ربما لم يتوقع إيلون ماسك أن تُحدث ميزة واحدة فقط لمنصة X كل هذا الزخم، بعدما أطلقت المنصة ميزة جديدة للشفافية والتى تكشف العديد من المعلومات وعلى رأسها الموقع الجغرافي لصحاب الحساب الذى تتابعه، وهو الأمر الذى دفع المستخدمين لتجربة الأمر لتظهر المفاجئة، بكون العديد من الحسابات الشهيرة تدار من أماكن أخرى، بما في ذلك حسابات "أمريكا أولاً" والتى اتضح أنها ليست أمريكية على الإطلاق، إضافة إلى بعض الحسابات التى تهاجم الدول العربية، الأمر الذى كشف عن مدى غموض المشهد السياسي على الإنترنت.
"قنبلة الشفافية": ماذا تكشف الميزة الجديدة؟
تعمل ميزة "حول هذا الحساب" أو About This Account، التي يمكن الوصول إليها عبر النقر على تاريخ انضمام المستخدم، على عرض "بطاقة تعريف" دقيقة لكل حساب، وتتضمن هذه البطاقة معلومات لم تكن متاحة من قبل بهذه السهولة، وأبرزها:
الموقع الجغرافي: البلد أو المنطقة التي يُدار منها الحساب حاليًا، بالاعتماد على مؤشرات تقنية مثل عنوان IP.
تاريخ الحساب: تاريخ الإنشاء وعدد المرات التي تم فيها تغيير اسم المستخدم.
معلومات إضافية: مصدر تحميل التطبيق (متجر آبل أو جوجل بلاي) وما إذا كان الحساب يستخدم شبكة افتراضية خاصة (VPN) لإخفاء موقعه.
وقد أعلن نيكيتا بير، رئيس قسم المنتجات في X، أن هذه الخطوة "مهمة لضمان سلامة الساحة العالمية"، وتهدف إلى تمكين المستخدمين من التحقق من صحة المحتوى ومكافحة الحسابات المزيفة التي تنشر معلومات مضللة.

سقوط الأقنعة: اكتشاف اللجان الإلكترونية
لم يكد يمر وقت قصير على إطلاق الميزة حتى انفجرت المفاجآت، إذ بدأ المستخدمون في فحص حسابات كانوا يتجادلون معها لشهور، لتتكشف حقائق صادمة قلبت المنصة رأسًا على عقب، بما في ذلك حسابات "أمريكا أولًا" (MAGA) إذ كشفت الميزة أن العديد من أبرز الحسابات الداعمة لحملة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا"، والتي تقدم نفسها على أنها أصوات وطنية أمريكية، تُدار في الواقع من خارج الولايات المتحدة.
وعلى سبيل المثال، فإن حساب MAGANationX (حوالي 400 ألف متابع) يُدار من أوروبا الشرقية، بينما حساب IvankaNews (حوالي مليون متابع)، وهو حساب معجبين بإيفانكا ترامب، يُدار من نيجيريا، أما حسابات أخرى مثل Dark Maga و MAGA Scope و America First كُشف أنها تُدار من تايلاند ونيجيريا وبنغلاديش على التوالي.

كذلك فحساب يُطلق على نفسه اسم "ULTRAMAGA 🇺🇸 TRUMP🇺🇸2028"، ويدّعي أنه مقره واشنطن العاصمة، مُدرج على أنه مقره في إفريقيا،كما أُدرج حساب آخر، حُذف الآن، باسم مستخدم مستوحى من الرئيس دونالد ترامب - "ترامب رئيسي" - على أنه مقره في مقدونيا، ويبدو أن حسابًا باسم المستخدم @American، مع صورة شخصية تُظهر نسرًا أصلعًا فوق العلم الأمريكي، مقره في جنوب آسيا.
وقد وصف المؤثر اليساري ميكا إرفان الأمر بأنه "هرمجدون لليمين الإلكتروني"، بينما اعتبره آخرون تبريرًا كاملاً للتحذيرات من عمليات التأثير الأجنبي.
بينما كتب المؤثر الليبرالي هاري سيسون: "هذا بلا شك أحد أعظم الأيام على هذه المنصة"، "إن رؤية جميع حسابات حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" هذه تُكشف على أنها جهات أجنبية تحاول تدمير الولايات المتحدة هو تبرير كامل للديمقراطيين، مثلي ومثل الكثيرين هنا، الذين حذروا من هذا الأمر".
كشف "الذباب الإلكتروني" فى الوطن العربي
لم يقتصر تأثير ميزة "حول هذا الحساب" على الساحة السياسية الغربية، بل امتد صداها بقوة إلى العالم العربي، حيث استُقبلت كأداة طال انتظارها لكشف ما يُعرف بـ "الذباب الإلكتروني" أو "اللجان المنظمة"، ولطالما عانت المنصات الرقمية العربية من حسابات مجهولة المصدر تشن حملات ممنهجة لمهاجمة دول بعينها، أو بث الفتنة، أو الترويج لأجندات سياسية معادية تحت ستار أسماء وصور رمزية توحي بأنها حسابات محلية.
ومع تفعيل الميزة الجديدة، سارع المستخدمون في السعودية والخليج العربي بشكل خاص إلى تطبيقها على الحسابات المشبوهة، وكانت النتائج كاشفة بشكل لافت، حيث أظهرت عمليات الفحص أن جزءًا كبيرًا من الحسابات التي تهاجم السعودية ودول الخليج وتنتحل صفة مواطنين معارضين، تُدار في الواقع من دول معروفة بمعاداتها لهذه الدول، مثل تركيا وإيران، بالإضافة إلى مقرات في بريطانيا للحسابات المنظمة سياسيًا.
كما أن تم الكشف عن أن معظم الحسابات التي تنتحل أسماء وصور فتيات سعوديات وخليجيات بهدف الترويج لمحتوى غير أخلاقي أو الإساءة للمجتمع، تُدار من خارج المنطقة، وتحديدًا من اليمن وبعض الدول العربية الأخرى.
كما ساعدت الميزة في تحديد مصدر الحسابات التي تدعي جمع التبرعات أو سداد الفواتير تحت غطاء ديني أو إنساني، حيث تبين أن الكثير منها يُدار من دول إفريقية بهدف خداع المستخدمين وسرقة أموالهم.
قائمة المفضوحين تكشف الحقيقة
فيما تصدر هاشتاج "قائمة المفضوحين" منصة X، والذى كشف عن عدد من الحسابات التي تنتحل هوية داخليّة لكنها تُدار فعليًا من دول خارجية، وحسب تقرير صحيفة عكاظ، إن هذه الحسابات التي تُهاجم مشاريع داخلية أو تنتقد التحولات الاقتصادية تُظهر “انتماء محلي” لكن ما وراها هو تشغيل تقني من الخارج لتوجيه الرأي العام وتشويه صورة الداخل.

هل وزارة الأمن الداخلي الأمريكية تدار من تل أبيب؟
لكن المنشورات التي أثارت أكبر ضجة جاءت عندما انتشرت بسرعة لقطات شاشة وتسجيلات شاشة تزعم أن حساب وزارة الأمن الداخلي الأمريكية مُدرج على أنه مقره في إسرائيل، حيث نفت كل من الوزارة وبير هذه التكهنات، زاعمين أن المنشورات تنشر معلومات مضللة.
ونشر مستخدمين منصة X صورًا ومقاطع فيديو يُزعم أنها تُظهر حقل الموقع الذي يعرض "تل أبيب، إسرائيل، لكن اختفت ميزة معلومات الحساب فجأةً بعدها، مما أثار تكهنات بأن شركة X قد سحبت الأداة لإخفاء الجدل حول وزارة الأمن الداخلي، حيث اندلعت الأزمة وسط تصاعد ردود الفعل السلبية من مختلف الأطياف السياسية على دعم المسؤولين الأمريكيين لإسرائيل، والذي انتقده العديد من المعلقين لكونه يبدو وكأنه يُعطي الأولوية لكيان أجنبي على أمريكا.

وقد ردّت وزارة الأمن الداخلي في البداية بصورة تشبه الميم لترامب، وهو يبدو مذهولاً، لم تؤكد أو تنفي الجدل الدائر حول موقع حسابها، ثم أصدرت الوزارة نفيًا رسميًا، حيث نشرت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية: "لا أصدق أننا مضطرون لقول هذا، لكن هذا الحساب لم يُدار ويُشغّل إلا من الولايات المتحدة، من السهل تزوير لقطات الشاشة، ومن السهل التلاعب بمقاطع الفيديو، شكرًا لكم على اهتمامكم بهذه المسألة".
واعتبارًا من صباح الأحد، أصبحت معلومات الموقع متاحة مجددًا على حساب وزارة الأمن الداخلي، هذه المرة، يظهر: "الولايات المتحدة"، ولكن يبدو أن وزارة الأمن الداخلي هي الحساب الحكومي الوحيد ذي علامة رمادية الذي يعرض الموقع الذي يوجد فيه، حيث تعرض الحسابات الحكومية الأخرى الآن فقط تواريخ إنشاء الحسابات والتحقق منها.
منصة X توقف الميزة مؤقتا
ورغم الاحتفاء الواسع، لم يخلُ إطلاق الميزة من تخبط وارتباك، فبعد ساعات قليلة من تفعيلها، تم سحبها أو تقييدها مؤقتًا، حيث بررت الشركة الخطوة بانها نتيجة لأخطاء تقنية بما في ذلك أخطاء في تحديد الموقع، إضافة إلى الضجة الكبرى التى اثيرت بعد انتشار لقطات شاشة تزعم أن حساب وزارة الأمن الداخلي الأمريكية يُدار من إسرائيل، وهو ما نفته الوزارة وبير بشدة، مؤكدين أن الصور "مفبركة"، فيما أرجع الخبراء التقنيون بعض الأخطاء إلى استخدام الشبكات الافتراضية (VPN)، أو سفر المستخدمين، أو وجود فرق عمل عالمية تدير الحسابات، وليس بالضرورة أنها "مزارع متصيدين".