جهاد الدينارى

480 جنيها تنقذ مريضا فى التأمين الصحى الشامل.. حين يكون ثمن الحياة أقل من باقة إنترنت

الجمعة، 28 نوفمبر 2025 02:23 م


"480 جنيها فقط لا غير.. يمكنها أن تنقذ مريض، أو تكون تكلفة شاملة لإجراء عمليات جراحية دقيقة بتقنيات وإمكانيات عالمية داخل مصر" بالتأكيد عزيزى القارئ عندما تقع عينيك على أول سطر في هذا المقال، ستعتقد أننى أكتبه من وحى خيالى الحالم بالمدينة الفاضلة، لكن الحقيقة أن كل ما ذكرته ما هو إلا "حقيقة" وواقع خدمى قدمه نظام التأمين الصحى الشامل للمصريين، فهذا المبلغ البسيط الذى لم يعد قادراً على شراء قطعة ملابس واحدة، أو على سداد رسوم باقة إنترنت متوسطة، في زمن العالم يعانى فيه من أزمات اقتصادية طاحنة، أصبح بإمكانه بث الأمل في نفوس مرضى السرطان والمحتاجين لإجراء عمليات جراحية دقيقة قد تصل تكلفتها إلى مئات الألاف.

والتجربة هنا خير دليل، فمنذ أيام قليلة أعلنت الهيئة العامة للرعاية الصحية عن نجاح أول عملية استئصال جذري للكلى بالمنظار داخل المجمع الطبي الدولي بالأقصر، لسيدة تبلغ من العمر 32 عامًا كانت تعاني من آلام شديدة بالبطن، وأظهرت الفحوصات الطبية وجود ورم بالكلى استدعى التدخل الجراحي الفوري .

والمبشر هنا أن "الفريق الطبي المصرى نجح في استئصال الكُلية بالكامل باستخدام المنظار الجراحي، في عملية تُعد من أدق الجراحات في تخصص المسالك البولية، ولم تتكلف المريضة المنتفعة بنظام التأمين الصحى الشامل إلا بنسبة مساهمة تقدر بـ 482 جنيها، في حين أن التكلفة الأصلية لهذه العملية في أبسط مستشفى خاص قد تتخطى الـ 150 ألف جنيه .

والحقيقة أن هذا الإجراء الطبي الدقيق وهذه التكلفة البسيطة مقارنة بالسعر الأصلى، لم يكن الأول في نظام التأمين الصحى الشامل، فمنذ أقل من شهرين أعلنت "الهيئة العامة للرعاية الصحية" عن نجاح فريق طبي متخصص في مستشفى حورس الدولي بالأقصر، في إجراء جراحة دقيقة لاستئصال ورم بالمخ واقع في مركز الكلام، حيث خضع المريض للعملية وهو مستيقظ طوال 6 ساعات متواصلة، دون أي تأثير على قدرة المريض على النطق أو التواصل.

وتكلفة العملية  هنا أيضاً كانت 480 جنيها، في حين أن تكلفتها خارج التغطية الصحية الشاملة، تتخطى 700 ألف جنيه، فهذا الإنجاز الطبى من وجهة نظرى على  مستوى الخدمة والتكلفة، مبشراً بنظام تأمين صحى جديد مختلف تماماً عن ما سبقه،  فبعد مرور عام واحد فقط على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصحة كانت هذه الإنجازات كافية لكشف حجم التحول الكبير الذي يشهده القطاع الصحي المصري، خاصة أن المنظومة أصبحت تغطي الآن أكثر من 5 ملايين مواطن في 6 محافظات، من بينهم نحو 905 آلاف مواطن من الفئات الأكثر احتياجًا من غير القادرين، الذين تتولى الدولة دفع اشتراكاتهم بالكامل، وذلك تنفيذًا لقرار رئيس مجلس الوزراء بضمان عدم حرمان أي مواطن من حقه في الرعاية الصحية بسبب ظروفه الاقتصادية، وهو رقم يعكس توسعًا متدرجًا لكنه مدروس، يستند إلى قدرة تشغيلية وإدارية حقيقية، وليس مجرد إضافة رقمية،

فضلاً عن توسع الهيئة في التعاقد مع مقدمي الخدمة على مستوى الجمهورية، حيث وصل عدد المتعاقدين إلى 523 مقدم خدمة، من بينهم 148 مقدم خدمة من القطاع الخاص، وهو ما يضمن توفير الخدمة بجودة عالية.

لكل هذه الأسباب والأرقام التوسعية والإجراءات الطبية والتكاليف البسيطة، والتغطية السريعة الشاملة لـ 6 محافظات في عام واحد، تجعلنى استبشر خير بنظام تأمين صحى ينافس الأنظمة العالمية من حيث القدرة والإمكانيات والتقنيات، وقد يتفوق عليهم في التكلفة والسعر البسيط  للغاية.

في النهاية إذا كنت قد وصلت عزيزى القارئ إلى هذا الجزء من المقال، أولاً أشكرك، ثانياً اسألك.. هل مازلت قلق بشأن مستقبل منظومة التأمين الصحى الجديد في مصر؟




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب