في أجواءٍ روحانيةٍ تأسرُ القلوب قبل الآذان، وتعيد الذاكرة إلى عصور قياصرة التلاوة وسفراء السماء من أمثال محمود خليل الحصري ومحمد صديق المنشاوي وعبد الباسط عبد الصمد ومصطفى إسماعيل والطبلاوي، انطلق برنامج دولة التلاوة؛ تجربة تلفزيونية تسعى لإحياء فنون الأداء القرآني وإعادة الروح إلى مدرسة التلاوة المصرية الأصيلة.
جاء انطلاق البرنامج من أرض الأزهر، أرض العلماء والقراء، حيث فتحت لجانه أبوابها لأكثر من أربعة عشر ألف متسابق من مختلف محافظات الجمهورية.
وتعاونت وزارة الأوقاف المصرية مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في تقديم هذه المبادرة الاستثنائية، بينما ضمّت لجنة التحكيم نخبة من أبرز القامات الدينية والعلمية في مصر والعالم الإسلامي، لتمنح التجربة ثقلاً يليق بمقام القرآن الكريم وروح الفن الذي يحتضنه.
يمثّل برنامج دولة التلاوة خطوة رائدة في دعم المواهب القرآنية الشابة، وإحياء هذا الفن الذي طالما حملته الحناجر المصرية إلى مسامع العالم، فالبرنامج لا يقتصر على كونه مسابقة، بل يبدو أشبه بجسرٍ يصل الماضي بالحاضر، ونواةٍ لإعادة تشكيل مدرسة الصوت المصري الهادئ المطمئن، المدرسة التي طالما أضاءت العالم الإسلامي بفنون التجويد والترتيل.
وقدّمت الإعلامية الكبيرة آية عبد الرحمن الحلقة الأولى من البرنامج، لترافق المواهب الجديدة في رحلة بحثهم عن مكانٍ تحت ضوء التلاوة، حيث تُذاع الحلقات عبر قنوات الحياة وCBC والناس، مقدّمة للجمهور سهرةً تتجاور فيها المتعة الروحية مع روعة الأداء.
من أقصى جنوب البلاد إلى سواحلها الشمالية، تزدهر مصر بمواهب تنتظر لحظة الظهور.
الأصوات التي ظلّت تبحث عن فرصة للعبور إلى الجمهور جاءت أخيرًا فرصتها، فاعتلت المنصات لتسكب على القلوب رحمة وعلى الأرواح سكينة، وتعيد إلى البيوت لحظات الصفاء التي تجمع الأسرة حول شاشة واحدة.
تستحق الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تحية تقدير، بعدما أعادت للإعلام قيمةً افتقدها كثيرون، وجمعت الملايين حول الشاشات يتابعون ويتذوّقون جمال القرآن بأصواتٍ تحمل صدق الأرض ونقاء الروح.
إن دولة التلاوة ليست مجرد برنامج، بل مشروع وطني يعيد لمصر مكانتها كمنارة للقرآن ومهدٍ لفنونه، ومن حق المصريين أن يفخروا بهذا العمل الذي يعيد إلى الصوت المصري مجده، وإلى التلاوة هيبتها، وإلى القلوب طمأنينتها.