يبدو أن العام المقبل يحمل أنباءً سارة لعشاق القهوة والشوكولاتة حول العالم، إذ توقّع بنك رابوبنك الهولندي، أحد أبرز المؤسسات العالمية المتخصصة في التمويل الزراعي والغذائي، أن تشهد أسعار البن والكاكاو انخفاضًا ملحوظًا خلال عام 2026، نتيجة وفرة الإنتاج وتزايد الإمدادات في الأسواق العالمية.
وأوضح البنك، في تقرير نقلته صحيفة الاكونوميستا الإسبانية أن الموسم الزراعي المقبل سيشهد فائضًا كبيرًا في العرض من المحصولين الرئيسيين، ما قد يؤدي إلى تراجع الأسعار بعد عام من الارتفاعات القياسية التي شهدها عام 2025 بسبب مشكلات الطقس والجفاف في البرازيل، إضافة إلى الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على صادراتها.
القهوة تتراجع بعد عام من الارتفاعات القياسية
أشار التقرير إلى أن أسعار بن الأرابيكا، وهو النوع الأشهر عالميًا، من المتوقع أن تستقر بين 2.50 و3.50 دولار للرطل خلال عام 2026، بعد أن تجاوزت 4 دولارات للرطل في بعض الفترات من العام الجاري.
ويرجّح البنك أن يتحول السوق إلى فائض عالمي يتراوح بين 7 و10 ملايين كيس من القهوة في موسم 2026–2027، بفضل تعافي الإنتاج في البرازيل، أكبر منتج ومصدّر للبن في العالم.
ورغم هذه التوقعات الإيجابية للمستهلكين، نبّه التقرير إلى أن الأسواق الزراعية ستظل عرضة للتقلبات المناخية والمخاطر السياسية، وهو ما قد ينعكس على وتيرة تراجع الأسعار في بعض المناطق.
الكاكاو في وفرة غير مسبوقة
أما بالنسبة للكاكاو، المادة الخام لصناعة الشوكولاتة، فتشير التقديرات إلى استمرار انخفاض أسعاره في العام المقبل، مع توسع المزارعين في أمريكا اللاتينية وإندونيسيا بزراعة هذا المحصول، ما قد يؤدي إلى فائض يبلغ 403 آلاف طن في موسم 2026–2027، مقارنة بفائض قدره 328 ألف طن هذا العام.
لكن التقرير حذّر من أن الإفراط في الزراعة قد يسبب انهيارًا للأسعار بحلول عام 2027، خاصة إذا استمر ضعف الطلب العالمي على الشوكولاتة ومنتجات الكاكاو.
حراك عالمي في أسعار السلع الغذائية
لم تقتصر توقعات رابوبنك على القهوة والكاكاو فحسب، إذ أشار إلى أن أسعار فول الصويا** ستظل حساسة للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بينما يُتوقّع أن ترتفع أسعار القمح والذرة نتيجة انخفاض المخزونات وازدياد الطلب العالمي.
وفي المقابل، من المرجّح أن يشهد زيت النخيل ارتفاعًا في الأسعار عام 2026 بسبب تباطؤ الإنتاج في إندونيسيا واستمرار تنفيذ برامج الوقود الحيوي، ما قد يؤدي إلى عجز في السوق الدولية.
بين وفرة الإنتاج وتقلب المناخ
فيؤكد خبراء البنك أن وفرة المحاصيل الزراعية الحالية تمثل فرصة لتهدئة الأسواق بعد عام مضطرب من الأزمات المناخية، لكنهم يشددون على أن المناخ والسياسة سيظلان عاملين حاسمين** في تحديد مسار الأسعار خلال الفترة المقبلة.
وبينما قد يشعر المستهلكون بالارتياح أمام فنجان قهوة أرخص أو قطعة شوكولاتة أقل تكلفة، فإن المنتجين حول العالم يراقبون بقلق احتمال تراجع العائدات في حال استمرار وفرة العرض وانخفاض الأسعار إلى مستويات أدنى من كلفة الإنتاج.