والاستقرار في أوروبا، مشيرين إلى أن البيئة الأمنية في القارة «تغيرت بشكل جذري».
ووصف البيان المشترك روسيا بأنها "أخطر تهديد مباشر وطويل الأمد لأمننا"، مؤكداً أن أهداف موسكو الاستراتيجية لم تتغير، وتتمثل في "إقامة منطقة عازلة تمتد من القطب الشمالي عبر بحر البلطيق والبحر الأسود وصولاً إلى البحر المتوسط".
وأضاف البيان أن الجناح الشرقي للاتحاد الأوروبي والناتو يقع في مقدمة هذا "التهديد"، إلا أن آثاره "تطال كامل القارة الأوروبية، ما يستدعي تحركاً عاجلاً ومنسقاً على المستوى القاري".
واعتبر المشاركون في القمة أن اجتماع هلسنكي "يمثل انطلاقة لتجمع دولي جديد يمتد من أقصى شمال أوروبا إلى جنوبها، على أن تتولى بولندا وفنلندا قيادة هذا الإطار، بحسب ما أعلنه قادة البلدين".
وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك؛ إن "أوروبا أدركت أخيراً أن حماية حدودها الشرقية مسؤولية مشتركة"، مشدداً على أن الأمر لا يقتصر على بولندا أو فنلندا أو ليتوانيا وحدها، بل يمثل واجباً أوروبياً جماعياً.
من جانبه، أوضح رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو أنه دعا الحلفاء إلى هلسنكي لأن "أوروبا تواجه بعضاً من أخطر وأكثر الأسئلة الوجودية في عصرنا"، معتبراً أن القمة تشكل "لحظة تاريخية" في تعزيز دفاع وأمن كل من الاتحاد الأوروبي والناتو، وتحمل "رسالة واضحة وموحدة".
وشدد القادة، في بيانهم، على أن الناتو يظل الركيزة الأساسية للأمن الإقليمي، مع التأكيد في الوقت ذاته على ضرورة التنسيق الوثيق مع المبادرات الدفاعية «المكملة» التي يطلقها الاتحاد الأوروبي.
وأكد البيان أن "التكامل بين الناتو والاتحاد الأوروبي ليس خياراً، بل ضرورة استراتيجية"، مشيراً إلى عدد من المشاريع التي تعزز هذا التكامل، من بينها مشروع "الدرع الشرقي" البولندي لتعزيز الحدود مع بيلاروس ومنطقة كالينينغراد الروسية، إضافة إلى "خط الدفاع البلطيقي" الذي تطوره إستونيا ولاتفيا وليتوانيا على حدودها مع روسيا وبيلاروس.
كما أشار القادة إلى مبادرة "مراقبة الجناح الشرقي" التابعة للاتحاد الأوروبي، وهي مشروع دفاعي أوروبي واسع النطاق اقترحته المفوضية الأوروبية ضمن "خريطة طريق الجاهزية الدفاعية 2030"، باعتبارها عنصراً أساسياً في دعم جهود الناتو.
كما أكد البيان ضرورة إعطاء الأولوية لهذه الخطط وتسريع تنفيذها لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة، مشدداً على أن "تعزيز الجناح الشرقي بشكل متماسك من الشمال إلى الجنوب يتطلب قوات وقدرات قوية عبر جميع المجالات، البرية والجوية والبحرية، إضافة إلى الفضاءين السيبراني والفضائي".