تتحول ساعات الليل إلى معركة حقيقية عند كثير من المصابين بالإكزيما الحادة. فمع الحكة المستمرة وجفاف الجلد والالتهاب، يصبح الحصول على نوم متواصل تحديًا يوميًا. هذا الاضطراب لا يقتصر على الشعور بعدم الراحة، بل يمتد ليؤثر في مناعة الجسم، وصحة البشرة، والحالة النفسية أيضًا.
وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإنّ الأشخاص المصابين بالتهاب الجلد التأتبي — وهو الشكل المزمن من الإكزيما — يعانون عادة من تفاقم الحكة خلال الليل بسبب هدوء المشتتات وتراجع تركيز الهرمونات المسؤولة عن تخفيف الالتهاب في المساء. وعندما يستسلم المريض للرغبة في الحك، يدخل في حلقة متكررة من تهيّج الجلد، وقلة النوم، وزيادة الالتهاب، ما يجعل البشرة أكثر حساسية في اليوم التالي.
لماذا يسوء الأمر ليلًا؟
أثناء النوم، تنخفض درجة حرارة الجسم قليلًا، كما تقل إفرازات الكورتيزول، وهو الهرمون الذي يساعد في تهدئة الالتهاب. هذه التغيرات الطبيعية تجعل الجلد أكثر عرضة للحكة، خاصة إذا كانت الطبقة الواقية للبشرة ضعيفة أو جافة. ومع التركيز الذهني الزائد في الظلام، يشعر المريض بوخز مضاعف يدفعه إلى الخدش، فيزداد التهيج ويبدأ تسلسل جديد من الأرق.
النوم المتقطع لا يؤثر فقط في راحة المريض، بل قد يُضعف جهاز المناعة ويزيد إنتاج المواد الالتهابية في الدم، مما يجعل أعراض الإكزيما أشد وضوحًا في النهار التالي.
خطوات طبية لراحة البشرة
يؤكد أطباء الجلد أن أول خطوة للسيطرة على الإكزيما الليلية هي الترطيب المكثف. فالبشرة الجافة تفقد قدرتها على مقاومة المهيجات. يُنصح باستخدام كريمات غنية بالدهون الطبيعية وخالية من العطور، وتُطبّق مرتين يوميًا على الأقل، مع التركيز على ما بعد الاستحمام مباشرة لحبس الرطوبة داخل الجلد.
أدوية تساعد على الهدوء الليلي
عندما لا تكفي الكريمات وحدها، قد يوصي الطبيب بمستحضرات موضعية تحتوي على الستيرويدات الخفيفة أو مثبطات المناعة الموضعية لتقليل الالتهاب. أما في الحالات الأشد، فيُضاف علاج فموي أو حقن دوائية تُنظّم فرط النشاط المناعي.
وفي بعض الأحيان، تساعد مضادات الهيستامين الليلية على تقليل الحكة والمساعدة على النوم، خاصة لدى من يعانون من أرق مزمن بسبب الإكزيما.
سلوكيات ليلية تُحدث فرقًا
العلاج لا يتوقف عند الأدوية. فبيئة النوم تلعب دورًا حاسمًا. الحفاظ على درجة حرارة الغرفة معتدلة يمنع التعرق الزائد الذي يهيّج الجلد. كما أن ارتداء ملابس قطنية ناعمة وفضفاضة يقلل الاحتكاك ويُريح البشرة.
من المهم أيضًا تجنب الماء الساخن أثناء الاستحمام الليلي، لأن الحرارة الزائدة تُجرد الجلد من الزيوت الواقية. يُفضّل استخدام ماء فاتر وتجفيف الجسم بلطف ثم وضع المرطب فورًا.
إغلاق الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة يساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتنظيم دورة النوم، إذ إن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يؤثر في إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النعاس.
عادات مساعدة من الحياة اليومية
النظام الغذائي له تأثير مباشر على صحة الجلد. تناول أطعمة غنية بالأوميغا 3 مثل السمك والمكسرات، وشرب كميات كافية من الماء، يقللان من الالتهاب الداخلي الذي يغذي الإكزيما. كما يوصي الخبراء بتجنب الأطعمة المثيرة للحساسية كالبيض والمكسرات في حال ثبتت حساسيتك منها.
كما تشير الدراسات إلى أن التوتر العصبي يُعد من أكثر العوامل التي تفاقم نوبات الإكزيما، لذا فإن ممارسة اليوغا أو التأمل أو التنفس العميق قبل النوم يمكن أن يخفف الأعراض ويُحسّن جودة النوم.
متى تحتاج مراجعة الطبيب؟
إذا استمرت الحكة لدرجة تمنعك من النوم رغم الترطيب والعناية، أو لاحظت تشققات تنزف أو إفرازات، فيجب مراجعة طبيب الجلدية فورًا. فبعض الحالات قد تتطلب علاجًا متخصصًا لتجنب العدوى أو تطور الالتهاب إلى شكل مزمن.
ويؤكد الخبراء أن لكل مريض خطة علاجية مختلفة، إذ قد تتغير شدة الأعراض تبعًا للعمر ونوع البشرة والعوامل البيئية. لذلك، التقييم الطبي الدوري ضروري لضبط الدواء وتحديث الخطة حسب الحاجة.