ما سر رسم الأشخاص ذات جباه واسعة فى اللوحات القديمة؟

امتد عصر النهضة الأوروبية من القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر، ليكن جسرا بين العصور الوسطى والعصر الحديث، وتميز بتطورات ثقافية وفنية وفكرية، بالإضافة إلى اهتمام متزايد بالدراسات والقيم الكلاسيكية.

خلال هذه الفترة المؤثرة، ازدهرت الفنون، وتم نقش أسماء مثل ليوناردو دافنشي، ومايكل أنجلو، ورافائيل، وبوتيتشيلي إلى الأبد في التاريخ جنبًا إلى جنب مع الجباه الكبيرة بشكل مدهش التي صورتها العديد من لوحات عصر النهضة.

إذا سبق لك أن دققت النظر في صور هذه الحقبة، فربما لاحظت غلبة غريبةً للحواجب الواسعة، خاصة في صور النساء، والأمثلة كثيرة، سواء في "صورة سيدة "  لروجير فان دير وايدن، أو " صورة فتاة صغيرة " لبيتروس كريستوس ، أو في العديد من صور النساء الأرستقراطيات التي رسمها يان فان آيك، بالنسبة لجمهور معاصر، يعد هذا مظهرًا غريبًا، فما الذي كان يحدث هنا تحديدًا؟، وفقا لما ذكره موقع هيستورى فاكت.

الجمال في عصر النهضة

لم تكن الجباه الكبيرة التي ظهرت في العديد من أعمال عصر النهضة الفنية مجرد مبالغات إبداعية أو غرائب تشريحية، بل كانت انعكاسات مقصودة لمعايير الجمال في ذلك الوقت خلال عصر النهضة، اعتبرت الجبهة العريضة العالية علامة مميزة لجمال المرأة وفضيلتها وذكائها، وربما كان الحاجب الممتد يوحي بدماغ أكبر.
كما أعطى هذا المظهر مظهرًا أشبه بالأطفال على وجوه الناس، ربما في جهد مقصود لتجسيد قيم النقاء والبراءة التي سادت ذلك العصر.
من المستحيل تحديد متى أو أين أو حتى لماذا ظهرت هذه الموضة تحديدًا، ولكن من المرجح أنها تأثرت بالأدب، وخاصة الشعر، في القرن الرابع عشر، كتب الشاعر الإيطالي بترارك لحبيبته لورا، حيث علق أحيانًا على جبينها الجميل،  وفي " المقدمة العامة " لكتاب "حكايات كانتربري " لجيفري تشوسر ، الذي كُتب بين عامي 1387 و1400، يشبه وصف الكاتب للراهبة معايير الجمال السائدة في عصر النهضة إلى حد كبير: كان شعرها المطوي لائقًا جدًا؛ كان أنفها جيدًا؛ كانت عيناها رماديتين مثل الزجاج، كان فمها صغيرًا وبالتالي ناعمًا وأحمر اللون؛لكن من المؤكد أن جبهتها كانت متباعدة إلى حد ما؛ وقد كانت هذه النظرة راسخة في عصر النهضة، كما هو موثق في عمل الكاتب والشاعر الإيطالي أنيولو فيرينزولا في القرن السادس عشر بعنوان "في جمال المرأة"، ويقترح فيرينزولا: "يجب أن تكون الجبهة عريضة، عالية، فاتحة، وهادئة يفضل الكثيرون أن يكون ارتفاعها، الذي يُقاس من منبت الشعر إلى حافة الحاجبين والأنف، ثلث الوجه".