نجح فريق من الباحثين الهنود في تطوير إطار عمل مدعوم بـ الذكاء الاصطناعي يحمل اسم OncoMark، يُقدّم مقاربة غير مسبوقة لفهم السرطان من الداخل، عبر تحليل العمليات الجزيئية العميقة التي تمكّن الخلايا السرطانية من النمو والبقاء والانتشار، وفقا لموقع تايمز ناو.

تقنية جديدة لعلاج السرطان
الدراسة، التي نُشرت في مجلة Communications Biology تمثل خطوة مهمة نحو علاج أكثر دقة وتخصيصًا لـ مرضى السرطان، بعيدًا عن الاعتماد الحصري على حجم الورم أو موقعه.
لماذا لا يكفي قياس حجم الورم؟
يركز التشخيص السريري التقليدي للسرطان على عوامل ظاهرة مثل:
- حجم الورم
- موقعه
- مدى انتشاره في الجسم
ورغم أهمية هذه المؤشرات، إلا أنها لا تكشف ما يحدث داخل الخلايا على المستوى الجزيئي، وهو المستوى الذي يحدد سلوك السرطان الحقيقي، ومدى شراسته، وقدرته على مقاومة العلاج.
وهنا يأتي دور OncoMark، الذي يتجاوز المظهر الخارجي للورم، ليحلل الآليات البيولوجية الخفية التي تُحوّل الخلية السليمة إلى خلية سرطانية.
السمات المميزة للسرطان.. جوهر المرض الحقيقي
يشير الباحثون إلى ما يُعرف بـ "السمات المميزة للسرطان"، وهي الخصائص البيولوجية الأساسية التي تم تحديدها لأول مرة عام 2011، والتي تشمل:
- النمو الخلوي غير المنضبط
- تجنب الموت الخلوي المبرمج
- غزو الأنسجة المجاورة
- التهرب من الجهاز المناعي
- مقاومة العلاجات
في البداية، تم تحديد ست سمات رئيسية، لكن الأبحاث اللاحقة رفعت العدد إلى عشر سمات، تمثل جوهر السلوك السرطاني، هذه التغيرات الجزيئية تحدث قبل وقت طويل من ظهور الورم في الفحوصات الإشعاعية، ما يجعل اكتشافها مبكرًا أمرًا بالغ الأهمية.
كيف يعمل OncoMark؟
يعتمد إطار العمل OncoMark على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الجينية، حيث:
- تم تدريب النموذج على بيانات جينية من 3.1 مليون خلية سرطانية
- شملت البيانات 14 نوعًا مختلفًا من السرطان
- حلّل النموذج كيفية تفاعل السمات السرطانية معًا لدعم نمو الورم ومقاومته للعلاج
كيف نجح الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأورام بدقة 96%؟
وخلال الاختبارات، تم تقييم النظام على خمس مجموعات بيانات مستقلة، وحقق:
- دقة لا تقل عن 96%
- قدرة عالية على التنبؤ بشراسة الورم
- تقدير احتمالات الانتشار ومقاومة العلاج
ويُنشئ OncoMark ملفًا جزيئيًا تفصيليًا للورم، يحدد مستوى نشاط كل سمة من السمات السرطانية.
نحو علاج أكثر تخصيصًا لمرضى السرطان
يمثل OncoMark نقلة نوعية في مفهوم العلاج، حيث:
- لا يكتفي الأطباء بملاحظة الورم ظاهريًا
- يعتمدون على البصمة الجزيئية الفعلية للسرطان
- يتم تصميم خطة علاجية مناسبة لكل مريض على حدة
هذا النهج قد يساعد في:
- تحسين نتائج العلاج
- تقليل التعرض لعلاجات غير ضرورية
- اختيار العلاجات الأكثر فاعلية منذ البداية
وهو ما ينسجم مع مفهوم الطب الدقيق (Precision Medicine) الذي يزداد اعتمادًا عالميًا.
ماذا بعد OncoMark؟
يخطط فريق البحث إلى:
- دمج OncoMark في الممارسة السريرية اليومية
- تمكين أطباء الأورام من استخدامه مباشرة في تقييم المرضى
توسيع نطاقه ليشمل:
- سرطانات الدم
- أنواع السرطان النادرة
- الحالات التي تختلف عن الأورام الصلبة التقليدية
ورغم أن التقنية لا تزال في مرحلة التطوير، إلا أنها تمثل خطوة مفصلية نحو مستقبل يعتمد فيه علاج السرطان على فهم استراتيجيات البقاء الجزيئية للورم، وليس فقط على شكله الخارجي.
مستقبل علاج السرطان
مع استمرار تطوير أدوات مثل OncoMark، يتجه الطب نحو عصر:
- أكثر دقة
- أكثر تخصيصًا
- أقل عشوائية في اختيار العلاج
وقد تمهد هذه التقنية الطريق لجيل جديد من علاجات السرطان التي تستهدف نقطة ضعف الورم الحقيقية، ما يمنح المرضى فرصًا أفضل للشفاء وجودة حياة أعلى.