من منا يخطط ليوم الجمعة كما يخطط لسفر أو مناسبة؟ كثيرون بات هذا اليوم لديهم مرادفاً للنوم لساعات طويلة، والاستيقاظ على عجل للحاق بصلاة الجمعة، ثم العودة إلى فراش تركوه دون شغف، ومع الوقت، فقد هذا اليوم جوهره، وتحوّل إلى استراحة خاملة بدلاً من أن يكون متنفساً يجدد الروح قبل أسبوع جديد.
طقوس صباحية تعيد ترتيب النفس
لماذا لا نضع للجمعة طقساً خاصاً؟ يبدأ برائحة بخور تدغدغ الذاكرة، فتوقظ فينا شيئاً من أجواء البيوت القديمة، تلك التي كانت تستقبل الجمعة كضيف عزيز لا كعابر سبيل.
قراءة سورة الكهف، والاستحمام والتطيب، والذهاب إلى المسجد في وقت مبكر.. كلها تفاصيل صغيرة، لكنها قادرة على منح اليوم طابعاً روحياً مختلفاً، كأنها تعيد تنسيق الروح من الداخل.
لمة العائلة.. دفء لا يصنعه الإنترنت
بعد الصلاة، يأتي المشهد الأجمل: لمة العائلة على طاولة غداء يعود فيها الزمن خطوات إلى الوراء، ضحكات من القلب، أحاديث بلا هواتف تقتطع اللحظة، نظرات تتبادل دفئها دون شاشة فاصلة.
الجمعة ليست فقط يوماً يؤدي فيه الناس صلاة جامعة، بل فرصة ليجتمعوا من جديد بعد أسبوع يبتلعهم بين عمل ومسؤوليات وضغوط.
مساء الجمعة.. مساحة سعادة يمكن صناعتها
لماذا لا يتحول مساء الجمعة إلى موعد ثابت للخروج العائلي؟ نزهة بسيطة، قهوة على ضفاف نهر، أو حتى جلسة في بيت العائلة بذكريات جديدة، المهم أن نقاوم أن يبتلعنا الروتين، وأن نصنع لحياتنا مشهداً مختلفاً كل أسبوع.
صلة الرحم.. رسائل أطول من المسافات
قد لا تسمح المسافات بزيارة الأقارب، لكن الجمعة قادرة على رأب هذا البعد، مكالمة، رسالة، أو حتى تسجيل صوتي دافئ يعيد خيط الوصل إلى مكانه، فصلة الرحم ليست عبئاً، بل باب رزق للروح قبل أن تكون فريضة للتقرب.
الجمعة.. يوم للحياة لا للنوم
يوم الجمعة ليس فرصة لتعويض النوم المتأخر بقدر ما هو فرصة لتعويض ما نقص من حياتنا خلال الأسبوع، هو يوم لتصفية الذهن، ولإعادة ترتيب الداخل، ولصناعة السعادة بأيدينا قبل أن ننتظرها من أحد.
إن خططنا له جيداً، سيصبح نافذة نطل منها على أسبوع جديد بشهية للحياة، لا بكسل يجرّ أقدامنا.
الجمعة يوم لا يشبه غيره، لكن علينا أولاً أن نتعامل معه كأنه كذلك، عندما نفعل، سنجده أقرب الأيام إلى القلب، وأدفأها وأقدرها على جمع ما تفرق منا طوال الأسبوع.