من الشائع الشعور بتقلبات مزاجية خلال فترات تغيرات الفصول، إلا أنه في بعض الحالات قد تكون تلك التغيرات في المزاج، علامة على معاناة الشخص من اضطرابات نفسية.
وبحسب "موقع الجارديان"، فإنه على الرغم من أن الاضطراب العاطفي الموسمي (Sad) ، لم يتم التعرف عليه رسميًا من قبل الأطباء النفسيين إلا في ثمانينيات القرن العشرين، إلا أن الارتباط بين الفصول والمزاج والحيوية تم ملاحظته منذ فترة طويلة.
تقلبات الفصول تاريخيا
وصف كتاب "كلاسيكية الطب" للإمبراطور الأصفر، وهو نص صيني يعود تاريخه إلى حوالي عام 300 قبل الميلاد، كيف تؤثر الفصول على جميع الكائنات الحية، ونصح بأنه في الشتاء، ينبغي على المرء "التقاعد مبكرًا والاستيقاظ مع شروق الشمس"، مع الحفاظ على "هدوء الرغبات والنشاط الذهني، كما لو كان يخفي سرًا سعيدًا".
ووفقًا للدكتورة كاثي وايز، الباحثة في جامعة إدنبرة، فإن أكبر تقدم خلال العقد الماضي هو إدراك أن التغيرات الموسمية في مزاج الإنسان قد تكون ذاتية المنشأ، أي أنها جزء من فسيولوجيتنا.
العلاقة بين اكتئاب الفصول والتقلبات المزاجية
ليس من السهل التمييز بين الخمول الشتوي الطبيعي والاكتئاب السريري، ويعد الاكتئاب الحاد كنوع فرعي من الاكتئاب الشديد أو الاضطراب ثنائي القطب، ويعرَف بنمطه الموسمي المتوقع، حيث تبدأ الأعراض عادةً في الخريف أو الشتاء وتختفي في الربيع، وإلى جانب العلامات النموذجية للاكتئاب، غالبًا ما ينام المصابون به لفترة أطول، ويشعرون بالخمول، ويرغبون في تناول المزيد من الطعام، وخاصةً الكربوهيدرات.
لا تزال أسباب هذه التغيرات قيد البحث، ولكن من شبه المؤكد أنها مرتبطة بقلة ضوء النهار، حيث يعد الضوء المنظم الرئيسي لساعة أجسامنا الداخلية، أو ما يُعرف بالساعة البيولوجية، إذ يؤثر على توقيت إفراز الهرمونات واليقظة والمزاج، وبدون ضوء النهار الكافي، خاصةً مع كثرة الإضاءة الاصطناعية في المساء، قد تنحرف هذه الإيقاعات عن التزامن مع العالم الخارجي.
وقد يكون بعض الأشخاص أكثر حساسية لهذا التحول من غيرهم على سبيل المثال، بالنسبة للتأثيرات الموسمية على الاضطراب ثنائي القطب ، تبلغ نوبات الهوس ذروتها غالبًا في الربيع، ويميل الاكتئاب إلى أن يكون أكثر شيوعًا في الأشهر الأكثر ظلمة، مما يشير إلى أن المصابين بالاضطراب ثنائي القطب، قد يكونون شديدي الحساسية للضوء والإشارات الموسمية، وهذا ما يُحفز أعراضهم.
حتى بين غير المصابين بالاكتئاب السريري، يعاني الكثيرون من تقلبات مزاجية موسمية خفيفة، تُعرف باسم الحزن شبه المتلازمة أو "كآبة الشتاء"، وفي المملكة المتحدة، يُقدر أن واحدًا من كل خمسة أشخاص يُصابون بهذا الاضطراب، مع أن حوالي 2% فقط يُعانون من الحزن الكامل.
كيفية التغلب على اكتئاب الشتاء
استعد لشمس الصباح: حتى في الأيام الغائمة، اخرج مبكرًا قدر الإمكان، حيث يعيد ضوء النهار ضبط ساعتك البيولوجية، ويُحسّن يقظتك، ويخفض إنتاج الميلاتونين، لأن ضوء الصباح الباكر قويٌّ للغاية.
راجع عادات نومك: التزم بمواعيد نوم واستيقاظ منتظمة، وتجنب الشاشات في وقت متأخر من الليل، وحافظ على إضاءة ليلية دافئة وخافتة، هذا يساعد على منع اضطراب إيقاعاتك الداخلية.
اخرج إلى الهواء الطلق: حتى في يوم غائم من شهر يناير، يكون ضوء النهار الخارجي أكثر سطوعًا بعشر مرات تقريبًا من ضوء النهار الداخلي، احرص على قضاء ساعة على الأقل يوميًا، ويفضل أن يكون ذلك مع نشاط ممتع: نزهة، أو احتساء قهوة في الحديقة، أو لعب كرة القدم مع الأصدقاء.
خطط لمتع الشتاء: غير أفكارك، مثل "أكره الشتاء"، إلى "الشتاء أصعب، لكن يمكنني التخطيط له"، مارس طقوسًا دافئة، كالشموع أو الشوكولاتة الساخنة أو الحمامات الدافئة، وجدول أنشطة اجتماعية أو خارجية، كالغطس في الماء البارد أو رحلات المشي الشتوية.
اعرف متى تطلب المساعدة: إذا استمرت مشاكل المزاج أو النوم أو التحفيز لأسابيع أو أثرت على حياتك اليومية، فتحدث إلى طبيب عام أو أخصائي صحة نفسية.