والدة شذا: ابنتى تفوقت وسط الحرب وكانت تحلم بالجامعة
ذهبنا المستشفيات ثلاث مرات ولم يكتشف الأطباء مرض ابنتي
أكثر من 900 مريض بغزة توفوا أثنـاء انتظار الإجلاء الطبي
والدة الطالبة: حصلت على 95.4% بالثانوية لكن المرض سرق لحظة الفرح قبل ما نفرح فيها
الأم: شذا تضعف أمامي يوم بعد يوم وأنا عاجزة حتى عن توفير علاج بسيط لها
لم تعرف الطالبة الفلسطينية شذا حمدان ذات الـ18 عاما أن المرض يتربص بها في اللحظة التي كانت تستعد فيها لقطف ثمار اجتهاد سنوات طويلة، لم تعرف مرضها،. ولم تكتمل فرحتها بنجاحها.
بعد حصولها على معدل 94% في الثانوية العامة، بدأت تشعر بتعب مفاجئ اضطرها للتوجه إلى المستشفى، لتتفاجأ الأسرة بأن الفحوص تكشف عن إصابتها بسرطان خطير في الدم والجهاز الليمفاوي.
وبحسب عائلتها، أظهرت الفحوص الطبية وجود كتلة كبيرة في الصدر منتشرة بشكل يؤثر بشكل مباشر على الرئة اليمنى ونصف اليسرى والقلب، الأمر الذي تسبب لها بسعال شديد، وصعوبة متزايدة في التنفس، وارتفاع متواصل في درجات الحرارة، ما جعل وضعها يتدهور بسرعة مقلقة.
الفريق الطبي المعالج لها في مستشفى ناصر الطبي حذر من خطورة حالتها، مؤكدا عدم قدرته على التعامل مع الوضع بسبب النقص الحاد في العلاجات والمعدات الطبية، خاصة أن حالتها تتطلب علاجا متخصصا غير متوفر داخل القطاع، ما يجعل تحويلها للعلاج في الخارج ضرورة عاجلة لإنقاذ حياتها قبل حدوث أي مضاعفات لا يمكن السيطرة عليها.
شذا، التي كانت تتهيأ لبدء حياتها الجامعية وفتح صفحة جديدة مليئة بالطموحات، توقفت أحلامها فجأة عند بوابة المستشفى. اليوم، تقف بحاجة ماسة إلى إنقاذ سريع يعيد إليها الأمل ويمنحها فرصة لاستكمال الطريق الذي بدأته قبل أن يخطف المرض مستقبلها.

شذا حمدان
وفاة المرضى
وبحسب البيان الصادر عن منظمة الصحة العالمية في 15 نوفمبر، فإن أكثر من 900 مريض بغزة توفوا أثنـاء انتظار الإجلاء الطبي للعلاج خارج القطاع.
فيما أعلن المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، خلال بيان للوكالة، أن سكان غزة يعانون من الأمراض والنزوح ولا يدخل القطاع ما يكفي من الموارد، موضحا أن المساعدات التي تدخل غير كافية ولا يمكن الحصول على الغذاء بسبب الغلاء، وأوضح أن الشتاء قادم يضيف عناء آخر على سكان القطاع بسبب الأمطار والبرد، لافتا إلى أنه يجب فتح المعابر لتقديم المساعدات التي يحتاجها سكان القطاع.
رحلة الألم والصمود للطالبة المتفوقة
ووسط أجواء الحرب والقصف والنزوح في غزة، كانت الطالبة شذا حمدان تحلم فقط بأن تكمل عامها الدراسي الأخير وتحتفل بتفوقها، دون أن تدرك أن مرضا خبيثا يتسلل بصمت ليقلب حياتها وحياة أسرتها رأسًا على عقب، والدتها تروي بحسرة وألم تفاصيل الأيام الأصعب في حياتهم، وكأنها تعيش الخوف كل لحظة من جديد.
وتقول الأم في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" :"شذا طالبة متفوقة في دراستها وملتزمة في دينها، درست الثانوية العامة في ظل ظروف الحرب الصعبة، ومع ذلك كانت مثالا للصبر والإصرار".
وتتحدث الأم عن بداية المرض، متذكرة اللحظة التي تغير فيها مسار حياة ابنتها: "بعد أن انتهت من فترة الامتحانات بدأت شذا تشعر بصعوبة في التنفس وكحة شديدة، أخذناها إلى المستشفى ثلاث مرات، وفي كل مرة لم يتم اكتشاف أي شيء، كنت أشعر أن ابنتي تختنق أمامي ولا أعرف لماذا".
لم تهدأ مخاوف العائلة إلا بعد إجراء فحص أكثر دقة، وهو ما تؤكده والدة شذا :" "بعدها تم إجراء فحص صورة CT، وهناك تلقينا الصدمة، حيث وجدوا كتلة كبيرة في منطقة الرئة اليمنى مع كمية كبيرة من السوائل تغطي الرئة بالكامل، ولم أستطع الوقوف على قدمي من هول ما سمعت".
وتتابع الأم بصوت يملؤه الألم: "تم إجراء فحوصات وأخذ عينة، وحينها اكتشفوا المرض، ابنتي تمكث منذ 35 يوما بالمستشفى، ووضعها الصحي سيئ للغاية، أراها تضعف يوما بعد يوم وأنا عاجزة عن إنقاذها".
تفوق دراسي
ورغم المرض القاسي، تستعيد الأم ذكريات ابنتها خلال العام الدراسي: "شذا كانت تذاكر دروسها خلال الحرب، رغم النزوح المتكرر والحياة الصعبة في الخيام، ورغم القتل والتشريد وكل مشاهد الدم من حولها، كانت تتحدى الانقطاع المتكرر للكهرباء والإنترنت، وبصعوبة بالغة قدمت الاختبارات".
وتضيف بفخر يمتزج بالوجع: "ورغم كل ذلك، حصلت شذا على معدل 95.4%. كانت تحلم بدراسة تخصص تحبه لكن المرض خطف الفرحة قبل أن تبدأ"، ورغم صدور تحويلة طبية للعلاج خارج القطاع، لا تزال شذا على سرير المستشفى تكافح المرض دون أن تتمكن من السفر، حيث تقول الأم بحرقة: "ابنتي حصلت على تحويلة طبية للعلاج خارج القطاع، لكن حتى الآن لم تسافر، ليس لها علاج متوفر هنا، وكل يوم يمر يشكل خطرًا على حياتها."
وتختتم الأم كلماتها بنداء موجع يحمل كل ما تبقى لديها من أمل: "ابنتى تريد فقط أن تُعالج، وأن تكمل حياتها، أن تحيا، أتمنى من كل جهة قادرة أن تنقذ ابنتي قبل فوات الأوان".