أسباب متلازمة نوبات القيء المفاجئة.. وعلاقتها بالاضطرابات العصبية

الإثنين، 03 نوفمبر 2025 03:00 ص
أسباب متلازمة نوبات القيء المفاجئة.. وعلاقتها بالاضطرابات العصبية طفل مريض

كتبت مروة محمود الياس

شعور خفيف بالغثيان في الصباح، يليه دوار وقيء متكرر لا يمكن السيطرة عليه. لكن حين تتكرر هذه النوبات بلا سبب واضح، وتستمر لساعات أو حتى لأيام، يجد الأطباء أنفسهم أمام لغزٍ طبي يُعرف باسم متلازمة القيء الدوري، وهي اضطراب لا يرتبط بالطعام أو العدوى، بل بمنظومة الأعصاب التي تتحكم في المعدة والأمعاء.

ووفقًا لتقرير نشره موقع Cleveland Clinic الطبي، تُعد هذه المتلازمة من الاضطرابات النادرة التي تُصيب الأطفال والبالغين على السواء، وتظهر على شكل نوبات متكررة من الغثيان والقيء والإرهاق الشديد، يليها فترات من التعافي الكامل. وغالبًا ما تبدأ النوبات في عمر الطفولة، بين الثالثة والسابعة، لكنها قد تستمر حتى سن البلوغ أو تعاود الظهور بعد سنوات من الهدوء.

 

اضطراب غامض يربط الدماغ بالمعدة

يشير الأطباء إلى أن متلازمة القيء الدوري ليست مشكلة في الجهاز الهضمي بقدر ما هي خلل في محور التواصل بين الدماغ والأمعاء، أي المسار العصبي الذي يربط الإشارات العصبية بالمعدة. فعندما يحدث اضطراب في هذا الاتصال، يبدأ الدماغ في إرسال أوامر متكررة للمعدة بالتقلص رغم عدم وجود طعام أو سبب واضح، مما يؤدي إلى موجات قيء متتابعة.

وتُظهر الدراسات أن الجهاز العصبي اللاإرادي — المسؤول عن التحكم في العمليات الحيوية اللاإرادية مثل التنفس وضغط الدم — يلعب دورًا رئيسيًا في هذا الخلل، حيث تؤدي اضطراباته إلى زيادة حساسية المعدة للمنبهات، فتستجيب بشكل مفرط.

 

تشابه الأعراض واختلاف المحفزات

تتشابه نوبات هذه المتلازمة لدى المريض نفسه في النمط والمدة والتوقيت، لكنها تختلف جذريًا من شخص لآخر.

ففي حين يعاني بعض الأطفال من القيء في ساعات الصباح الأولى، قد تظهر الأعراض لدى البالغين في أوقات مختلفة من اليوم.

وتبدأ الحالة عادة بما يُعرف بمرحلة "الإنذار" — وهي الشعور المسبق بالغثيان والعرق والدوار — تليها مرحلة القيء الشديد الذي قد يتكرر عشرات المرات في اليوم، ثم فترة تعافٍ قصيرة يعود بعدها المصاب إلى طبيعته تمامًا.

وتتضمن الأعراض الأخرى: آلامًا في البطن، صداعًا حادًا، دوخة، فقدان شهية، وتغيرًا في لون الجلد نتيجة الجفاف الناتج عن فقد السوائل.

 

الأسباب المحتملة: من الجينات إلى الضغط النفسي

لا يوجد سبب واحد محدد لهذه المتلازمة، لكن الأبحاث تُشير إلى عدة عوامل متشابكة، منها:

اضطرابات الميتوكوندريا المسؤولة عن إنتاج الطاقة داخل الخلايا العصبية.

تاريخ عائلي للإصابة بالصداع النصفي، إذ يشترك الاثنان في بعض المسارات العصبية.

حالات التوتر الشديد، أو القلق، أو الإثارة المفرطة — وهي محفزات شائعة لدى الأطفال والبالغين.

تناول بعض الأطعمة الغنية بالكافيين أو الشوكولاتة أو الجبن المعتق، أو تلك التي تحتوي على إضافات كيميائية مثل "الغلوتامات أحادية الصوديوم".


كما أن قلة النوم والإرهاق الجسدي والعدوى الفيروسية قد تُسهم في تحفيز النوبات.

 

كيف يشخّص الأطباء الحالة؟

تشخيص متلازمة القيء الدوري يعتمد على استبعاد الأسباب الأخرى للقيء مثل القرحة، أو الالتهابات، أو أمراض الكبد والبنكرياس.

يقوم الطبيب بمراجعة التاريخ المرضي للمريض وعائلته، ثم يطلب مجموعة من الفحوص تشمل تحاليل الدم والبول، وتصوير البطن بالموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي، وربما إجراء منظار علوي للمعدة.

ولا يوجد اختبار محدد لتأكيد التشخيص، لكن النمط المتكرر للنوبات واستجابة المريض للعلاج يوجهان الطبيب نحو هذا الاحتمال.

 

العلاج والسيطرة على النوبات

يعتمد العلاج على مرحلتين: التعامل مع النوبة عند حدوثها، ثم الوقاية من تكرارها.

أثناء النوبة، يُنصح بالراحة في مكان مظلم وهادئ لتقليل التحفيز العصبي، مع تناول أدوية مضادة للغثيان ومخفضة لحمض المعدة.

في الحالات الشديدة، يحتاج المريض إلى تعويض السوائل عن طريق الوريد داخل المستشفى لتجنب الجفاف، وقد توصف أدوية مضادة للصرع أو للصداع النصفي لتقليل شدة الهجمات.

أما الوقاية فتركّز على تجنب المحفزات المعروفة، والحفاظ على نمط نوم منتظم، وتجنّب الصيام الطويل أو الإفراط في التمارين. كما يُنصح بتناول وجبات صغيرة ومتكررة وتجنّب الأطعمة التي تثير المعدة.

 

بين الأمل والتحدي

ورغم أن المتلازمة قد تستمر لسنوات، فإن كثيرًا من الأطفال يتجاوزونها تدريجيًا مع التقدم في العمر.

ويؤكد الأطباء أن التعاون المستمر مع الفريق الطبي، ومتابعة الأعراض بدقة، وتدوين المحفزات اليومية، يساعد في السيطرة على المرض وتقليل تكرار نوباته.

 

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب