طبيب: تجربة قاسية لا على الأم فقط بل على الأطباء أيضًا وآخر: نمنح السيدات شاشًا معقّمًا ليعضضن عليه أثناء العملية لتخفيف الألم
وزارة الصحة الفلسطينية: ارتفاع عمليات الولادة القيصرية إلى 32% وهى نسبة تفوق المعدلات العالمية.. ونساء من غزّة: نعانى متاعب نفسيّة قاسية ونخضع لجلسات علاج للتعافى من آثار التجربة المؤلمة
60 ألف أمراة حامل يفتقرن للرعاية الصحية و90% يعانين من سوء التغذية
2600 حالة إجهاض تم تسجيلها مع بداية العام الحالى فقط
17000 حالة ولادة فى بداية العام الجارى 2025 فقط
40% تجاوز حجم الولادات القيسرية فى بعض الفترات بسبب نقص الرعاية قبل الولادة
32% نسبة ارتفاع العمليات القيصرية داخل قطاع غزة
إما الخضوع والاستسلام الكامل لإجراء عملياتٍ جراحيةٍ بدون مخدّرٍ أو مسكّنٍ، أو التعرّض لمضاعفاتٍ صحيّةٍ قد تصل إلى الوفاة؟ فذلك هو الخيار المرّ والتحدّى القاسى الذى تُجبَر عليه السيّدات الحوامل فى غزّة خلال خوضهنّ تجربة الولادة، التى تكون فى الغالب عملياتٍ قيصرية تُجرى بدون «بنج» أو أى مخدّر، وبوعى كامل من السيّدات أثناء تنفيذها، ليُطلب منهنّ تحمّل آلامٍ تفوق الوصف بصبرٍ وجلدٍ لا يُحتمل.
هنا فى غزّة، التى حُكم عليها من قِبَل الكيان الصهيونى بخوض أقسى التجارب وأصعب اللحظات نتيجة الحرب الشعواء التى يشنّها على أهلها منذ أكثر من عامين بلا هوادةٍ ولا شفقة، وتحديدًا منذ السابع من أكتوبر، حين بدأ بتجريف القطاع من كلّ سبل الحياة، لم تكن تلك سوى حرب إبادةٍ بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى؛ استهدفت الإنسان والأرض والحجر، فارتُكبت مذابح يوميّة طالت الجميع، وتعمّد الاحتلال هدم وتخريب المنشآت والمرافق، وفرض حصارٍ خانقٍ يمنع دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.

ومع استمرار هذا الحصار، أُصيب معظم السكان بأمراض سوء التغذية، وانتشرت الأوبئة والفيروسات، واضطرّ الأطباء للتعامل مع الحالات بوسائل تقليديةٍ وبدائيةٍ أشبه بما كان يُستخدم فى العصور السحيقة، بفعل آلة التدمير الصهيونية التى طالت كلّ نواحى الحياة فى غزّة، حتى فى التعامل مع أصعب العمليات الجراحية وهى الولادة القيصرية، التى تُثير الهلع والخوف الشديد لدى كثيرٍ من النساء بمجرد سماع اسمها، ناهيك عن تخيّل المشرط الطبى وهو يشقّ بطونهنّ ويمزّق أحشاءهنّ لاستخراج الجنين.
تزداد تلك المخاوف مع التحذيرات المتكرّرة من الأطباء بضرورة اللجوء إلى العمليات القيصرية فى الحالات الاستثنائية فقط، أى حين تعجز الأم عن تحمّل الولادة الطبيعية بسبب المضاعفات الصحية التى قد تُصاب بها، وهى مضاعفات لا تقتصر عليها وحدها، بل تمتدّ إلى جنينها أيضًا، وحتى فى ظلّ اتخاذ إجراءات الوقاية والحيطة، كتوفر غرفٍ معقّمةٍ وأطباءٍ مختصّين ومساعدين مؤهّلين وبيئةٍ صحيةٍ ملائمة تضمن للأم التعافى ولسلامة الجنين، تظلّ الولادة القيصرية إجراءً صعبًا ومليئًا بالمخاطر.
فما بالنا إذن بنساء غزّة اللواتى يُضطررن إلى الخضوع لهذه العمليات فى ظروف الحرب والحصار، وبدون بنجٍ أو مسكّنٍ للآلام، وفى بيئةٍ غير مهيّأةٍ أو صالحةٍ حتى للتعامل مع الجروح السطحية؟!
خاصةً بعد التحذيرات التى أطلقتها وزارة الصحة الفلسطينية بشأن الارتفاع الملحوظ فى معدّلات الولادة القيصرية فى القطاع، بنسبة فاقت المعدلات العالمية، لتصل إلى نحو 32% من إجمالى عمليات الولادة التى تُجرى هناك.
الولادة القيصرية ومضاعفتها
ولكى يتمّ تخيّل مقدار تلك المعاناة والآلام التى تشعر بها النساء الحوامل خلال عملية الوضع القيصرية التى تتمّ بدون بنجٍ أو مخدّر، ينبغى أولًا التعرّف على مصطلح الولادة القيصرية وبيان المضاعفات الصحيّة التى يُحذّر منها الأطباء، ممّا يجعلهم يضعونها ضمن الخيارات الأخيرة التى يتمّ اللجوء إليها اضطرارًا.
ويقصد بذلك المصطلح الذى يُعدّ من أثقل المصطلحات على آذان العديد من النساء، ويصيبهنّ بالفزع من مجرّد تصوّر ذلك المشرط وهو يخطّ على أجسادهنّ، ممزّقًا الطبقات الجلدية الواحدة تلو الأخرى وصولًا إلى الرحم لإخراج الجنين.
ويُضطرّ الأطباء إلى إجراء تلك العملية فى حالة عدم قدرة الأم الصحية والجسدية على الولادة الطبيعية ودفع الجنين خارج الرحم، فيتمّ اللجوء إلى تلك العملية البديلة لإخراجه عن طريق شقّ البطن.
المضاعفات الصحية للأم
أما عن المضاعفات الصحية للولادات القيصرية، فوفقًا لما يؤكّده الأطباء، هناك العديد من المضاعفات الصحيّة التى من الممكن أن تُصاب بها الأم بنسبةٍ أكبر مقارنةً بالولادة الطبيعية، ومن أبرزها: ارتفاع نسبة الإصابة بالعدوى فى جرح الولادة أو فى الرحم، أو التعرّض للجلطات الدموية بنسبة تزيد بنحو 3% عن الولادة الطبيعية.
كما ترتفع معدلات الوفيات بين الأمهات لتصل إلى 25 حالة وفاة لكل 100 ألف حالة، بالمقارنة بـ4 حالات فقط فى الولادة الطبيعية.
وتزداد كذلك احتمالية تمزّق الرحم فى الحمل التالى بعد الولادة القيصرية، إلى جانب وجود مخاوف من الإصابة بسلس البول.
المتاعب الصحية للطفل
وبجانب ذلك، لا تقتصر المتاعب الصحية على الأم، بل تمتدّ إلى جنينها أيضًا، مثل احتمالية إصابته بمتاعب فى الجهاز التنفسى والربو والحساسية، وزيادة الوزن والسمنة، والتهاب الجلد، ومشكلات فى الأمعاء.
ويُؤخذ فى الاعتبار أنّ تلك الأعراض يتمّ التحوّط منها عادةً، مع الحرص على اتباع كل إجراءات السلامة والوقاية، وهى الإجراءات التى تفتقدها نساء غزّة، اللواتى تُضطرّ أغلبهنّ إلى الولادة القيصرية بدون بنج، وفى بيئةٍ غير مناسبة تفتقد لأدنى درجات السلامة والأمان الطبى.
حكايات من دفتر الألم
بصعوبةٍ بالغة، تحاول أن تفتح عينيها وتتجاوز الآلام التى بدأت بمهاجمتها على استحياءٍ فى البداية، ثم سرعان ما هاجمتها بشراسةٍ إثر الزوال التدريجى للمخدّر بعد اضطرارها لإجراء عمليةٍ قيصرية لولادة طفلها الأول.
«يُسر المجاور»، الفتاة العشرينية التى كانت تحلم باستقبال طفلها الأول فى ظروفٍ هانئة، تعمل على رعايته وتوفير كل سبل الراحة له، ولكن شاءت الظروف أن تتمّ ولادته فى أجواء الحرب ونقص الإمكانات الغذائية والطبية، وهو ما انعكس بدوره على حالتها الصحية، إذ أُصيبت بهزالٍ وضعفٍ حاد فى جسدها نتيجة سوء التغذية بسبب الحصار الذى فرضه الاحتلال الصهيونى على قطاع غزّة خلال فترة الحرب التى بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023 واستمرت حتى عام 2025، ورغم نجاح الجهود المصرية والوساطات الدولية فى إقرار الهدنة وتوقّف العدوان، فإنّ آثاره المدمّرة بقيت حاضرة، من تدمير البنية الأساسية والمرافق الحيوية والطبية فى قطاع غزّة.
وتقول «يُسر»: خضتُ تجربةً مريرة خلال فترة حملى وولادتى، فعلى الرغم من أنّ تلك الفترة كان من المفترض أن تكون من أجمل الذكريات السعيدة، وفرحةً ننتظرها بشوقٍ بالغ، خاصةً أنه المولود الأول الذى كنتُ أنتظره أنا وزوجى، إلا أنّها بالنسبة لى مثّلت آلامًا لا تُحتمل، بسبب النزوح المتتالى، وعدم توافر المتابعة الجيدة مع الأطباء، إضافةً إلى الشعور الدائم بالجوع والإصابة بسوء التغذية حتى لحظة الولادة، وقد أجمع الأطباء على ضرورة إجراء عمليةٍ قيصرية لصعوبة ولادتى بشكلٍ طبيعى، نظرًا للهزال والضعف العام فى جسدى».
الخيار الصعب
لم تكن «يُسر» واحدةً فقط من مئات السيّدات فى القطاع اللواتى اضطرتهنّ ظروفهنّ إلى الولادة القيصرية بسبب ما يعانينه من أوضاعٍ صحيّة جعلت الولادة الطبيعية خيارًا غير مناسبٍ لهنّ، فبحسب بيانات وزارة الصحة، هناك ما يقارب 60 ألف سيّدة حامل فى غزّة، تعانى أغلبيتهنّ- بنسبة تصل إلى نحو 90%- من سوء التغذية والضعف العام.
ومن بينهنّ «نور الوليد»، الأم لثلاثة أطفال تمّت ولادتهم جميعًا بشكلٍ طبيعى، وكانت تُمنّى نفسها بولادة طفلها الرابع بالطريقة نفسها، غير أنّ ضعف بنيتها وسوء التغذية الناتج عن سياسة الحصار والتجويع حالا دون تحقيق حلمها بالولادة الطبيعية، واضطرارها إلى اللجوء إلى الخيار الأصعب بالنسبة لها، وهو الولادة القيصرية.
وتقول «نور»: على الرغم من مرور أكثر من شهرٍ على تلك العملية، فإنّ آلامها ما زالت تداهمنى بالقوة نفسها من حينٍ لآخر، وما زلتُ حتى هذه اللحظة أتذكّر كلّ اللحظات التى مرّت على خلالها، بدءًا من دخولى إلى الغرفة فى إحدى معسكرات النزوح، وخضوعى للولادة القيصرية، والتى كانت بطبيعة الحال غير مجهّزة على الوجه الأمثل.
اضطررتُ لتحمّل آلامٍ لا تُوصف ولا يمكن الحديث عنها، ويكفى القول إنّى شاهدت بطنى تتمزّق أمام عينى وأنا فى كامل وعيى لعدم وجود «بنج»، حتى فقدتُ الوعى من شدّة الألم أثناء العملية.
ولك أن تتخيّل أنّ تبعات تلك الآلام جعلتنى أرفض رؤية ابنى فى البداية بسبب ما عانيته من وجعٍ فاق التصوّر، لكنّى بعد ذلك سارعتُ إلى احتضانه، وتخيّلت نفسى وأنا أجاهد الموت وأتحمّل كل تلك الآلام من أجل هدفٍ واحد، هو قدومه إلى الدنيا ليكون سندًا وصديقًا وأخًا، خاصةً بعد فقدى لزوجى وأغلب أفراد عائلتى خلال الحرب على غزّة».
متاعب نفسية
تتّفق القصة السابقة مع رواية رَزان المسلمِى التى ذهبت إلى المستشفى لوضع مولودها الأول، فبرغم ظروف الحرب ومعاناة النزوح المتتالى، كانت سعيدةً بقدوم طفلها الأول إلى الحياة لتأنس به وتسعد بوجوده، معتبرةً أن تلك اللحظات العابرة ستنتهى سريعًا حين تراه بين يديها ويتحقق حلمها الذى انتظرته طيلة تسعة أشهر كاملة، كما أكّد لها أقاربها.
لكنّ اللحظات تحوّلت إلى ساعات، والسعادة تبدّلت إلى آلامٍ مبرّحة، والفرحة إلى دموعٍ وصرخات، بسبب اضطرار الأطباء إلى شقّ البطن وإجراء عمليةٍ جراحيةٍ قيصريةٍ لإخراج الجنين، نظرًا لضعف جسدها وعدم قدرة الرحم على دفع الجنين خارجه - بحسب ما أكّدته.
وتقول صاحبة الاثنين وعشرين عامًا: هرعتُ إلى المستشفى سعيدةً ومبتسمة، يرافقنى عددٌ من أسرتى، لأضع مولودى الذى تمنّيت أن أضمّه بين يدى خلال فترة الحمل، تلك الفترة التى كنتُ أحسب أيامها وساعاتها بدقّة، وعلى الرغم من كل الظروف الصعبة التى عايشتها، ورغم نصائح الأطباء المتكرّرة بإجهاض حملى بسبب المتاعب الصحية التى أصبتُ بها، من هزالٍ وضعفٍ شديد نتيجة سوء التغذية، فإننى صمّمتُ على الاحتفاظ به، لأتغلّب على كل الأوقات الصعبة التى كابدتها من حربٍ ونزوحٍ وتدميرٍ لمنزل عائلتنا ومسكن الزوجية الذى لم يمضِ على تأسيسه سوى شهورٍ قليلة.
ومع ذلك، كنتُ أستبشر بقدوم مولودى، وأعتبر كل هذه المعاناة تضحياتٍ فى سبيل وصوله إلى الحياة، وما زاد من سعادتى حينها هو تأكيد سيداتٍ فى أسرتى من الأكبر سنًا أن عملية الولادة لا تستغرق سوى وقتٍ قصير، ثم الإفاقة، ليكون المولود بجانبى.. لكنها كانت بالنسبة لى كابوسًا حقيقيًا.
تجربة صعبة وعلاج نفسى
وتضيف: كنتُ مُصمِّمةً على الولادة بشكلٍ طبيعى، لأننى لم أستطع تخيّل فكرة شقّ بطنى، لكنّ ما كنتُ أعانيه من متاعب صحيّة وسوء تغذيةٍ نتيجة الحرب والحصار، إضافةً إلى جسدى المنهك، كان سببًا فى لجوء الأطباء إلى إجراء عملية الولادة القيصرية بدون أى مسكّنات.
وتابعت: كانت تجربةً قاسيةً إلى حدٍّ لا يُحتمل، ويكاد أن يُغمى على كلّما أتذكّرها، وبسببها أخضع للعلاج النفسى وأحاول التعافى لأعود إلى ممارسة حياتى الطبيعية من جديد، رغم بقاء آثارها واضحةً على جسدى.
أمر مؤلم ولا يمكن تصوره
قال الدكتور محمد الزقّوت، مدير عام المستشفيات بقطاع غزّة: «تمّ إجراء عدة عملياتٍ قيصرية بدون بنج على الإطلاق، وهذا أمر لا يمكن تصوّره ومؤلمٌ للغاية، وبعدها اضطررنا إلى إجراء المتابعة الطبية وتغيير الضمادات وتنظيف الجروح أيضًا بدون مخدّر، لعدم توافره».
وأوضح الطبيب محمد أبو سلْمى، مدير مستشفى الشفاء الطبى، أنّ «ذلك لا يُعد أمرًا مؤلمًا على المريض فحسب، بل هو تجربة بالغة القسوة على الطبيب نفسه، الذى يشاهد إنسانًا يتعذّب ويكابد آلامًا هائلة أثناء خضوعه لإجراءٍ طبى، خصوصًا فى العمليات القيصرية التى تتسبب فى متاعب جسديةٍ كثيرة حتى فى الظروف العادية، فما بالنا إذا أُجريت فى أوضاعٍ استثنائية وبدون مخدّر أو مسكّن للآلام بسبب عدم توافرهما؟».
وأضاف موضحًا: «يكون المريض أمام خيارين، إمّا التسليم بالتدخل الجراحى وتحمل الألم الهائل، أو التعرّض لمخاطر صحية قد تصل إلى الوفاة فى بعض الأحيان».
فيما يؤكد أحد الأطباء العاملين فى أحد مستشفيات غزّة قائلًا: «تخيّل أن الإجراء الوحيد الذى نملكه فى أحيانٍ كثيرة هو إعطاء السيدة خلال العملية قطعة من الشاش المعقّم لتُطبق فكيها عليها فى محاولة لتخفيف الألم.. فهذا كل ما نملكه لعدم توافر البنج أو مسكنات الآلام».
ومن جانبها، كشفت وزارة الصحة فى قطاع غزّة عن ازدياد وتيرة اللجوء إلى عمليات الولادة القيصرية برغم عدم توافر البيئة المناسبة لإجرائها، بقولها: «يعانى معظم النساء الحوامل من سوء تغذيةٍ حادّ، وفقر دم، ونقص الحديد؛ ما يجعل الولادة الطبيعية شبه مستحيلة. وتؤدى ظروف الحصار والمجاعة وانعدام الإمكانات الطبية إلى اللجوء المتزايد للجراحة القيصرية».
زيادة معدلاتها بنسبة 30%
وأكد الطبيب الفلسطينى محمد الرقب أنّ «معدلات الولادة القيصرية ارتفعت بنسبة 30% منذ بداية الحرب»، مبرّرًا ذلك بقوله: «النساء الحوامل يعانين من فقر دمٍ حاد، ونقصٍ كبيرٍ فى الحديد، ودوخةٍ متكرّرة، مما يفقدهنّ القدرة على الدفع أثناء الولادة».
فقد الأجنة وألم لا يمكن تصوره
ويضيف الرقب فى تصريحاتٍ صحفيةٍ سابقة له:«يُضطر الأطباء إلى الانتظار طويلًا فى غرفة العمليات على أمل أن تتمكّن الأم من الولادة الطبيعية، لكن الجوع والإرهاق يحولان دون ذلك. ونتيجةً لذلك، تفقد بعض النساء أجنتهنّ أثناء الولادة أو يلدن وسط ظروفٍ صحيةٍ قاسية، مما يدفع الأطباء لإجراء ولاداتٍ قيصريةٍ طارئة فى ظلّ شُحّ الإمدادات الطبية، من مضاداتٍ حيويةٍ وشاشٍ معقّم وحتى المسكنات الأساسية».
وبحسب تقارير وزارة الصحة الفلسطينية فى غزّة، فإنه خلال النصف الأول من عام 2025 سُجِّل 1700 حالة ولادة، و2600 حالة إجهاض أى ما نسبته 15%، كما أُدخل 2535 رضيعًا إلى العناية المركّزة، وسُجِّلت 67 حالة تشوّه خلقى، وولد 1600 طفلٍ بوزنٍ أقل من الطبيعى بنسبة 9%، إضافة إلى 1460 حالة ولادةٍ مبكرة بالمعدل نفسه تقريبًا.
بيئة غير صحية
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية فى أكتوبر 2023، وما تبعها من إغلاق المراكز الصحية وتدمير المستشفيات، تواجه ثلث النساء الحوامل مخاطر صحية حادّة بسبب الحمل، بينما يعانى ثلثٌ آخر من تداعيات المجاعة، فى ظل غياب المكملات الغذائية، وانعدام الفحوصات الدورية، وحتى الوجبات الأساسية الكافية لإبقائهنّ على قيد الحياة.
وتُظهِر إحصاءات منظمة الصحة العالمية أنّ 130 طفلًا يولدون يوميًا فى قطاع غزّة، 27% منهم عبر عملياتٍ قيصرية، بينما يعانى 20% من نقص الوزن أو مضاعفاتٍ صحيةٍ خطيرة.
