في عالم يختلط فيه سحر الفن بسطوة المال، ورغم بيع لوحة "بورتريه إليزابيث ليدرز" للرسام النمساوي جوستاف كليمت، أمس، بـ 236,4 مليون دولار، تظل لوحة "سالفاتور موندي" واحدة من أكثر الأعمال الفنية إثارة للدهشة والجدل، ليس فقط لأنها أغلى لوحة بيعت في التاريخ، بل لأنها تحمل معها قصة معقدة تمتد من القرن السادس عشر حتى يومنا هذا، اللوحة المنسوبة إلى عبقري عصر النهضة ليوناردو دا فينشي بيعت في مزاد علني عام 2017 مقابل 450,3 مليون دولار، في رقم لم يقترب منه أي عمل فني آخر.

لوحة سالفاتور موندى
عمل ضائع لخمسة قرون
تعود قصة اللوحة إلى نحو عام 1500، حين يعتقد أن دافنشي رسمها لصالح أحد نبلاء أوروبا، ومع مرور الزمن، اختفت اللوحة تمامًا من السجلات، قبل أن تظهر فجأة عام 2005 في مزاد صغير بالولايات المتحدة، في حالة سيئة ومغطاة بطبقات طلاء تخفي معالمها الأصلية.
تولى فريق متخصص عملية ترميم دقيقة استمرت سنوات، كشفت خلالها تقنيات التصوير بالأشعة عن تغييرات فنية في الرسم لا يقوم بها عادة سوى الفنان الأصلي، وهو ما عزز فرضية نسبتها إلى دافنشي نفسه.
لحظة قلبت موازين سوق الفن
شهدت دار كريستيز بنيويورك في نوفمبر 2017 واحدة من أكثر جلسات المزادات إثارة في تاريخها، بعدما تصاعدت المزايدات على اللوحة إلى أن وصلت إلى 450,3 مليون دولار، لتصبح أغلى لوحة في العالم على الإطلاق.
هل رسمها دافنشي حقًا؟
رغم احتفاء العالم باللوحة، فإنها لم تسلم من الجدل، فعدد من خبراء الفن يشككون في نسبتها إلى دافنشي، معتبرين أن أجزاء منها ربما نفذها تلاميذه في ورشته، بينما يرى آخرون أن التقنيات المستخدمة وتعديلات الرسم التي ظهرت بالأشعة تؤكد بصمة دافنشي.
الكرة الزجاجية التي يحملها المسيح في اللوحة كانت محورًا لتحليلات علمية كثيرة، إذ درست أبحاث محاكاة الضوء مدى دقة تصويرها، وانتهت إلى أن الفنان ربما صور كرة مجوفة شفافة بطريقة تتناسب مع فهمه المتقدم للبصريات.
تتجاوز أهمية سالفاتور موندي كونها أغلى لوحة في العالم، فهي عمل يحمل رمزية روحية وثقافية كبيرة، يجمع بين صورة المسيح وفلسفة دافنشي في تصوير العالم والإنسان، كما أصبحت مثالًا حيًا على كيف يمكن لعمل فني واحد أن يثير الدهشة والشكوك والاهتمام السياسي والاقتصادي في وقت واحد.