داليا مجدي عبد الغني

العنف المدرسى

السبت، 15 نوفمبر 2025 03:05 ص


قديمًا كان التعليم مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالتأديب والضرب، ولا نُنكر أنه أحيانًا ما كان يأتي بنتائج إيجابية من الناحية التعليمية،  وأيضًا التربوية، حيث كان الطلاب شديدي الاحترام لأساتذتهم، وكانوا يجتهدون في حفظ دروسهم، ربما قناعة من المؤسسة التعليمية بأن مَنْ أمن العقاب أساء الأدب، ولكن ألا يمكننا أن نجزم بأن التعليم والتربية كانا لصيقين بالمرحلة الدراسية، فلقد كان الأدب والأخلاق يُرادفان الرهبة والخوف، لذا كانت الغالبية العظمي تعيش بشخصيتين، شخصية أمام الناس لاسيما مَنْ يهابونهم، وشخصية أخرى خفية لا يدري عنها أحد سوى قلة قليلة من المقربين، لأن التربية كان مبناها العنف والضرب، الذي يخلق حالة من الفزع النفسي، وبالتبعية يبدأ الصراع بداخل الإنسان بين ما يجول بخاطره ويحب أن يفعله، وبين ما يجب أن يسلكه حتى يأمن العقاب ويعيش في سلام.


وربما تفهم المسؤولون الأمر وبدأوا نهجًا جديدًا في التعامل مع الطلاب، يحظر فيه استخدام العنف، وللأسف ارتبطت السلبيات التي يأتي بها الطلاب بهذا الحظر، فلقد ظن البعض أن عدم التأديب بالضرب هو الذي سمح بتدهور الأخلاق وإساءة الأدب وسوء التعامل مع الأساتذة والمؤسسة، في حين السبب بعيد كل البُعد عن هذا الأمر، فالسبب الحقيقي يعود لعدم استبدال التأديب بالتهذيب، والأخير لا يتأتى بالنصائح والإرشادات أو حتى بالوعيد والتهديد، وإنما بإدراج برنامج تربوي توعوي يكون بذات أهمية المناهج التعليمية، يستهدف ترسيخ القيم والمبادئ التربوية والحياتية بداخل الطلاب بشكل يقوم شخصياتهم، ويصنع حالة من التوازن النفسي بداخلهم، تجعلهم يعيشون في حالة تصالح مع أنفسهم، يُعبرون عما بداخلهم بمنتهى الأدب، ويُعلمهم كيف يتعاملون مع ذويهم وأقاربهم وأساتذتهم وأيضًا مَنْ يختلفون معهم.


أما ما يحدث الآن والذي تكرر في أكثر من مدرسة من استخدام العنف من قبل المدرسين حيال الطلاب، وأيضًا من قبل الطلاب لبعضهم بعضًا، سوف يخلق جيلاً مُشوهًا نفسيًا، ومُشتتًا ذهنيًا، ومُتأرجحًا أخلاقيًا بين ما يُؤمن به وما يتعايشه على أرض الواقع، وهذا لن يُحمد عُقباه، ونتائجه ستكون وخيمة، لأن هذا الجيل لن يستسلم كالأجيال السابقة، لأنه تأسس على حرية التعبير، وفي ذات الوقت سيقابل العنف بالعنف.
ولو كنا في السابق نجحنا في بناء أجيال تعيش بشخصيتين مُتناقضتين، فالآن سننج وبجدارة شديد لو اتبعنا هذا النهج في غرس معاني العنف والتمرد والعصيان بداخل النشء الجديد، وخطورة هذا الأمر ستنسحب تدريجيًا على المجتمع بأكمله في المستقبل القريب.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة