في قصة ملهمة عن العطاء والتضحية، كشف محمد أحمد عطية، الذي كرمته وزارة التضامن الاجتماعي ضمن "الآباء القدوة"، عن رحلته في تربية ابنه بلال، الذي وُلد كفيفاً، مؤكداً أنه لم يشعر باليأس يوماً، بل اعتبر ابنه "هدية من الله" واختباراً إلهياً له.
وخلال حواره في برنامج "الستات مايعرفوش يكدبوا"، المذاع على قناة سي بي سي قال عطية إن التربية الصالحة هي أعظم استثمار وأفضل "صدقة جارية" يمكن للأب أن يقدمها، مشيراً إلى أنه لعب دور الأم والأب معاً في تربية ابنه الذي يعاني من إعاقة بصرية، والذي أصبح الآن طالباً في الفرقة الثالثة بكلية العلوم الإدارية بجامعة الجلالة، كما يعزف على السمسمية ويؤلف الشعر.
ورداً على سؤال حول لحظات اليأس التي مر بها، نفى عطية بشكل قاطع أن يكون قد استسلم لهذه المشاعر. وقال: "أنا ما بتعبش ومَبيجيليش اليأس ده، لأني بحبش اليأس أصلاً. لو عملتِ لنفسك إحباط ويأس مش هتعملي حاجة". وأضاف: "لما عرفت إنه كفيف، قلت ربنا بعتلي هدية، فلماذا أفرط فيها؟ ربنا بيختبرني، يشوف إذا كنت أنا هصون الهدية اللي هو ادهاني دي ولا مش هصونها".
مواقف صعبة وقوة في المواجهة
وتحدث عطية عن التحديات التي واجهها، خاصة في طفولة ابنه بلال. وأوضح أن ابنه، كونه كفيفاً، كان يعتمد على حاسة اللمس لاستكشاف العالم، مما كان يسبب بعض المشاكل في الأماكن العامة. وروى موقفاً قائلاً: "لما كان يروح يشتري حاجة، لازم يمسك الحاجة بإيده ويحسس عليها، فكان بيوقع حاجات من المحلات".
واسترجع موقفاً صعباً حدث في الحضانة، حيث كان ابنه "شقي جداً" وتسبب في إصابة طفل آخر. وقال: "روحت أجيبه، عملي مشكلة. لقيت عيل مضروب ومتشوه خالص". وأضاف أن والدة الطفل المصاب صرخت فور رؤيتها ابنها، ولكن عندما علمت أن بلال هو الفاعل، تغير موقفها تماماً وقالت: "طالما بلال خلاص"، واحتضنته لأنها كانت تعرف ظروفه.
تربية على المسؤولية لا الشفقة
ورداً على مخاوف من أن تتحول شقاوة الطفل إلى عنف، أكد عطية أنه لم يتعامل مع ابنه على أنه معاق. وقال: "لأ، أنا ما حسستوش إنه معاق، أنا حسيته إن هو سوي عشان وديته مدرسة مبصرين". وشدد على أنه كان يعامله بمسؤولية كاملة، قائلاً: "تتحاسب، عملت حاجة غلط تتحاسب عليها، فكنت مديله الطريق اللي هو يمشي فيه صح".
وأشار إلى أن شقاوة ابنه كانت طاقة طفولية طبيعية تحتاج إلى توجيه، وليست علامة على الغضب، موضحاً أنه بفضل دمجه في مدرسة للمبصرين، أصبح بلال قائداً بين زملائه. وروى كيف تأثر ابنه عندما سأله أحد الأطفال "أنت مبتشوفش؟"، مما دفع بلال لسؤال والده: "يا بابا هو أنا ما بشوفش؟"، فأجابه الأب بحكمة: "مين قالك إنك مبتشوفش؟ ما هو بيشوف بالبصيرة بتاعته".
واختتم محمد عطية قصته بالتأكيد على أن رحلته مع ابنه كانت مليئة بالنجاح، وأنه لم يسمح لليأس بأن يتسلل إلى حياتهما، مقدماً نموذجاً ملهماً للأبوة التي تحول التحديات إلى قصص نجاح وقوة.