أوروبا على حافة صيف لا ينتهى.. دراسة صادمة تتوقع إضافة 42 يوما للنار المتصاعدة بحلول 2100.. القطب الشمالى يذوب بأربع مرات أسرع.. الفصول تنقلب.. والزراعة والصحة والبيئة أمام كارثة حرارية تقترب بسرعة مرعبة

الأربعاء، 10 ديسمبر 2025 06:00 ص
أوروبا على حافة صيف لا ينتهى.. دراسة صادمة تتوقع إضافة 42 يوما للنار المتصاعدة بحلول 2100.. القطب الشمالى يذوب بأربع مرات أسرع.. الفصول تنقلب.. والزراعة والصحة والبيئة أمام كارثة حرارية تقترب بسرعة مرعبة الاحتباس الحرارى يؤدى إلى ذوبان الجليد

فاطمة شوقى

تنبئ دراسة أوروبية حديثة، نشرتها صحيفة لابانجورديا الإسبانية، بأن القارة العجوز على موعد مع صيف أطول وأكثر حرارة، قد يمتد إلى 42 يومًا إضافيًا بحلول عام 2100. وتستند الدراسة إلى تحليل الرواسب الطينية في البحيرات الأوروبية على مدى عشرة آلاف عام، وهو نهج علمي مبتكر يسمح للباحثين بقراءة تاريخ المناخ كما لو كان كتابًا مفتوحًا، مع تحديد دقيق لفترات الحرارة والبرودة على مر العصور.

 

التاريخ يُعيد نفسه.. ولكن بشكل مختلف

تُظهر نتائج الدراسة أن فصول الصيف في أوروبا كانت في الماضي أطول بكثير مما هي عليه اليوم، إذ تشير البيانات إلى أنه قبل حوالي 6,000 عام، استمر الصيف نحو ثمانية أشهر، نتيجة التغيرات الطبيعية في الانحدار الحراري بين القطب الشمالي وخط الاستواء، هذا الانحدار الحراري هو العامل الأساسي الذي يتحكم في حركة الرياح وتشكيل الفصول، وهو الذي جعل القارة تعيش صيفًا طويلًا بشكل طبيعي.

ما يميز الوضع الحالي، بحسب الباحثة الإسبانية سيليا مارتن بويرتاس من قسم الجغرافيا في جامعة Royal Holloway، هو أن التغيرات التي يشهدها الانحدار الحراري الآن تأتي نتيجة النشاط البشري، خاصة انبعاث الغازات الدفيئة وتسريع ذوبان الجليد في القطب الشمالي. وتشير الدراسة إلى أن هذا التسارع في الاحتباس الحراري يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل يصل إلى أربعة أضعاف المتوسط العالمي، وهو ما يخفف الفارق الحراري بين القطبين ويؤدي إلى صيف أطول وأكثر حرارة في أوروبا.

 

الصيف الأوروبي يزداد 6 أيام لكل درجة حرارة إضافية

تشير الدراسة إلى أن كل انخفاض بدرجة مئوية في الانحدار الحراري بين خطوط العرض يؤدي إلى إضافة نحو ستة أيام إضافية لفصل الصيف. وإذا استمر هذا الاتجاه وفقًا لنماذج المحاكاة المناخية الحالية، قد يصل الصيف الأوروبي بحلول نهاية القرن إلى أطول بفارق 42 يومًا، وهو أمر لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث. هذه التغيرات السريعة تتحدى الدورة الطبيعية للفصول، وتطرح تساؤلات جدية حول مستقبل الزراعة، والصحة العامة، والبيئات الطبيعية في القارة.

 

الانحدار الحراري بين خطوط العرض: مفتاح فهم الطقس الأوروبي

الانحدار الحراري بين خطوط العرض (GTI) هو الفرق في درجات الحرارة بين المناطق القطبية والمناطق الاستوائية. في أوروبا، يلعب هذا الانحدار دورًا محوريًا في تحديد طبيعة الفصول: الانحدار القوي يؤدي إلى فصل الشتاء البارد والصيف المعتدل، بينما الانحدار الضعيف يطيل الصيف ويجعل الشتاء أكثر دفئًا. ومع استمرار ظاهرة التضخيم القطبي، فإن أوروبا أمام فصل صيف طويل، وشتاء أخف، وهو ما يطرح تحديات بيئية واجتماعية هائلة.

 

الرواسب الطينية: سجلات طبيعية تكشف التاريخ المناخي

تُعد الرواسب الطينية في قاع البحيرات الأوروبية سجلات طبيعية مهمة لفهم المناخ على مر آلاف السنين. إذ تتراكم طبقات من الطين، وحبوب اللقاح، والكائنات الدقيقة التي تعكس ظروف البيئة في كل فصل. باستخدام تقنيات مثل تحليل الكربون المشع ودراسة الحفريات، تمكن الباحثون من إعادة بناء صورة دقيقة لدرجات الحرارة والهطول والفصول على مدى آلاف السنين، مما يسمح بمقارنة الظروف الطبيعية القديمة مع تأثيرات النشاط البشري المعاصر.

 

آثار الصيف الطويل على أوروبا

إطالة فترة الصيف بهذه الوتيرة لن تكون مجرد تغيير طفيف في التقويم، بل ستحمل آثارًا واسعة على جميع جوانب الحياة. الزراعة ستواجه تحديات كبيرة، مع موجات حر أطول قد تؤثر على إنتاج المحاصيل، بينما ستزداد مخاطر الحرائق والغابات الجافة. أما الصحة العامة، فستكون مهددة بموجات حر أكثر حدة، ما يزيد من حالات الأمراض المرتبطة بالحرارة، ويضاعف الضغط على البنية التحتية الصحية. النظام البيئي أيضًا لن يكون بمنأى، حيث قد تتأثر الأنواع النباتية والحيوانية بالحرارة الممتدة والجفاف المصاحب.

 

أهمية الدراسة للمستقبل

تشير الباحثة سيليا مارتن بويرتاس إلى أن تحليل الرواسب الطينية وفهم الانحدار الحراري بين خطوط العرض يساعد صانعي السياسات على التنبؤ بالمستقبل واتخاذ إجراءات للتكيف مع التغيرات المناخية. فالتاريخ يوفر إطارًا حقيقيًا لمواجهة المخاطر، بينما تتيح النماذج المناخية المتقدمة تخطيطًا استباقيًا للتحديات التي قد تواجه أوروبا في العقود المقبلة.

وتضع الدراسة الأوروبية الأخيرة أوروبا أمام صيف أطول وأكثر حرارة لم يسبق له مثيل، مع آثار متوقعة على الزراعة، الصحة، البيئة، والمجتمع. ومن خلال فهم التاريخ المناخي والتحولات الطبيعية والبشرية، يمكن للقارة إعداد استراتيجيات للتكيف، لكن السرعة والحدة التي تحدث بها هذه التغيرات تجعل من الضروري اتخاذ تدابير عاجلة للحفاظ على التوازن بين الإنسان والطبيعة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة