فقدان السند.. تفاقم معاناة الأطفال الأيتام بغزة مع الوحدة بعد استشهاد أسرهم.. المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان: 50 ألف طفل فقد ذويه خلال الحرب.. ومؤسسة لرعاية الأيتام: الحرب دفعت بأعداد مهولة من الصغار للضياع

الإثنين، 01 ديسمبر 2025 11:00 م
فقدان السند.. تفاقم معاناة الأطفال الأيتام بغزة مع الوحدة بعد استشهاد أسرهم.. المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان: 50 ألف طفل فقد ذويه خلال الحرب.. ومؤسسة لرعاية الأيتام: الحرب دفعت بأعداد مهولة من الصغار للضياع الأطفال غير المصحوبين في غزة

أعد الملف/ أحمد جمال الدين - أحمد عرفة

مدير مركز لرعاية الأيتام: نحتاج مدنا كاملة لاستيعاب الأطفال الأيتام  

مركز الإحصاء الفلسطينى أكثر من 2172 عائلة بغزة مسحت كليًا من السجل المدني

منظمة أهلية: 39 ألف طفل فقدوا أحد والديهم  و17 ألف طفل حرموا من الأب والأم معا


كانوا يعيشون وسط أسرهم آمنين متمتعين بحب والديهم محاطين برعايتهم لا يعرفون عن العالم إلا فناء اللعب أو مدراسهم التى يرسمون ويخطون من خلالها مستقبلهم ولكن فجأة انقلبت حياتهم رأسا على عقب وتبدلت بهم الأحوال فى عامين فقط تسارعت بهم السنوات وشاهدوا الويلات وتجرعوا مرارة الفقد  هم أيتام غزة المقدر عددهم بأكثر من 56 ألف يتيم فقدوا أسرهم  خلال حرب الإبادة التى شنها الكيان الصهيونى خلال عامين كاملين على قطاع غزة وأهله العزل فلم يرحم طفلا صغيرا أو كهلا ولم يتمر الحجر فالكل مصيره القتل أو الهدم والتحطيم ما دام ينتمى لهذه البقعة وهى أرض غزة.

هنا نتحدث عن الأطفال الذين قدر لهم أن يواجهوا  هذه ظروف الحرب والمعاناة مع النزوح المتتالى ونقص الطعام والملابس والرعايا الصحية وانهيار المرافق والمؤسسات باختلاف أنواعها بمفردهم بعد فقد الأهل والسند وهم ما يطلق عليهم الأطفال غير المصحوبين، أو بحسب ما تعرفهم المادة (1) من لجنة حقوق الطفل"،وهم الأطفال دون سن الرشد والمنفصلين عن كلا الأبوين وعن أقربائهم الأخرين والذين لا يقوم على رعايتهم راشد مسؤول بحكم القانون أو العرف وغالبا ما يكون سبب انفصالهم عن ذوييهم بسبب الهجرة أو حركة النزوح الاجباري من مكان الى أخر بدون صحبة ذويهم، بالإضافة إلى الأطفال الفاقدين لذويهم"أيتام الحرب" وهم الأطفال الذين فقدوا والديهم بسبب الحرب أو النزاع المسلح.

وعلى الرغم إقرار العديد من الحقوق المتنوعة التى اقرتها العديد من الأتفاقات الدولية اتفاقية الدولية ومنها لهؤلاء الأطفال "غير المصحوبين" ومنها الحق فى الرعاية الصحية، والاجتماعية، والأسر البديلة،والحق فى التعليم  وعدم تحمل تبعات الحرب إلا أن  هذه التعليمات والاتفاقيات على الرغم من أنها تنطوى على معانى سامية إلا أن الكيان الصهيوني لم يعبأ بها وتم دهسها أسفل جنازير الدبابات أو من خلال استهداف المدنيين حيث وصل عدد لأكثرمن 70 ألف شهيد و172 ألف مصاب وأكثر من  50000 ألف  طفل من الأيتام  وأكثر من 20 ألف طفل شهيد و650 ألف طفل رضيع مهددون بالإضافة إلى سجل الضحايا بسبب الجوع الكامل بعد محاصرة ومنع وصول المواد الغذائية الطبية لهم   .

 

بلا عائلة

ووسط الركام الذي غطى حيا كاملا بعد قصف عنيف استهدف منزل أسرة والدتها، كانت الطفلة ديما أمين أبو شكيان تكافح للبقاء، فلم تكن تتجاوز سنوات عمرها القليلة حين خرجت من تحت الأنقاض بجروح بالغة في الرأس وإصابات خطيرة حرمتها القدرة على المشي، وهددت قدميها بالبتر.
 

ديما أبو شكيان
ديما أبو شكيان


نجت ديما وحدها، بينما فقدت في ذلك اليوم والدتها وأخواتها الأربع دفعة واحدة، لتبدأ رحلتها الجديدة داخل خيمة صغيرة احتضنتها فيها عمتها، وتحوّلت إلى ملاذها الوحيد بعد أن عجز الأطباء عن علاجها بسبب نقص الإمكانات الطبية في غزة.

وتروي العمة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" تفاصيل تلك اللحظات التي لم تمح من ذاكرتها: "الاستهداف كان في 23 أكتوبر، حيث انهدم البيت على أهل أم ديما بالكامل، واستشهدت أمها وأخواتها الأربعة، وبعد ثمان ساعات من الحفر والبحث خرجت ديما من تحت الركام، كانت بين الحياة والموت."

ديما أبو شكيان وأسرتها
ديما أبو شكيان وأسرتها

 

تكشف العمة جانبًا من الإصابات القاسية التي لحقت بالطفلة، قائلة: "أصيبت ديما بإصابات بالغة؛ قطع في أعصاب الرجلين والأوتار، إصابة خطيرة في الرأس، حروق في الجسد، وكسر في الحوض."

ورغم صعوبة حالتها، ظل والدها إلى جانبها طوال مرحلة العلاج الأولية، قبل أن تنتقل للإقامة مع عمتها خلال فترة التعافي البطيء والمؤلم.

تتابع العمة: "ديما دخلت في غيبوبة ثلاث أو أربع شهور، وتألمت كثيرًا، وأنا وأبوها كنا معها خطوة بخطوة، وبعدها عاشت عندي عندما بدأت تتعافى، لكن كانت لا تستطيع المشي، ورأسها كان بها مشكلة كبيرة."

وبينما كانت ديما تستعيد ببطء قدرتها على الإحساس بما حولها، جاءها فقد جديد لم تستطع طفولتها تحمله، وهو ما تذكره عمتها :" أبوها استشهد في 8 أكتوبر 2024، وهذا جعل الطفلة تعيش الوجع مرتين، فقدت أمها وأخواتها أولا، وبعدها أبوها، صارت الناجية الوحيدة من العائلة كلها."

اليوم، تعيش ديما وحيدة، تحارب الألم بابتسامة طفلة لم يبق لها من العالم سوى عمتها وذاكرة مثقلة بالخسائر، بينما تبقى قصتها واحدة من آلاف القصص التي تختصر حجم المأساة التي يعيشها أطفال غزة.

وحيدا من أسفل الركام
 

في أحد أركان مستشفيات غزة، يستلقي الطفل يزن مصلح، ابن الخمس سنوات، بجسد صغير يحمل ما يفوق قدرة البشر على الاحتمال، خاصة أن الطفل هو الناجي الوحيد من عائلته بعد أن فقد والدته ووالده وشقيقه في قصف إسرائيلي وحشي لم يبق له سوى الذاكرة المثقوبة والوجع الذي يسكن رأسه.

أصيب يزن بشظية اخترقت جمجمته، مسببة كسورا خطيرة وتهتكا واسعا دفع الأطباء إلى استئصال جزء من الجمجمة، تاركة خلفها تشوّهًا واضحًا يروي حجم الكارثة التي عاشها.

يزن مصلح
يزن مصلح


الأمر لم يقف عند هذا الحد؛ فاليوم يعاني الطفل الفلسطيني من شلل نصفي، وفقدان للذاكرة والسمع والنطق، إضافة إلى التهابات وتقرحات حادة وارتفاع مستمر في الحرارة وتشنجات متكررة، تجعل حالته الصحية في تدهور متواصل.

الفريق المعالج له أكد أن وضعه بالغ الخطورة، حيث يحتاج إلى تحويل عاجل للعلاج خارج القطاع لإجراء عمليات ترميم وزراعة جمجمة في أسرع وقت ممكن لإنقاذ حياته.

يزن الطفل الذي بترت عائلته من حوله وبقي وحيدا بلا سند، يقف الآن بين الحياة والموت، صرخته اليوم ليست مجرد استغاثة، بل طلب بسيط بحق الحياة.

وبصوت يختلط فيه القهر بالخوف، تتحدث عمة الطفل يزن مصلح عن تفاصيل ما جرى، قائلة: «يزن استشهدت أمه وأبوه وأخوه أمامه، وهو الوحيد الذي ظل عايش، والآن يوجد في مستشفى ناصر الطبي بغزة، أزالوا له عظمة من رأسه لأنها كانت مهمشة بالكامل، وأوقفت عمل أعضاء وحواس كثيرة مثل قدمه ويديه، والسمع، وحتى قدرته على الاستيعاب.

الطفل يزن مصلح
الطفل يزن مصلح


وتكشف في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" تفاصيل استشهاد أسرة الطفل،: "الليلة التي قصف فيها الاحتلال منزل أسرته كانت الساعة الواحدة والنصف بعد منصف الليل، كانت الأسرة نائمة ولم يشعروا بشيء، ويزن  فقط هو من نجا لكن شظية دخلت رأسه وخرجت، وأخذت معها جزء من المخ وكسرت الجمجمة"، لافتة إلى أن الفريق الطبي الذي أشرف على العملية الجراحية في مستشفى ناصر، والوا إنه محتاج زراعة عظمة في الجمجمة بشكل عاجل.

وتوضح العمة حجم العجز الذي تواجهه لعلاج ابن شقيقها: «قدمنا له تحويلة للعلاج في الخارج، لكن لم يتم الانتهاء منها حتى الآن لذلك نناشد منظمة الصحة العالمية والعالم بسرعة لإنقاذ حياة هذا الطفل الوحيد الذي نجا من أسرته قبل أن يلحق بهم، خاصة أنه يحتاج علاج في الخارج لأنه فقد السمع والنظر والحركة".

وتشرح المأزق الإداري والطبي: "يزن موجود في مستشفى ناصر منذ 5 سبتمبر الماضي، وحتى الآن ما أعطونا تقرير طبي واضح ولا أي ورقة تساعدنا نكمل علاجه، والتحويلة لم تصل من الصحة العالمية، ولا في حد من أهله غيري يرعاه ويعتني به، كما أن مستشفيات غزة مدمرة والإمكانيات قليلة  لا يستطيعون فعل شيء له ".

وتختتم العمة مناشدتها بنداء مؤلم: " نريد استعجال سفر الطفل وإجراء عملية زراعة بالجمجمة، فيزن وحيد وحياته في خطر  وما لدينا سوى باب الرحمة ومساعدة أهل الخير".

فقد الوالدين سعيد

عائلة الغول أيضا شهدت أطفال فقدوا الأب والأم معا من بينهم عائلة الأم نضال الغول، فسعيد الغول طفل لم تعد عمره 17 عاما، فوجئ بالحرب التي تسببت في استشهاده مع بداية العدوان والده لتنزح أمه مع أشقائه الستة وجدته إلى الجنوب.

الطفل وأسرته
الطفل وأسرته

 

مع الهدنة التي حدثت في يناير الماضي، حاولت والدته الذهاب إلى جمعيات رعاية أيتام لرعاية أبنائها الأيتام خاصة، لتذهب في إحدى الأيام إلى إحدى جمعيات الأيتام في جباليا.

وفقا لهالة الغول خالة الطفل سعيد في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، فإن شقيقتها اصطحبت معها ابنها الأصغر زين وابنتها الكبيرة صفاء إلا أن قصف إسرائيلي استهدف تلك الجمعية لتستشهد الأم وابنائها، وتترك خمسة أطفال وجدتهم يعيشون في خيمة ولا يجدون أي رعاية سواء توفير الأطعمة أو الرعاية الصحية.

 

شهادة صغيرة تختصر وجع مدينة كاملة

في واحدة من أكثر صور الحرب قسوة، يقف أطفال غزة الذين فقدوا والديهم فجأة أمام حياة جديدة تفتقد كل ما كان يمنحهم الأمان، ليست هذه مجرد أرقام أو إحصاءات، بل قصص حقيقية لطفولة سلخت منها العائلة والدفء والقدرة على مواصلة الحياة.

"باسل" هو أحد هؤلاء الأطفال الذين فقدوا الأب والأم معا، يروي ما عاشه في لحظة لا تنسى، لحظة رأى فيها والدته للمرة الأخيرة: "عندما رأيت أمي صرت أصرخ، هذه أمي وهذه أمي، بعدها ودونا على غرفة ووجدت أمي فيها وصرت أبكي من الوجع".
يتذكر الطفل تفاصيل صغيرة كانت تشكل عالمه قبل الحرب: "اتذكر أيام عيد ميلاد أختي ونحن وإياها كنا نحب بعض، ومرات ما نحب بعض ومرات نتخانق، ومرة نلعب مع بعض".

يحاول الطفل استيعاب ما حدث لعائلته لأسرته التي فقدها وعمه الذي أصبح يحتضنه مع شقيقته :"عمي أصبح يأتي لنا كل يوم، وبعدين سألته، قال لي أخوك استشهد، وبعدين شعر أنى أبي وأمي استشهدوا مع شقيقي".

هذه القصة واحدة من آلاف القصص التي تحكى بصوت الأطفال، إذ تشير بيانات وزارة الصحة الفلسطينية إلى مقتل أكثر من 11 ألف و500 طفل خلال الأشهر الأربعة الماضية، فيما أصبح عشرات الآلاف من الأطفال أيتامًا أو ناجين يعانون من صدمات مستمرة وإعاقات دائمة، وبينما يستمر العدوان، يواصل هؤلاء الأطفال حمل ذاكرة الحرب على أكتاف صغيرة لا تحتمل حجم الفقد.

8d61f72c-9a01-4d79-a1f0-af65ffd0da90


وفي هذا السياق يؤكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن هناك صعوبة كبيرة في إيصال بعض المساعدات للأسر خاصة الأيتام لأن الطرق مغلقة بسبب انتشار الركام في الكثير من المناطق، موضحا أن عدد المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية في القطاع قلت بشكل كبير بسبب الدمار الذي لحق بها.

منحنى خطير

ويضيف مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن المجاعة بدأت تأخذ منحنى خطير في ظل نقص الإمدادات الغذائية وتوقف عدد كبير من المطابخ المجتمعية عن العمل والتوقف التام للمخابز في ظل نفاذ الطحين والدقيق وعدم القدرة على توريده إلا بأعداد قليلة للغاية.

ويؤكد كاظم أبو خلف، المتحدث باسم المنظمة" أن الأطفال الذين فقدوا عوائلهم أو أسرهم يطلق عليهم الأطفال غير المصحوبين بسبب أهوال الحرب سواء الأب يوجد بالجنوب والابن يظل مع والدته بالشمال أو العكس أو استشهد والديه خلال الحرب.

ويضيف فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الرقم الخاص بالأطفال غير المصحوبين فى غزة رقم تقديرى بحت لأنه لا أحد يستطيع حصر الأرقام بشكل دقيق، قائلا: "من تجربتنا كمؤسسة تعمل فى مناطق حروب ونزاعات فى العالم، فمن العدد الكلى تكون هناك نسبة 1 % أطفال غير مصحوبين يمكن والده أو والدته أحياء أو يتامى".

ويوضح أن هناك 1,9 مليون نازح فى غزة، وبالتالى، فإن العدد التقديرى هو 19 ألفا من الأطفال غير المصحوبين قد يكون يتيما أو والداه أبعدتهما الحرب عنه وهذه الأرقام تقديرية وتكون بالقياس بالتجربة ومناطق النزاع وهى أقل نسبة 1 % من العدد الكلى للنازحين.

وحول الأطفال الذين استشهد والداهم فى غزة، قال المتحدث باسم منظمة : "فى الحالات التى لا يكون فيها لم شمل أو أن الطفل أصبح يتيما، يكون هناك العائلة الممتدة سواء أبناء العم أو الخال وجدته أو جده يحرصون على الأطفال ويقدمون الرعاية حتى تنفرج الأحوال ويتم تقديم دعم لهم".

نحتاج لمدن لاستيعاب أعداد الأيتام

ومن جانبه قال نضال جرادة مدير معهد الأمل للأيتام فى غزة، أن ما حدث مع أهل غزة لا يمكن وصفه بالحرب وإنما هو حرب إبادة بالمعنى استهدف الجميع ولم يستنث أحد سواء من البشر بمختلف أعمارهم أو المنشآت بمختلف أنواعها وبالطبع لم يسلم منها الأطفال فى غزة، فخلال هذه الحرب هاك من فقد الأب أو الأم أو كليهما والعائلة بكاملها وأصبح يواجه الدنيا وحيدا فنحن الأن نتحدث عن أكثر من 50000 ألف يتيم  بجانب ظاهرة جديدة  نشأت خلال هذه الحرب وهى "اليتيم الحكمى" وهو الذى لا يعلم إذا كان والده  قد توف فعلا أم ضمن المفقودين خاصة أكثر من 10000 ألاف من المفقودين لا يعلم مصيرهم متوفيين بالفعل أم ضمن الأسرى فى سجون الاحتلال الإسرائيلى ولذلك تم التعامل مع هذه الشريحة وعلى الرغم من مساحة المهد التى تزيد عن 27 كم مربع إلا إنها لا تكفي لاستيعاب هذا العدد الكبير من الأيتام  فهو يحتاج إلى مدينة ومدن لاستيعابهم.

البركة للأيتام 

مخيمات متراصة تمتلئ بالبهجة وضحك الأطفال زينت جوانبها بالعديد من الرسومات يلهو خارجها عشرات من الصغار، تعلو فى فضائها ضحكاتهم، وترسم على أرضها أشكال أقدامهم الصغيرة  هنا فى مدينة خان يونس مدينة "البركة " الأيتام التى إنشائها بالجهود الذاتية لرعاية هؤلاء الأطفال، حيث تضم المئات من الأطفال ممن لا يجمعهم صلة الدم وإنما تشاركوا معاناة فقد الأهل والسند خلال الحرب بهدف التخفيف عنهم وطأة اليتم وفى محاولة لتكوين مستقبل أفضل لهم برعايتهم دراسيا ونفسيا.

أطفال غزة بين القتل والإصابة والتشريد واليتم
أطفال غزة بين القتل والإصابة والتشريد واليتم


ويقول أحد المسئولين عن هذه المدينة :" يعيش فى مينة البركة الأيتام ما يقرب من 4000 طفل يتيم وتقدم هذه المدينة خدماتها لأكثر من 20 ألف يتيم"، لافتا إلى أن هذه المدينة أنشأت بالجهود الفردية ونحاول من خلال توفير بيئة ملائمة لتنشئة الطفل بشكل صحيح ورعايته بقدر المستطاع تربويا وصحيا وتعليميا .

وفي اليوم العالمي للطفل في 20 نوفمبر، كشف المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، جرائم الاحتلال ضد الأطفال، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 20,000 طفل شهيد في جريمة تعد الأكبر عالميا ضد الطفولة في القرن الحاضر.

وأوضح خلال بيانه، أن هناك 1,015 طفلا شهيدا كانت أعمارهم أقل من عام واحد، في دلالة على حجم الإبادة التي طالت أصغر الفئات العمرية، وأكثر من 450 رضيعا ولدوا واستشهدوا خلال الحرب وأكثر من 154 طفلا استشهدوا جوعاً نتيجة الحصار الخانق ومنع الاحتلال إدخال الطعام وحليب الأطفال، في جريمة ترقى بوضوح إلى الإبادة باستخدام التجويع كسلاح حرب، و14 طفلا استشهدوا بسبب البرد داخل مخيمات النزوح القسري، في ظل انعدام المأوى والملابس ووسائل التدفئة.

وأشار إلى أن هناك أكثر من 864 طفلا أصبحوا من أصحاب البتر نتيجة القصف المباشر، في أكبر موجة إعاقات جماعية تصيب الأطفال في تاريخ فلسطين المعاصر، وكذلك أكثر من 5,200 طفل بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم، لافتا إلى أن هناك 650,000 طفل مهددون بالموت جوعا بشكل بطيء بسبب نقص الغذاء الكامل، واستمرار هندسة التجويع البطيء، وحرمانهم من المواد الأساسية للحياة، و40,000 رضيع مهددون بالموت بسبب نقص حليب الأطفال، وهو أمر ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة.

وأوضح أن هناك 56,348 طفلاً يتيماً فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، في واحدة من أكبر موجات اليتم الناتجة عن حرب واحدة في العصر الحديث، مؤكدا أن هؤلاء الأطفال يعيشون اليوم بلا مأوى، بلا حماية، وبلا بيئة آمنة، ويتعرضون لصدمة جماعية ستترك آثارها لعقود طويلة.

وخلف العدوان الإسرائيلي على غزة موجة غير مسبوقة من الأطفال غير المصحوبين، بعدما تمزقت آلاف العائلات تحت القصف، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 39 ألف طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما، بينهم نحو 17 ألف طفل حرموا من الأب والأم معا، ليجدوا أنفسهم في مواجهة الحياة بلا سند ولا حماية.

كثيرون من هؤلاء الأطفال عاشوا لحظات لا تحتمل، حيث طفل شاهد والده بلا رأس، وآخر رأى أمه تعدم أمام عينيه، وآخرون انتشلوا أحياء من تحت الأنقاض بعد إبادة عائلاتهم بالكامل.

الأطفال الضحايا في غزة
الأطفال الضحايا في غزة


وتشير البيانات إلى أن أكثر من 2172 عائلة مسحت كليًا من السجل المدني، فيما لم يتبق من 5070 عائلة سوى فرد واحد فقط، في واحدة من أعمق الكوارث الإنسانية التي شهدها القطاع عبر تاريخه.

ورغم هول المأساة، لا توجد حتى اللحظة برامج واضحة أو آليات منظمة للتعامل مع هذا العدد الهائل من الأطفال غير المصحوبين، الذين يواجهون فقدان السكن والرعاية والتعليم والغذاء، بل وحتى الشعور بالأمان، حيث يعيش هؤلاء الأطفال صدمات نفسية عميقة في بيئة منعدمة الاستقرار، فوق معاناة يومية من نقص المياه والدواء والغذاء.

وعلى الرغم من ظروف النزوح وتدمير البيوت، بادرت عشرات الأسر الفلسطينية إلى استضافة عدد محدود من الأطفال الأيتام في محاولة لتوفير بيئة أسرية تُخفف وطأة الفقد، إلا أنه مع استمرار القصف وتدمير إسرائيل لدار الأيتام الوحيدة في القطاع، يظل مصير آلاف الأطفال غير المصحوبين غامضا وقاسيا أمام غياب الدعم الحكومي وتفاقم المأساة الإنسانية.

وتتصدر معاناة الأطفال غير المصحوبين المشهد الإنساني الأكثر قسوة، بعدما تحوّلت الطفولة إلى عبء ثقيل ينوء تحت ركام الفقد والخوف، آلاف الأطفال الأيتام يواجهون اليوم مصيرا مجهولا، بعدما فقدوا آباءهم وأمهاتهم في قصف لم يترك خلفه سوى الألم والأنقاض.

أصبحت هذه القضية واحدة من أكثر المآسي اتساعًا وخطورة، خاصة أن الأطفال يشكلون ما يقرب من نصف سكان القطاع، ما يجعلهم الفئة الأكثر هشاشة وتضررا بعد أكثر من ثمانية وثلاثين يومًا من العدوان.

وتكشف الإحصائيات عن أرقام صادمة؛ إذ أصبح نحو 18 ألف طفل يتيمًا منذ بدء الحرب، سواء بفقدان أحد والديهم أو كليهما، وفق بيانات أولية أصدرها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

ورغم دقة هذه الأرقام، يؤكد المرصد أنها تبقى تقديرية في ظل الانقطاع المتكرر للاتصالات وصعوبة الوصول إلى الضحايا، وقبل هذا العدوان، كان القطاع يضم أكثر من 33 ألف يتيم بحسب بيانات مؤسسة "سكن" للرعاية والتنمية الخيرية، ما يعني أن الحرب دفعت بأعداد مهولة من الأطفال إلى دائرة الفقد والضياع.

وتتكرر المشاهد المؤلمة لأطفال يبكون ويصرخون على فقدان ذويهم، في مشاهد تعكس حجم الألم الذي يعيشه الصغار، فيما تتضاعف معاناة الأطفال الأيتام مع انهيار منظومة الرعاية في غزة، حيث بحسب النظام الوطني لحماية الطفل، كان القطاع يعتمد على أربعة دور رعاية فقط قبل الحرب، لكنها تحولت اليوم إلى مراكز إيواء للنازحين، ولم تسلم من الاستهداف.

وأظهرت صور حديثة حجم الدمار الذي لحق بمباني معهد الأمل لرعاية الأيتام في منطقة الرمال، ما يعني أن الأماكن التي كان يُفترض أن توفر الحماية باتت معرضة للقصف هي الأخرى، بينما وفق ما أكده علاء الشرفا، رئيس مجلس إدارة معهد الأمل، فإن وضع الأيتام كارثي بكل المقاييس، حيث إنهم يفتقدون الحد الأدنى من الأمان النفسي والرعاية الاجتماعية، بينما تسببت الحرب في مضاعفة جراحهم وتركهم في مواجهة مستقبل مبهم بلا رعاية كافية ولا بيئة حاضنة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب