التعامل مع مرض السكري ليست مهمة بسيطة، بل هي التزام يومي، ويحتاج المريض إلى مراقبة مستويات السكر في الدم، حساب الكربوهيدرات، الالتزام بالأدوية، وتخطيط نظام غذائي متوازن، ومع استمرار هذا الضغط، قد يصل بعض المرضى إلى ما يُعرف بـ الاحتراق أو الإرهاق السكري (Diabetes Burnout) وهي حالة من الإرهاق النفسي والعاطفي تجعل المريض يشعر بالعجز واليأس، وأحيانًا تدفعه إلى إهمال العلاج تمامًا، وفقا لموقع patient. وهو ما نوضحه فى اليوم العالمي للسكر.
ما هو الاحتراق السكري؟
الاحتراق السكري هو حالة من الإرهاق العاطفي والنفسي تنشأ نتيجة الإجهاد المستمر في التعامل مع مرض مزمن كداء السكري.
قالت ديبي جرايسون، الصيدلانية وأخصائية التغذية في مانشستر الكبرى، إن "الاحتراق السكري يشبه تمامًا الاحتراق المهني؛ فبدلاً من الإرهاق بسبب ضغط العمل، يكون الضغط هنا بسبب إدارة المرض على مدار الساعة".
وتضيف: قد يشعر المريض بالضجر، أو الانفصال العاطفي، أو الرغبة في التوقف عن الرعاية الذاتية. أحيانًا يتجاهل الأدوية أو يتوقف عن مراقبة سكر الدم، فقط لأنه لم يعد قادرًا على التعامل مع الضغط النفسي المتواصل.
هذا النوع من الإرهاق لا يعني ضعف الإرادة، بل هو رد فعل طبيعي لضغط مزمن يحتاج إلى التفهم والدعم لا إلى اللوم.
أعراض الاحتراق السكري
تتنوع الأعراض بين نفسية وجسدية وسلوكية، وتختلف شدتها من شخص لآخر، لكنّها تشترك في شيء واحد: شعور متواصل بالإرهاق.
الأعراض النفسية:
الإحساس بالحصار والعجز المستمر.
فقدان الدافع والاهتمام بالحياة أو العلاج.
الإحباط والغضب والانعزال عن الآخرين.
القلق أو الشعور بالذنب أو الخجل من "الفشل في إدارة المرض".
الأعراض الجسدية:
التعب المستمر وصعوبة النوم.
صداع متكرر وآلام عضلية أو مفصلية.
اضطرابات في الجهاز الهضمي (إمساك أو إسهال).
فقدان الشهية أو ألم في الصدر ونوبات هلع.
الأعراض السلوكية:
التوقف عن قياس سكر الدم أو أخذ الدواء بانتظام.
فقدان التركيز وتراجع الإنتاجية.
الانسحاب الاجتماعي وتجنب المواعيد الطبية.
تقول جرايسون:“عندما يهمل المريض متابعة السكر، تبدأ النتائج في الظهور سريعًا: تقلبات حادة في مستويات الجلوكوز، التهابات متكررة، مشاكل في الرؤية، وربما مضاعفات عصبية خطيرة. الاحتراق السكري لا يؤذي النفس فقط، بل الجسد أيضًا.”
من الأكثر عرضة للاحتراق السكري؟
تشير جمعية السكري البريطانية (Diabetes UK) إلى أن واحدًا من كل أربعة مصابين بالسكري من النوع الأول، وواحدًا من كل خمسة من النوع الثاني، يعانون من ضائقة نفسية مرتبطة بالسكري منذ التشخيص.
الفئات الأكثر عرضة تشمل:
المراهقين الذين يمرون بتقلبات نفسية وهُوية متغيرة.
الشباب المنتقلين إلى حياة الاستقلال والمسئولية.
المرضى الذين يعانون من ضعف السيطرة على السكر أو مضاعفات مزمنة.
من لديهم دعم عائلي محدود أو معاناة نفسية مرافقة.الآباء ومقدمو الرعاية لأطفال مصابين بالسكري.
كيف يمكن التغلب على الاحتراق السكري؟
1. الاعتراف بالمشكلة أولاً
الخطوة الأولى نحو التعافي هي الاعتراف بالمشاعر وعدم إنكارها. من الطبيعي أن تشعر بالإرهاق. تجاهل هذه المشاعر قد يؤدي إلى تفاقم الوضع النفسي والجسدي.
2. طلب الدعم النفسي
يُعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أحد أكثر الطرق فعالية في التعامل مع الإرهاق السكري. يساعد المريض على إعادة بناء أفكاره تجاه المرض وتبني استراتيجيات جديدة للتكيف.
3. الانضمام إلى مجموعات الدعم
مشاركة التجربة مع أشخاص يمرون بالشيء نفسه تُخفف العبء وتُعطي إحساسًا بالانتماء. مجموعات دعم الأقران سواء عبر الإنترنت أو في المراكز الطبية تُعد أداة قوية للشفاء النفسي.
4. تخفيف الضغط اليومي
بدلاً من السعي للكمال في إدارة السكر، ركّز على التحسن التدريجي. أخطاء بسيطة أو ارتفاع طفيف في السكر لا يعني الفشل. كن لطيفًا مع نفسك.
5. العناية بالنوم والتغذية والحركة
الحفاظ على نظام نوم منتظم، وتناول طعام متوازن، وممارسة نشاط بدني بسيط كالمشي، كلها عوامل تدعم الصحة النفسية وتُقلل التوتر.
الوقاية خير من العلاج
الاحتراق السكري يمكن الوقاية منه إذا تم الاهتمام بالصحة النفسية مبكرًا.
يقول الأطباء إن المتابعة المنتظمة مع اختصاصي تغذية أو أخصائي نفسي تُعد خطوة أساسية في الوقاية، خصوصًا خلال فترات التوتر أو التغيير في نمط الحياة.