مراكب الشمس.. من قلب الأهرامات إلى المتحف المصري الكبير

الأحد، 02 نوفمبر 2025 10:00 م
مراكب الشمس.. من قلب الأهرامات إلى المتحف المصري الكبير مراكب الشمس

محمد عبد الرحمن

إن المتحف المصري الكبير هو الحدث الأثري الأبرز في القرن الحادي والعشرين حتى الآن، و وفي قلب هذا الصرح الفريد، على أعتاب هضبة الجيزة، تتلألأ مراكب الشمس، تلك السفن المقدسة التي صاحبت الملك خوفو في رحلته إلى الخلود، لتصبح أيقونة رئيسية في المتحف المصري الكبير، وجسرًا رمزيًا بين عبقرية المصري القديم وابتكارات الحاضر.

يُعد متحف مراكب الشمس داخل المتحف المصري الكبير تجسيدًا بصريًا لفكرة البعث والخلود التي آمن بها المصري القديم، وامتدادًا طبيعيًا لرسالة المتحف نفسه في إعادة تقديم حضارة مصر للعالم.

فبعد أن أبحرت مراكب خوفو عبر الزمن، ها هي الآن تبحر مجددًا داخل فضاء المتحف الكبير، شاهدةً على أعظم ما أنجزه الإنسان في فن العمارة والبناء والإيمان بالحياة الأبدية.

وبالتزامن مع الافتتاح الرسمي للمتحف، سيُتاح للجمهور زيارة قاعة مراكب الشمس، لتكون شاهدة على رحلة جديدة من الضوء والمعرفة، تربط بين الماضي السحيق والحاضر المتجدد في متحف هو الأعظم في تاريخ مصر والعالم.

 

متحف مراكب الشمس.. أول عرض مزدوج في التاريخ

صُمم داخل المتحف الكبير مبنى مستقل بمساحة 4000 متر مربع لاستضافة مركب خوفو الشمسي الأول، الذي يوصف بأنه أكبر وأقدم قطعة أثرية خشبية في تاريخ البشرية. هذا المركب صنع منذ أكثر من 4600 عام من خشب الأرز والأكاسيا، ويبلغ طوله 43.5 مترًا.

المتحف الجديد يتيح ولأول مرة في التاريخ عرض المركبين الملكيين معًا في موقع واحد، بعد أن تم نقل المركب الأول من موقعه الأصلي بجوار الهرم الأكبر إلى المتحف في أغسطس 2021، في واحدة من أعقد عمليات النقل الأثري بالعالم، حيث تم وضعه داخل هيكل معدني ضخم بعربة ذكية تُدار بالتحكم عن بُعد، قطعت مسافة 7.5 كيلومتر خلال 48 ساعة كاملة، لضمان الحفاظ على هذا الأثر العضوي الفريد.

أما المركب الشمسي الثاني، الذي اكتُشف عام 1987 بالقرب من الحفرة الأولى، فيمكن للزوار مشاهدته عبر جدار زجاجي ضخم، حيث تُجرى أمام أعينهم أعمال الترميم والتركيب الدقيق التي تستغرق ثلاث سنوات متواصلة على أيدي خبراء مصريين.

رمزية مراكب الشمس في العقيدة المصرية القديمة

تُعد مراكب الشمس من أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، إذ تجسد فكرة الخلود في العقيدة المصرية القديمة.

فقد آمن المصريون القدماء بأن الإله رع يبحر في مركب الشمس عبر السماء نهارًا، ثم يعود لرحلته في العالم السفلي ليلًا، وبذلك ترافق الملوك مراكبهم الجنائزية لتأمين رحلتهم الأبدية في العالم الآخر.

وتجسد قاعات المتحف المصري الكبير هذا المفهوم الديني والفلسفي في تجربة بصرية متكاملة تجمع بين الإيمان القديم والعلم الحديث.

فداخل القاعة، يعرض المتحف أقدم أثر عضوي محفوظ في العالم – مركب خوفو الأولى – إلى جانب القطع الخشبية للمركب الثاني التي بلغ عددها 1765 قطعة، تم استخراجها من حفرة عميقة تتكون من 13 طبقة من الألواح الخشبية المرصوصة بعناية مذهلة.

من الاكتشاف إلى الخلود

كانت بداية قصة مركب الشمس عام 1954، حين عُثر عليه بجوار الهرم الأكبر مدفونًا في حفرة مغلقة بإحكام، يحتوي على 651 قطعة خشبية. وعلى مدى 25 عامًا كاملة، عمل المرمم المصري أحمد يوسف مصطفى على إعادة تجميع المركب قطعةً قطعة حتى استعاد شكله الكامل بطول 43.4 مترًا وعرض 5.9 مترًا، ليصبح واحدًا من أضخم المراكب الأثرية في التاريخ.

واليوم، بعد مرور أكثر من 4600 عام على صناعته، تستقر المراكب المقدسة في قاعة العرض الدائمة بالمتحف المصري الكبير، في بيئة متحفية مثالية تضمن الحفاظ على خشب الأرز اللبناني والأكاسيا من عوامل الزمن، باستخدام أنظمة متطورة للتحكم في الرطوبة والإضاءة ودرجة الحرارة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة