تطورات متسارعة ومتلاحقة في الملف اللبناني، بعد أن عادت الضاحية الجنوبية لبيروت إلى الواجهة مجدداً مع استهدافها من قبل الجيش الإسرائيلي، في عملية طالت الرجل الثاني في حزب الله - الإيراني الأصل -، هيثم علي طبطبائي، وسقوط 5 قتلى و28 جريحاً.
اللافت، أن هذه العملية أتت بعد يومين من إطلاق الرئيس اللبناني جوزيف عون، مبادرة لوضع حل مستدام للأزمة مع إسرائيل، يقضي بتثبيت الاستقرار، ويربط الخطوات اللاحقة بالموقف العربي.
والأهم - في اعتقادى -، هو فهم موقف الولايات المتحدة، لأن ببساطة هناك انقسام داخل الإدارة الأمريكية بشأن لبنان، حيث إن البنتاجون يعتبر أن أداء الجيش اللبناني جيد، بينما أطراف أخرى في واشنطن تدفع نحو زيادة الضغط وربما إجراءات عقابية ضد بيروت، فضلا عن أن أحد المقترحات الأمريكية هو تعزيز النفوذ العربي– الخليجي في لبنان كوزن مقابل لإيران، لكن هذا الخيار يصطدم بواقع أن علاقة حزب الله بإيران ليست مالية فقط بل عقائدية.
لذلك، فإن الإشكالية – الآن - أن واشنطن تطالب بيروت بفعل المزيد، لكنها تفشل في الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات مقابل نزع سلاح حزب الله، مما يعقّد المفاوضات ويُضعف موقع لبنان التفاوضى ويمنح الوقت لإسرائيل تنفذ ما تريد.
وأخيرا.. فإن الضربة الإسرائيلية تحمل دلالات ميدانية وسياسية بالغة الأهمية، وقد تشكّل نقطة تحول في قواعد الاشتباك على الساحة اللبنانية، حيث يشير استهداف الطبطبائي إلى أن إسرائيل انتقلت إلى مرحلة أعلى من التصعيد، خاصة أن الهدف الإستراتيجي لإسرائيل هو استثمار اللحظة الحرجة التي يمرّ بها لبنان، من أجل محاولة تحقيق هدفها الأكبر؛ وهو توجيه ضربة قاصمة للجناح العسكري لحزب الله وتقليص قدراته في أي مواجهة مقبلة، لتضع لبنان وحزب الله أمام موقف صعب، فإذا جاء رد حزب الله مباشرا فقد تنزلق الأمور نحو مواجهة واسعة، أما إذا اختار الحزب سياسة ضبط النفس وتجنّب الحرب، فسنكون أمام استمرار لهذا النمط من الاعتداءات..