رامى محيى الدين

هل ينجح كوشنر فى إنقاذ اتفاق غزة؟

الخميس، 13 نوفمبر 2025 05:00 م


في الوقت الذي تتأرجح فيه غزة بين هدنةٍ هشةٍ وتجدد القتال، يعود اسم جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، إلى واجهة المشهد السياسي مجددًا، فبعد سنوات من غيابه عن ملفات الشرق الأوسط، يطلّ كوشنر هذه المرة في مهمة بالغة الحساسية: محاولة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وقيادة مسار يهدف إلى نقل القطاع نحو مرحلة “الاستقرار وإعادة الإعمار”.

لكن السؤال المطروح اليوم: هل يملك كوشنر حقًا أدوات النجاح؟ أم أن واقع الميدان أعقد من أي وساطة؟

 

كوشنر بين الحلم الأمريكي والواقع الميداني

وفقًا لتقارير نشرتها شبكة CNN ونيويورك تايمز، فإن دخول كوشنر على خط التهدئة جاء بعد ضوءٍ أخضر من دوائر سياسية أمريكية ترى فيه “الوجه القادر على التحدث مع الجميع دون حساسيات حزبية”. فقد أجرى الرجل اتصالات مكثفة مع مسؤولين في إسرائيل ومصر وقطر، في محاولة لإعادة تنشيط خطة “الاستقرار التدريجي” التي تتضمن إنشاء قوة دولية لمراقبة الهدنة، ووضع آلية لإعادة إعمار غزة تحت إشراف أممي — وهي فكرة طرحها سابقًا على طاولة “صفقة القرن”.

لكنّ العقبات تبدو أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى فبحسب رويترز، ترفض إسرائيل حتى الآن أي قوة دولية تتضمن عناصر تركية أو قطرية، وتطالب بأن تكون القيادة أمريكية أو أوروبية خالصة. بينما تصرّ مصر وتركيا على دورٍ إقليمي فاعل، معتبرتين أن تغييب دول الجوار لن ينتج سوى “هدنة مؤقتة مهددة بالانفجار”.

 

الواقع الإنساني يضغط على المفاوضات

تقرير صادر عن الأمم المتحدة في أكتوبر الماضي أشار إلى أن أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في غزة يواجهون أزمة إنسانية حادة، مع نقص بنسبة 70% في المياه الصالحة للشرب وارتفاع أسعار المواد الغذائية بأكثر من 40% منذ اندلاع الحرب الأخيرة. هذه الأرقام تضغط على الوسطاء، وتجعل أي تأخير في تثبيت الهدنة ثمنه حياة المدنيين لا المكاسب السياسية.

كما أوردت صحيفة الجارديان أن تجدد القصف الإسرائيلي على أطراف القطاع الأسبوع الماضي كاد أن يُفشل المباحثات، قبل تدخل مباشر من القاهرة وواشنطن لإعادة ضبط الموقف. هذا التداخل بين الأزمات الإنسانية والمساومات السياسية يجعل مهمة كوشنر شديدة الحساسية، خصوصًا في ظل انعدام الثقة بين الأطراف.

 

الملف الأمني.. عقدة كل تفاوض

يرى محللون في مركز كارنيغي للشرق الأوسط أن ملف نزع سلاح الفصائل هو “العقدة الكبرى” أمام أي اتفاق دائم. فبينما تصر إسرائيل على نزع سلاح المقاومة بالكامل، تعتبر الفصائل الفلسطينية ذلك “انتحارًا سياسيًا”، ما يجعل الحديث عن “استقرار دائم” أقرب إلى الوهم في ظل غياب ضمانات واقعية.

كوشنر، الذي يُروَّج له كـ “رجل الصفقات”، يحاول وفق التسريبات إيجاد صيغة وسط، تقوم على “ضمان أمني متعدد الأطراف”، يشمل مراقبة دولية للمنافذ ومرحلة انتقالية قبل الحديث عن أي ترتيبات سياسية نهائية.

 

الطريق بين النجاح والفشل

المؤشرات الحالية توحي بأن نجاح كوشنر مشروط بعدة عوامل، أبرزها:

توافق إقليمي واسع بين مصر وقطر وتركيا وإسرائيل حول صلاحيات القوة الدولية.

تقديم ضمانات إنسانية عاجلة لوقف الانهيار داخل القطاع.

التزام واشنطن بدور متوازن لا ينحاز بالكامل إلى الموقف الإسرائيلي.

لكنّ التاريخ القريب لا يمنح كثيرًا من التفاؤل، فوفقًا لمجلة فورين بوليسي، فشلت خمس مبادرات تهدئة خلال العقد الأخير في الصمود أكثر من بضعة أشهر، بسبب غياب الإرادة السياسية وازدواجية المعايير في التعامل مع الانتهاكات الميدانية.

في ميزان السياسة الواقعية، كوشنر لا يملك عصًا سحرية. هو يتحرك بين أطراف متنافرة، في ساحةٍ مليئة بالركام والدمار والتاريخ المثقل بالخيبات. ومع ذلك، يظل وجوده مؤشراً على أن واشنطن لم تفقد بعد رغبتها في الإمساك بخيوط اللعبة في غزة، وإن بصيغٍ جديدة وأسماء قديمة، ويببقى السؤال مفتوحًا: هل يُكتب لهذه الهدنة أن تُعمَّد بالسلام، أم بالدم من جديد؟




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب