في كل عام، يطلّ عيد الحب كفيلم ملوّن في شوارع رمادية. الوجوه تتبدّل، الورود تُباع أكثر من الخبز، والمقاهي تمتلئ بضحكاتٍ مزدوجة. أما “السناجل” أولئك الذين قرروا أن يكونوا في الخلفية فيكتفون بالمشاهدة، يبتسمون في صمتٍ ساخر، ويكتبون منشورًا خفيفًا عن “حب الذات” وكأنهم بخير حقًا.
لكن الحقيقة؟ وراء تلك الضحكات القوية، قليل من الوحدة، وذكريات مؤجلة، وأسئلة بلا إجابات فكلنا نريد أن نُحب، لكننا هذه المرة نريد حبًا سليمًا، لا مؤلمًا حبًا يأتي من شخص سويّ نفسيًا، لا يجعلنا نعتذر عن مشاعرنا ولا نُبرر وجودنا.
الحب ليس باقة ورد تُلتقط بها صورة، ولا رسالة صوتية في منتصف الليل، بل طمأنينة تمتد على هيئة شخص يفهمك دون أن تشرح.
الحب ليس سباقًا في إظهار المثالية، بل مساحة نرتاح فيها لنكون على طبيعتنا.
ومهما حاول البعض السخرية من عيد الحب، يظل هذا اليوم يحمل في طياته معنى بسيطًا وعميقًا: أن القلب ما زال قادرًا على الخفقان، حتى لو كان يخفق وحده.
نضحك كي لا نعترف بالوحدة، ونحتفل بأنفسنا كأننا نُعلن أن الحياة لا تتوقف عند غياب أحد نطلب البيتزا بدل العشاء الرومانسي، نضحك على الميمات، ونردد: “كل سنة وأنا قلبي بخير.”
لكن خلف تلك النكات، شوق صغير ينتظر من يستحق. فلا بأس بالحزن المؤقت، ما دام القلب لا يزال يحتفظ بقدرته على الحلم.
في النهاية، لا بأس أن نكون وحدنا هذا العام لا بأس أن نحزن قليلًا ثم نبتسم.
فربما يكون أجمل ما في عيد الحب أنه يذكّرنا أن الحب الحقيقي لا يأتي ليملأ الفراغ، بل ليضيف ضوءًا إلى حياة امتلأت بذاتها أولًا