في كل عام، وتحديداً في العشرين من نوفمبر، يتوقف العالم أمام مناسبة تلمس أعمق ما في الإنسانية من نقاء، يوم الطفل العالمي، اليوم الذي أوصت به الأمم المتحدة عام 1954 ليصبح رمزاً للتآخي والتفاهم بين الأطفال على مستوى العالم.
ورغم أن هذا اليوم يمر على دول كثيرة مروراً عابراً، إلا أن مصر تحرص على أن يتحول إلى مساحة أوسع للاهتمام والرعاية، انطلاقاً من إيمان الدولة بأن حماية الطفل ليست عملاً مناسباتياً، بل واجب وطني ومسؤولية إنسانية تمتد طوال العام.
ومن بين مؤسسات الدولة التي حملت هذا الملف على عاتقها، تأتي وزارة الداخلية، التي لم يعد دورها قاصراً على حفظ الأمن، بل باتت شريكاً أساسياً في حماية حقوق الأطفال ورعاية احتياجاتهم، من خلال مبادرات إنسانية وصحية وتعليمية وتوعوية، شكلت منظومة متكاملة لمساندة الطفل المصري في كل مكان، خاصة في المناطق الأكثر احتياجاً.
"سلامة عيونك".. بصيرة قبل البصر
في ظل رعاية مباشرة من رئيس الجمهورية، أطلقت وزارة الداخلية مبادرة "سلامة عيونك" كجزء من مبادرة "كلنا واحد"، بالتعاون مع إحدى شركات البصريات وأحد المستشفيات الكبرى. جاءت هذه المبادرة لتعيد النظر بمعناها الواسع إلى الأطفال في المناطق الأقل حظاً، من خلال قوافل طبية تضم نخبة من أطباء العيون، هدفها الكشف المبكر عن أمراض العيون لدى الطلاب.
لم تكن المبادرة مجرد فحص روتيني، بل مشروعاً متكاملاً لإنقاذ آلاف الأطفال من مشكلات وصعوبات قد تعيق تحصيلهم الدراسي أو حياتهم اليومية، وقد نجح الفريق الطبي في الكشف على نحو ثلاثة آلاف تلميذ وتلميذة في مختلف محافظات الجمهورية، وتقديم العلاج اللازم للحالات التي تحتاج إلى متابعة، إلى جانب توفير نظارات طبية مجانية للطلاب الذين تستدعي حالتهم ذلك.
وفي حالات خاصة، أثبت الكشف الطبي حاجتها إلى تدخل جراحي، فتم التنسيق مع أحد المستشفيات لإجراء العمليات المطلوبة دون أي تكلفة، وتؤكد وزارة الداخلية استمرار المبادرة باعتبار الرؤية السليمة حقاً أساسياً يجب دعمه بكل الوسائل.
الداخلية تحتفى باليوم الطفل العالمي 1
مدينة مرورية متنقلة.. لعبٌ يتعلم منه الصغار
"التعليم في الصغر كالنقش على الحجر"، مثل شعبي قديم، لكن وزارة الداخلية وضعته موضع التنفيذ العملي في ملف المرور. فكان ابتكار المدينة المرورية المتنقلة للأطفال، التي جرى تصميمها على هيئة نموذج مصغّر لمحاكاة البيئة المرورية الحقيقية: شوارع صغيرة، إشارات ضوئية، سيارات، حدائق، ولوحات إرشادية.
تنتقل المدينة من مدرسة إلى أخرى في مختلف المحافظات، لتتيح للأطفال تجربة فريدة تجمع بين اللعب والتعليم. يبدأ اليوم بشرح نظري مبسط لقواعد المرور، ثم ينتقل الأطفال إلى التطبيق العملي حيث تنقسم مجموعاتهم إلى ضباط مرور وسائقين ومشاة.
وبين خطوط أرضية آمنة وأرصفة ملوّنة وإشارات ضوئية، يتعلم الطفل كيف يعبر الطريق وكيف يحترم القواعد والإشارات، وكيف يمكن أن يصبح فرداً مسؤولاً عند الكبر.
المدينة المرورية تستقبل الأطفال من سن الرابعة وحتى العاشرة، لزرع قيم احترام الطريق في سن مبكرة، ولخلق جيل جديد أكثر وعياً وقدرة على تجنب الأخطاء التي تتسبب في الحوادث.
ولتشجيع الأطفال على التعلم بطرق مبتكرة، وفرت الداخلية قصصاً تعليمية عن أخطر خمس مخالفات مرورية، وكتيبات تلوين، وألعاب بازل، وحتى "رخصة قيادة" تذكارية يحصل عليها الطفل بعد انتهاء التدريب، في تجربة تجمع بين المتعة والمعرفة.
الداخلية تحتفى باليوم الطفل العالمي
يوم للفرح.. والشرطي صديق الطفل
احتفال وزارة الداخلية بيوم الطفل العالمي لم يعد مناسبة بروتوكولية، بل نشاطاً مجتمعياً واسعاً يمتد عبر مديريات الأمن في كل المحافظات.
من خلال قطاع حقوق الإنسان، تنظم الوزارة زيارات إلى المدارس ودور الأيتام والمستشفيات، وتوفد قوافل طبية للكشف على الأطفال وصرف العلاج بالمجان، وتستقبل مجموعات منهم داخل المنشآت الشرطية، لتقريبهم من رجال الشرطة وكسر حاجز الرهبة، وتعريفهم بالدور الأمني بطريقة بسيطة وممتعة.
وفي إدارة شرطة الخيالة، تُعد الداخلية يوماً ترفيهياً متكاملاً للأطفال، يشمل عروضاً موسيقية للشرطة وفقرة للخيل وتوزيع الهدايا، في مشهد يملأ القلوب بالبهجة ويترك أثراً طيباً لدى الأطفال ومشرفيهم.
كما تُنظّم زيارات إلى مستشفى السرطان ومستشفى أبو الريش ومستشفيات أطفال أخرى، حيث يتم تقديم هدايا لأسر الأطفال المحجوزين، في لمسة إنسانية تخفف عنهم قسوة المرض وتقربهم من شعور بأن الدولة تقف معهم في معركتهم.
وفي المستشفيات الشرطية، يستقبل قطاع الخدمات الطبية الأطفال لإجراء الكشف وصرف الأدوية مجاناً، بما يعكس الدور المجتمعي للمنظومة الأمنية وتكاملها مع حاجات المواطن.
الداخلية تحتفى باليوم الطفل العالمي
حماية بلا تردد.. أمن الطفل في قلب العمل الشرطي
لا يقتصر اهتمام الداخلية بالطفل على الجانب التعليمي أو الصحي فحسب، بل يمتد إلى حماية حقوقه وصون أمنه في الشارع.
فالوزارة تكافح ظاهرة استغلال الأطفال في التسول، وتعمل على ضبط المتسولين الذين يستخدمون الأطفال كوسيلة للربح غير المشروع، وتوفر آليات لتسليم الأطفال إلى جهات الرعاية المتخصصة.
كما تتعامل أجهزة الأمن بحسم مع جرائم التحرش بالأطفال ومحاولات الاعتداء عليهم، وتعمل على توفير بيئة آمنة تقلل فرص تعرضهم لمثل هذه الجرائم، من خلال الدوريات الأمنية، وتطبيق القانون على الجناة دون تهاون.
الداخلية تحتفى باليوم الطفل العالمي
زيارات للمتاحف والأماكن الأثرية.. ترسيخ للهوية والانتماء
وتنظم وزارة الداخلية جولات تثقيفية للأطفال تشمل زيارة المتاحف والقصور التاريخية والمدن السياحية والمنشآت الشرطية، بهدف تعريفهم بتاريخ بلدهم وتعزيز مفاهيم الولاء والانتماء.
تساعد هذه الزيارات الأطفال على رؤية الدولة من منظور مختلف، حيث يصبح الشرطي مرشداً وشريكاً في المعرفة، لا مجرد رجل أمن يراقب الشارع.
تكريم أبناء الشهداء.. الوفاء لأصحاب الدم الطاهر
وفي لمسة تعكس أعمق معاني الوفاء، تحرص الوزارة على تكريم الأطفال المتفوقين من أبناء شهداء الشرطة، لتؤكد أن تضحيات آبائهم محفورة في الذاكرة الوطنية، وأن الدولة لا تنسى أبناء من قدموا حياتهم دفاعاً عنها.
يحصل هؤلاء الأطفال على دروع تكريم وهدايا رمزية، ولقاءات مع قيادات الوزارة، في احتفالات تحمل دفء الأسرة الواحدة أكثر مما تحمل طابع الرسمية.
رسالة تتجاوز الأمن
إن ما تقدمه وزارة الداخلية للأطفال لا يُقرأ باعتباره مبادرات متفرقة، بل استراتيجية متكاملة تعكس رؤية الدولة في بناء مواطن صالح وسليم الصحة وقوي الانتماء.
فالطفل الذي يحصل على رعاية صحية جيدة، ويتعلم قواعد المرور، ويلقى دعماً نفسياً، ويحظى بحماية من الخطر، ويشعر بأن الدولة تحتضنه، هو طفل سيكبر ليصبح مواطناً مسؤولاً، يدرك قيمة القانون ويحترم مجتمعه.
يوم الطفل العالمي مناسبة للاحتفال، لكنه في مصر أصبح مناسبة لتأكيد التزام دولة كاملة بأطفالها، وفي مقدمتهم وزارة الداخلية، التي تمد يدها إلى أصغر أفراد المجتمع لتقول لهم بلغة العمل لا الكلام: أنتم مستقبل هذا الوطن، وسلامتكم مسؤوليتنا، وابتسامتكم واجب لا تسقط عنه الأيام.
الداخلية تحتفى باليوم الطفل العالمي
الداخلية تحتفى باليوم الطفل العالمي