تعتاد كثير من الفتيات والنساء على اعتبار آلام الدورة الشهرية جزءًا من "الطبيعي"، حتى وإن كانت تُعطّل حياتهن اليومية أو تجعلهن غير قادرات على العمل أو الدراسة، لكن الحقيقة الطبية تقول إن الألم الشديد أو النزيف الزائد لا يجب تجاهلهما أبدًا، لأنهما قد يشيران إلى مشكلة صحية أعمق تحتاج لتشخيص مبكر.
وفقًا لتقرير نشره موقع M Health Fairview، فإن تكرار نزيف قوي أو تقلصات مبرحة، أو غياب الدورة لأشهر متتالية، هي مؤشرات تستدعي استشارة الطبيب فورًا، فبينما يُعد بعض عدم الارتياح أمرًا متوقعًا أثناء الحيض، إلا أن الألم الذي يعوق الأنشطة اليومية أو يستمر لفترات غير معتادة لا يمكن اعتباره "طبيعيًا".
متى تصبح آلام الدورة ناقوس خطر؟
عادةً ما تبدأ الدورة الشهرية في الاضطراب خلال سنوات المراهقة، وقد تحتاج إلى عام أو اثنين حتى تستقر الهرمونات وتنتظم المواعيد. لكن هناك علامات واضحة تشير إلى ضرورة التدخل الطبي السريع، منها:
ـ إذا كانت الدورة تأتي كل أقل من 21 يومًا أو تغيب تمامًا لمدة تتجاوز 3 أشهر.
ـ إذا كان النزيف كثيفًا لدرجة تستدعي تغيير الفوط الصحية كل ساعة أو ساعتين.
ـ إذا استمر النزيف أكثر من 7 أيام متواصلة.
ـ إذا ظهرت جلطات دموية كبيرة الحجم أثناء الحيض.
ـ إذا كان الألم في الحوض أو أسفل الظهر يمنعك من الحركة أو يؤثر على نومك ودراستك أو عملك.
ـ إذا ظهرت أعراض فقر دم مثل الدوخة والتعب المستمر وضيق النفس.
هذه العلامات ليست عادية، وتشير غالبًا إلى خلل هرموني أو مشكلة في بطانة الرحم تستحق الفحص.
لماذا تحدث هذه الاضطرابات؟
السبب قد يكون بسيطًا مثل خلل في التوازن الهرموني بعد البلوغ، أو أكثر تعقيدًا مثل متلازمة تكيس المبايض أو بطانة الرحم المهاجرة.
تكيس المبايض مثلاً يؤدي إلى ضعف الإباضة، مما يسبب دورات متباعدة أو غزيرة بشكل غير معتاد، كما قد يظهر معه حب الشباب أو زيادة في الشعر بالجسم. أما بطانة الرحم المهاجرة، فهي حالة تنمو فيها أنسجة مشابهة لبطانة الرحم في أماكن أخرى داخل الحوض، مسببة ألمًا شديدًا قبل وأثناء الحيض، وقد يصاحبها نزيف بعد العلاقة الزوجية أو أثناء التبول.
لا تنتظري حتى تتفاقم الأعراض
الأطباء يشددون على عدم تجاهل الألم المتكرر قد يؤدي إلى مضاعفات طويلة المدى مثل الأنيميا، أو الالتصاقات في حالة بطانة الرحم المهاجرة. لذلك، من المهم تسجيل تفاصيل الدورة — مواعيدها، مدتها، شدة الألم، كمية النزيف — لأن هذه المعلومات تساعد الطبيب على تحديد السبب بسرعة ودقة.
كذلك قد يطلب الطبيب فحوصات دم أو أشعة موجات فوق صوتية (سونار) للكشف عن أكياس المبيض أو تضخم الرحم أو اضطرابات الغدة الدرقية، وجميعها أسباب يمكن علاجها دوائيًا إذا اكتُشفت مبكرًا.
الألم مش قدر.. العلاج ممكن
إذا تم تشخيص الحالة مبكرًا، يمكن التعامل معها بسهولة. فالعلاجات الهرمونية مثل حبوب منع الحمل تُستخدم لتنظيم الدورة وتقليل النزيف، كما يمكن وصف مسكنات مضادة للالتهاب لتخفيف التقلصات. وفي بعض الحالات، يُوصى بالعلاج الطبيعي لتقوية عضلات الحوض أو تعديل نمط الحياة عبر تحسين التغذية والنوم.
لكن الأهم هو ألا تُجبري نفسك على التعايش مع الألم، لأن الدورة الشهرية ليست عقوبة، بل وظيفة فسيولوجية يجب أن تمر بسلام دون أن تُعطل حياتك.