كانت ألعاب المصارعة الرومانية مختلفة تمامًا عن الألعاب الأولمبية والعروض المسرحية التي اشتهر بها الإغريق، ومع ذلك لعب اليونانيون دورًا بارزًا في إعداد المصارعين لخوض تلك المنافسات العنيفة.
فبعد أن أصبحت الدول والمدن اليونانية جزءًا من الإمبراطورية الرومانية، سرعان ما أثبت الإغريق أنفسهم في مجالات عديدة، إذ استعان الأرستقراطيون الرومان بالفلاسفة والخطباء اليونانيين لتعليم أبنائهم، كما استفاد التجار اليونانيون من فترة "السلام الروماني" أو باكس رومانا لتوسيع نشاطهم التجارى، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع جريك ريبوت.
أما الرياضيون والأطباء اليونانيون فقد وجدوا في الحكم الروماني فرصًا جديدة؛ إذ احتاج المصارعون إلى تدريب متقن وعناية طبية متخصصة، وكان الإغريق يمتلكون الخبرة الكافية لتقديم ذلك.
ألعاب المصارعين
كان المصارعون مقاتلين مدججين بالسلاح يقدمون عروضا قتالية أمام جماهير ضخمة في الجمهورية والإمبراطورية الرومانية، كان معظمهم من العبيد الذين أجبروا على القتال، بينما تطوع بعضهم لهذه المهنة، وكان القتال أحيانًا ينتهي بالموت تحت أنظار المتفرجين.
تنوّعت فئات المصارعين بحسب أسلحتهم وطريقة قتالهم؛ فالمورميلو مثلًا كان يقاتل بسيف قصير (جلاديوس) ويحمل درعًا كبيرًا (سكوتوم) ويرتدي خوذة وواقي ذراع وواقٍ للساق، في المقابل، كان "المصارع الشبكي" أخف تسليحا، يستخدم رمحًا ذا ثلاث شعب وشبكة للإيقاع بخصمه، وظهرت كذلك فئة المصارعين المتخصصين في مواجهة الحيوانات المفترسة والوحوش البرية.
تدريب المصارعين
كان المصارعون يعيشون ويتدرّبون في مدارس خاصة تعرف باسم "لودوس"، وكان التدريب يركز على نوع القتال المخصص لكل مصارع، مع استخدام أسلحة خشبية ثقيلة للتدرب بدلا من تلك الحادة التي تستعمل في النزالات الحقيقية.
بعد توسع النفوذ الروماني في العالم الهيليني، انتقلت عناصر كثيرة من الثقافة اليونانية إلى المجتمع الروماني، فقد تبنى الرومان بعض جوانب الألعاب الأولمبية، وغالبًا ما كان الرياضيون اليونانيون يشرفون على تدريب أبناء العائلات الثرية أو العمل في الحمامات العامة، وفي بعض الأحيان شارك هؤلاء الرياضيون في تدريب المصارعين أنفسهم، في دور يشبه إلى حد بعيد دور مدربي القوة واللياقة البدنية في العصر الحديث.
لقد أمضى الإغريق قرونًا في تطوير أساليب التدريب البدني استعدادًا للألعاب الكبرى، مما جعل مدربيهم الأنسب لتأهيل المصارعين، ووفقًا للفيلسوف اليوناني لوسيوس فلافيوس فيلوستراتوس، الذي عاش في القرنين الثاني والثالث الميلاديين، اعتمد المصارعون برنامج تدريب يونانيًا يدعى "تيتراس"، وهو نظام رباعي الأيام يتضمن يومًا للتحضير، ويومًا للتدريب المكثّف، ويومًا للاسترخاء، ويومًا للتمرين متوسط أو شديد القوة.
الرعاية الطبية
كانت مواجهات المصارعة خطيرة بطبيعتها، وغالبا ما تطلبت جروح المقاتلين علاجا فوريا، كما اتبع المصارعون أنظمة غذائية صارمة، تشبه ما يلتزم به الرياضيون المحترفون اليوم، وتعد كتابات الطبيب والفيلسوف اليوناني جالينوس (129–216م) المصدر الأهم لفهم طبيعة العناية الطبية والبرامج الغذائية التى خصصت للمصارعين في تلك الفترة.