محمود عبدالراضى

الوالدان.. دفء لا يُعوَّض

الإثنين، 01 ديسمبر 2025 10:11 ص


في زحمة الحياة، حيث تتشابك الأدوار وتثقل المسؤوليات، ننسى كثيراً أن هناك قلبين ينتظران منا لحظة إصغاء، ووجهين يضيئان حين نقترب، ويدين ترتعشان قهراً حين نبتعد.

الوالدان ليسا مجرد محطة في العمر، بل هما العمر كله، هما البداية التي لا تتكرر، والملاذ الذي لا يسقط، والسند الذي لا يتبدل مهما تبدلت الأيام.

اجلسوا إلى جوارهما، اسندوا رؤوسكم إلى صدريهما كما كنتم تفعلون صغاراً، دعوا الزمن يتوقف للحظة، واتركوا الكلام يسيل بينكم مثل ماء رقراق يروي عطش أرواحكم.

تحدثوا إليهما، لا على عجل ولا بانتقاص، بل كمن يفتح صندوقاً قديماً يحتفظ داخله بأغلى ما في الذاكرة، ستكتشفون أن أكثر الجمال يكمُن في تلك التفاصيل الصغيرة التي نمر عليها مرور الغرباء، بينما يحملها هما في القلب ككنز لا يفنى.

إن مرارة الفقد لا تُعرَف إلا حين تقع، والفجوة التي يتركها الغياب لا يردمها شيء، حين يرحلون، لا يعود من أصواتهم سوى صدى، ولا من خطواتهم إلا أثر، ولا من نصائحهم سوى كلمات تهز القلب حين كان يجب أن تهز الوعي من قبل.

فكيف نؤجل الحضور بينما الوقت يمضي بلا رحمة؟ وكيف نُشبع العالم من وجودنا ونبخل عليهم بما يستحقون من حب ووقت واهتمام؟

إن أعظم برّ يمكن أن نقدمه هو ألا نترك يومهم فارغاً منا، وألا ندع قلوبهم تنتظر عبثاً، فالبر ليس طاعةً فحسب، بل حنوّ، ولين، وقرب، ولمسة يد، ودقيقة إنصات، ونظرة امتنان.

قيل إن النظر إلى وجوه الوالدين عبادة، فكيف نغفل عن عبادة بهذا الجمال؟ وكيف نستهين بالنعمة ما دامت في متناول اليد؟

اللهم ارزقنا بر والدينا قبل أن يضيق الوقت بفرصته، اللهم متعنا بالنظر إلى وجوههم أعواماً وأعوام، واحفظهم لنا نبضاً يهدّئ تعب الحياة، وسبباً يجعل الدنيا رغم قسوتها مكاناً يمكن احتماله.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب