محمود عبدالراضى

ردح إلكتروني أم تواصل اجتماعي؟

الخميس، 20 نوفمبر 2025 10:13 ص


هل نحن بحاجة إلى ترتيب أوضاع استخدام السوشيال ميديا؟.. هل نحتاج إلى أن نهدأ قليلا قبل أن نصب الحروف على الشاشة؟.. هل يجب أن نفكر فيما نكتبه قبل أن يُكتب، وأن نكف عن الإسهاب الذي يحول الرأي إلى ضوضاء؟.

أسئلة تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تكشف احتياجاً ملحاً لإعادة ضبط البوصلة الرقمية التي انحرفت بنا حتى لم نعد نميز بين التعبير والتهريج، ولا بين النصيحة والشتيمة.

من فضاء للتواصل إلى ساحة للردح

للأسف، تحولت منصات التواصل الاجتماعي عند البعض إلى حلبة ردح إلكتروني، ومرصد مفتوح للسباب والافتراء والخوض في الأعراض، هناك من يملك قدرة خارقة على الإسفاف، كأن مفاتيح الكيبورد تتحول تحت أصابعه إلى سياط، يجلد بها الناس دون رادع.

كيف وصل بنا الأمر إلى هذا الحد؟ كيف صار العالم الافتراضي مساحة يطيب فيها الجدل العقيم أكثر مما يطيب فيها الحوار الراقي؟ في لحظة ما، تبدلت وظيفة المنصة، فتراجعت قيم التواصل، وارتفع منسوب الضجيج.

رقيب على الشاشة.. قبل رقيب السماء

ألم يأتكم قوله تعالى ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد؟
ألم تقرأوا أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك عنه مسؤولا؟
هذه الآيات لم تُكتب لتزيين الصفحات، بل لتذكيرنا بأن الكلمة أمانة، وأن ما نطلقه في لحظة غضب أو فراغ، يظل شاهداً لا يزول، ومع ذلك، يتعامل البعض مع السوشيال ميديا كأنها منطقة مباحة لا يحاسب فيها أحد، بينما الحقيقة أن الحساب يبدأ من حرف وقد ينتهي عند موقف.

واقع يوجع أكثر مما يدهش

ما أقوله ليس حديثاً يُفترى، بل واقع يعيشه الكثيرون، تتصفح الجروبات والصفحات العامة فتشعر بإحباط يكاد يصفعك، من كثرة ما فيها من بوستات القيل والقال، والجدل الذي لا طائل منه، ومن أشخاص يعانون من فراغ يحول الوقت إلى عبء، فيملأون السوشيال ميديا ضجيجاً بلا فائدة.

كأن العالم الافتراضي تحول إلى مقهى بلا أبواب، يجلس فيه كل من لا عمل له، فيثرثر دون توقف، بينما يغيب صوت الحكمة خلف جدار من الصخب.

لحظة صمت.. لعلها تهدي ما تبعثر

ما أحوجنا الآن إلى التعقل والتريث، إلى أن نعيد للكلمة هيبتها، وللرأي مكانته، وأن ندرك أن السوشيال ميديا ليست مكباً للغضب، بل وسيلة تواصل إن أحسنا استخدامها صلحت حياتنا، وإن أسأنا حولتنا إلى أسرى صخب لا ينتهي.
استقيموا يرحمكم الله.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب