يلجأ بعض الخارجين عن القانون من الشباب، خاصة من يجيدون أعمال الهاكرز وتركيب الصور للفتيات أو تسجيل المحادثات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى تهديد الفتيات للحصول على أموال بطريقة غير مشروعة.
يظن هؤلاء أنهم بعيدون عن عين العدالة، وأنهم قادرون على تكوين ثروات سريعة على حساب خصوصية الآخرين، لكن هيهات، فالأجهزة الأمنية تلاحقهم بلا هوادة.
في هذا الإطار، نجحت وزارة الداخلية في ضبط العديد من الوقائع، فقد تقدّم محامٍ ببلاغ رسمي إلى الأجهزة الأمنية بالقاهرة، نيابة عن سيدة تحمل جنسية إحدى الدول الأجنبية، تفيد بتعرض موكلته للابتزاز المالي من قبل أحد الأشخاص، الذي هدد بنشر صور شخصية لها، إضافة إلى تسجيل صوتي خاص قام بتسجيله خلال محادثة عبر أحد تطبيقات الهواتف الذكية دون علمها.
وكشف البلاغ فصول استغلال المتهم للمحادثة الخاصة، حيث حاول الضغط على المجني عليها وطلب مبالغ مالية مقابل التستر على المقاطع التي يحتفظ بها، مستغلاً خوفها من الفضيحة وخصوصيتها.
تحرك أمني وتتبع المتهم
فور تلقي البلاغ، بدأت الأجهزة الأمنية المختصة تحرياتها، واتخذت الإجراءات اللازمة لتحديد هوية الشخص المشكو في حقه، وأسفرت الجهود عن التوصل إلى المتهم، وتبين أنه مقيم بمحافظة أسيوط.
وبعد التأكد من صحة المعلومات، تمكن رجال المباحث من ضبطه، حيث جرى اقتياده إلى جهة التحقيق تمهيداً لمواجهته بما ورد في البلاغ.
اعترافات المتهم
عند مواجهته بما جاء في محضر البلاغ والأدلة التي جُمعت ضده، أقر المتهم بارتكاب الواقعة، واعترف بأنه سجل المقاطع الصوتية للمجني عليها دون علمها، وابتزاها مهدداً بنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي ما لم تستجب لمطالبه المالية.
في واقعة مماثلة بالإسكندرية، تلقت الأجهزة الأمنية بلاغاً من سيدة تفيد تعرضها للتهديد عبر رسائل على أحد التطبيقات، بهدف ابتزازها مالياً، وأوضحت التحريات أن المتهم مقيم بدائرة قسم شرطة الدخيلة، واستخدم تطبيقات المراسلة لإرسال رسائل التهديد والابتزاز، ما دفع الأجهزة الأمنية لضبطه وبحوزته الهاتف المستخدم في الواقعة والذي احتوى على دلائل تثبت ارتكابه الجريمة.
الابتزاز في بني سويف ودور صناع المحتوى
كما كشفت الأجهزة الأمنية عن منشور مدعوم بصور على مواقع التواصل الاجتماعي بمحافظة بني سويف، يهدد إحدى الفتيات بنشر صور وفيديوهات مفبركة بهدف ابتزازها مادياً.
وبالفحص، تبين أن صانع محتوى مقيم بالقاهرة كان وراء نشر المادة بعد تلقيه رسالة من المجني عليها تطلب مساعدتها بعد تهديدها.
تم تحديد المتهم وتنفيذه للتهديد، واعترف بالواقعة، واتخذت الجهات المعنية الإجراءات القانونية اللازمة، وإحالته للنيابة العامة لاستكمال التحقيقات.
جهود وزارة الداخلية وتطور مواجهة الجرائم الإلكترونية
وأشاد خبراء أمنيّون بجهود وزارة الداخلية في هذا المجال، وقال اللواء خالد يحيى، خبير أمني، إن الداخلية تبذل جهوداً مضنية للحفاظ على الحياة الخاصة للمواطنين، مؤكداً تطور التعامل مع الجرائم الإلكترونية بما يتناسب مع استخدام التقنيات الحديثة من قبل المجرمين.
وأضاف اللواء رافت الشرقاوي أن أجهزة الوزارة تتعامل باحترافية شديدة وتلاحق هؤلاء المجرمين بشكل مستمر، مشيراً إلى أنهم غالباً ما يستغلون خوف الضحايا من الفضيحة للحصول على أموال، لكن يد الأمن تصل إلى كل من يخرق القانون.
العقوبات المنتظرة
من الناحية القانونية، ينص القانون على عقوبات صارمة للابتزاز الإلكتروني، وتشمل الحبس والغرامة لكل من يهدد أو يستغل الآخرين عبر الشبكة العنكبوتية، أو ينشر صوراً وفيديوهات بدون موافقة أصحابها.
وتتراوح العقوبات بين عدة سنوات حبس وغرامات مالية، مع إمكانية مضاعفة العقوبة إذا تعلق الأمر باستغلال الفتيات أو القاصرين، وتشمل الإجراءات أيضاً مصادرة الأجهزة المستخدمة في ارتكاب الجريمة، إضافة إلى متابعة الجهات المختصة لتحديد المسؤولية القانونية لكل طرف.
تبقى الجرائم الإلكترونية، وخصوصاً الابتزاز عبر الإنترنت، واحدة من أخطر الجرائم في العصر الرقمي، لما لها من أثر نفسي واقتصادي على الضحايا.
وتؤكد نجاحات وزارة الداخلية في ضبط المتهمين واعترافاتهم أن اليد الحازمة للعدالة لن تتوانى في حماية المواطنين، وأن أي محاولة لاستغلال الآخرين، مهما بلغت براعتهم التقنية، ستواجه بالقانون والرقابة الأمنية الحازمة، فالأمن السيبراني ليس رفاهية، بل ضرورة لحماية المجتمع من استغلال الخصوصية، وحفظ الحقوق، وردع الخارجين عن القانون.

المتهم.

أحد المتهمين بإحدى القضايا