أكد الكاتب والمسرحي السعودي الدكتور مروان المزيني، أن المسرح العربي الحقيقي يولد من المجتمع ويعود إليه، مشددًا على أن النص المسرحي الناجح هو الذي يلتقط نبض الناس ويعبر عنهم بصدق، لا الذي يلاحق الماضي البعيد أو يكرر ما قيل من قبل.
جاء ذلك خلال ندوة بعنوان "المسرح بين النص والعرض"، أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، تناول خلالها التحولات الجمالية والفكرية التي مرّ بها المسرح العربي وعلاقته بالإنسان والواقع.
بدأ المزيني الندوة باستعادة بداياته الأولى مع الخشبة، قائلاً: "كانت أول تجربة لي في المرحلة الابتدائية بدور صغير لا يتجاوز كلمة "شكراً"، لكنها كانت لحظة فارقة في حياتي، فحين صفق الجمهور، شعرت أن شيئاً جديداً ولد بداخلي، ومنذ تلك اللحظة بدأت أكتب وأمثل نصوصاً كوميدية واجتماعية تعبر عن بيئتي وقضايا الشباب."
المسرح وعي لا تسلية
وأوضح "المزيني"، أن المسرح لا يختزل في الترفيه، بل هو منبر للتأمل والوعي ورسالة إنسانية راقية، مضيفاً الجمهور اليوم أكثر ذكاءً ووعياً، ولم يعد يضحك بسهولة، لذلك، على الكاتب والممثل أن يقدما محتوى صادقاً يعالج قضايا الناس بعمق واحترام، لأن المسرح رسالة تقدر، لا وسيلة للضحك العابر.
النص والعرض والإخراج.
وأشار "المزيني" إلى أن نجاح العمل المسرحي يقوم على تكامل العناصر الثلاثة "النص، والإخراج، والتمثيل"، موضحاً أن "النص الجيد يستفز المخرج المبدع لاختيار ممثلين قادرين على ترجمته بصرياً، بينما النص الضعيف يحتاج إلى مخرج يمتلك رؤية تمنحه حياة جديدة، مضيفًا أن العلاقة بين الكاتب والمخرج ينبغي أن تقوم على التفاهم لا الصراع، لأن الإبداع يولد حين تلتقي الرؤيتان لا حين تتصادمان"
وأضاف المزيني عن أهمية إعداد الممثل المعاصر، مؤكداً أنه لم يعد يعتمد على الموهبة فقط، بل على التدريب والتأهيل العلمي، مضيفًا الممثل الحقيقي يمر بتمارين جسدية وصوتية ونفسية قبل أن يعتلي الخشبة، لأنه مسئول عن تفاعل الجمهور، والخروج عن النص يجب أن يكون فنياً مقصوداً لا ارتجالاً عشوائياً.
وفي ختام الجلسة، شدد المزيني على حاجة المسرح العربي إلى نصوص جديدة تستمد موضوعاتها من الواقع المحلي وتكتب بلغة قريبة من الناس دون أن تفقد عمقها الفني، مؤكداً أن "المسرح الذي لا يشبه جمهوره يفقد روحه، وسر بقائه عبر التاريخ هو قدرته على التجدد والوفاء في الوقت نفسه."