يوم بلا شاشات.. كيف يعيدك الانفصال عن التكنولوجيا للتوازن النفسى والصحى

السبت، 29 نوفمبر 2025 11:00 م
يوم بلا شاشات.. كيف يعيدك الانفصال عن التكنولوجيا للتوازن النفسى والصحى ضرورة الانفصال عن الشاشات

كتبت مروة محمود الياس

في زمن تتسارع فيه الإشعارات قبل أن نلتقط أنفاسنا، باتت أجهزتنا الذكية تفرض حضورها في كل لحظة من يومنا — من أول نظرة عند الاستيقاظ إلى آخر ضوء قبل النوم. لم يعد الانفصال عنها أمرًا بسيطًا، بل أصبح قرارًا يتطلب شجاعة حقيقية وإرادة واعية لاستعادة شيء من هدوءنا الإنساني.

وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإن تقليل الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية ليوم واحد أسبوعيًا يمكن أن ينعكس إيجابًا على جودة النوم، والتركيز، والمزاج العام، كما يساعد في تهدئة الجهاز العصبي الذي يظل في حالة استنفار دائم بسبب التدفق المستمر للمعلومات والتنبيهات. التقرير يشير أيضًا إلى أن هذه الخطوة البسيطة تُعدّ شكلاً حديثًا من "إعادة ضبط الإيقاع العصبي"، وهي ممارسة تساهم في تحسين التوازن النفسي والجسدي.

 

لماذا يصعب علينا الابتعاد عن الشاشات؟

الدماغ البشري يتعامل مع الإشعارات والمستجدات كمنبهات للفضول والمكافأة. كل إشعار جديد يحفز إطلاق الدوبامين، وهو الناقل العصبي المرتبط بالشعور بالرضا. بمرور الوقت، يتحول هذا التحفيز المتكرر إلى اعتماد شبه قهري، ما يجعل إغلاق الهاتف أو تركه لبضع ساعات أمرًا مثيرًا للقلق لدى كثيرين.

إضافة إلى ذلك، تُستخدم الأجهزة اليوم في العمل والدراسة والتواصل الاجتماعي وحتى الاسترخاء، مما يجعل فكرة “الفصل الكامل” تبدو غير واقعية. إلا أن التجارب تُظهر أن الخروج المؤقت من هذا النمط ليس فقط ممكنًا، بل ضروريًا لإعادة التوازن.

 

استعادة الوقت المفقود

غالبًا ما يكتشف من يجرّب "اليوم الخالي من الشاشات" أن لديه وقتًا فائضًا لم يدرك وجوده من قبل. يمكن استثماره في القراءة، أو المشي، أو حتى الجلوس بصمت مع النفس. هذا الانفصال المؤقت يمنح الذهن فرصة للتنفس، ويعيد له قدرته على التركيز العميق التي تآكلت بفعل التشتت الرقمي المستمر.

 

تحسين النوم وتنشيط الإيقاع الحيوي

الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يؤثر في إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم. لذا فإن تقليل استخدام الأجهزة، خاصة في ساعات المساء، يساعد على استعادة دورة النوم الطبيعية. وقد أظهرت الدراسات أن الامتناع عن الشاشات ليوم واحد أسبوعيًا يخفف الأرق ويحسن جودة النوم خلال الأيام التالية.

 

اتزان بين العمل والحياة

العمل من المنزل زاد من صعوبة الفصل بين المهام المهنية والحياة الخاصة. حين تغيب الحدود المكانية والزمانية، يصبح من السهل أن يمتد العمل إلى المساء والراحة إلى منتصف النهار. هنا يأتي “اليوم بلا تكنولوجيا” كفرصة لإعادة رسم الحدود — يوم تُغلق فيه البريد الإلكتروني وتختفي فيه الاجتماعات الافتراضية لتستعيد السيطرة على وقتك وطاقتك.

 

انخفاض مستويات التوتر

المتابعة اللحظية للأخبار ومواقع التواصل تُبقي العقل في حالة يقظة دفاعية مستمرة، ما يرفع مستوى هرمونات التوتر مثل الكورتيزول. الانفصال عن هذا السيل لمدة 24 ساعة فقط كفيل بخفض التوتر وتحسين الحالة المزاجية. كثير من المشاركين في برامج “الديتوكس الرقمي” أفادوا بأنهم شعروا براحة ذهنية تشبه قسطًا من النوم العميق بعد أول تجربة ناجحة.

 

راحة للجسد قبل الذهن

لا يقتصر الضرر على النفس فقط؛ فالساعات الطويلة أمام الشاشات تُجهد عضلات الرقبة والظهر والعينين. حين تُغلق أجهزتك ليوم واحد، تمنح جسدك فرصة لإعادة التوازن العضلي والبصري. ممارسة تمارين التمدد أو المشي في الهواء الطلق تُعيد النشاط إلى الجسم بعد أسبوع من الجلوس المطوّل.

 

اختبار الإرادة واستعادة الذات

الابتعاد عن الهاتف ليس مجرّد تحدٍّ تقني، بل تجربة إنسانية عميقة تُذكّرك بقدرتك على السيطرة على سلوكك لا العكس. النجاح في قضاء يوم دون النظر إلى الشاشة يمنح شعورًا بالتحرر ويعزز الثقة بالنفس. إنها تجربة بسيطة لكنها تُعيد تعريف علاقتنا بالتكنولوجيا، وتجعلنا أكثر وعيًا بما نستهلك من وقت وطاقة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة