فى وقتٍ تستعد فيه مصرلـ افتتاح المتحف المصرى الكبير أعظم متحف فى العالم، يُجسّد المتحف المصرى الكبير حلمًا طال انتظاره، ليكون شاهدًا على عبقرية المصرى القديم وقدرة المصرى الحديث على البناء والتخطيط والإدارة.
.jpg)
الدكتور-أحمد-غنيم-والزميل-محمد-أسعد
ومن قلب هذا الصرح الحضارى الضخم، يتحدث الدكتور أحمد غنيم - الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف المصرى الكبير- كاشفًا عن أسرار ما وراء التشغيل التجريبي، واستعدادات الافتتاح الرسمى، وأبرز ملامح الرؤية الاستراتيجية للمتحف الذى سيغيّر خريطة السياحة الثقافية فى مصر والعالم.
فى حديثه، يشرح الدكتور غنيم كيف تحوّل المتحف المصرى إلى مركز علمى وثقافى متكامل، وما ينتظره من طفرة فى أعداد الزوار بعد الافتتاح، ويكشف تفاصيل خطط التطوير فى المنطقة المحيطة وربطها بمنطقة الأهرامات، إضافةً إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى والواقع المعزز داخل قاعات العرض، ليصبح المتحف تجربة غامرة تتجاوز حدود الزمان والمكان.. وإلى نص الحوار..
ما هى الإحصائيات بعدد الفعاليات التى تمت منذ التشغيل التجريبى وحتى الآن؟
هناك العديد من الفعاليات الثقافية والفنية والموسيقية والتربوية والتوعوية التى تتم داخل المتحف من بينها فعاليات ينظمها المتحف وأخرى يستضيفها المتحف، فالنسبة للفعاليات التى ينظمها المتحف أو يشارك فى تنظيمها خلال فترة الافتتاح التجريبى بلغت حوالى ما بين 5 إلى 6 فعاليات شهرياً.
وما هى الحركة السياحية المتوقعة للمتحف بعد الافتتاح؟ وهل سيكون العمل بنظام الطاقة الاستيعابية؟ وما هو الحد الاقصى لهذه الطاقة؟
يتراوح متوسط عدد الزائرين اليومى حالياً بين 5,000 و6,000 زائر، مع تباين ملحوظ تبعاً للظروف الجوية والموسمية، وكذلك فى فترات العطلات الرسمية والأعياد.
ومن المتوقع أن تشهد أعداد الزائرين ارتفاعاً كبيراً بعد الافتتاح الرسمى الكامل للمتحف، لتتراوح ما بين 15,000 و20,000 زائر يومياً، مما يعكس حجم الإقبال المنتظر وأهمية الاستعداد اللوجستى والبشرى لهذا التحول.
كيف ساهم التشغيل التجريبى فى تحسين تجربة زيارة المتحف المصرى الكبير، وتصليح أى أخطاء؟
ساهم التشغيل التجريبى للمتحف بشكل فعّال فى استخلاص العديد من المؤشرات المهمة لتحسين تجربة الزائر، فقد أتاح هذا التشغيل الفرصة لاختبار آليات التعامل مع أوقات الذروة، من حيث توزيع المرشدين السياحيين وتوفير العدد الكافى من السماعات، إلى جانب تنظيم الجوانب اللوجستية المتعلقة بحركة الزائرين، مثل التنقل عبر عربات الجولف من البوابة الخارجية إلى داخل المتحف، وتحديد أماكن التجمع المناسبة.
كما شمل التشغيل التجريبى التحقق من كفاءة أنظمة الإضاءة، ودرجات الحرارة والرطوبة داخل فتارين العرض أثناء وجود الزائرين، بما يضمن الحفاظ على القطع الأثرية فى أفضل الظروف. وقد ساعد هذا الاختبار الواقعى فى رصد الدروس المستفادة واكتشاف أى جوانب بحاجة إلى تحسين قبل الافتتاح الرسمى الكامل.
شكّل فرصة مثالية لتقييم الأداء وطلب تعزيزات فى المعدات أو زيادة فى الكوادر، بالإضافة إلى رفع كفاءة بعض العناصر البشرية من خلال التدريب المستهدف، سواء لفرق الضيافة أو أفراد الأمن والمشرفين، بما يضمن تحقيق أعلى معايير الراحة للزائر والسلامة للأثر.

أحمد-غنيم،-أخبار-السياحة
ما الموقف بخصوص المنطقة المحيطة؟ تفاصيل مخطط التطوير، والربط بين المتحف والأهرامات؟
فى إطار خطة الدولة لتطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصرى الكبير بما يليق بمكانته العالمية وما يضمه من كنوز أثرية فريدة تجسد عراقة الحضارة المصرية، أقر مجلس الوزراء تكليف أحد المكاتب المتخصصة بإعداد مخطط عمرانى متكامل للمنطقة، يشمل تطوير المعالم السياحية والفنادق والمواقع الأثرية المجاورة، وعلى رأسها منطقة أهرامات الجيزة، بما يؤهلها لأن تكون وجهة سياحية متكاملة على أعلى مستوى.
وتركّز الرؤية المستقبلية للمنطقة على تعزيز مستوى الخدمات السياحية المقدمة للزائرين، من خلال التوسع فى البنية الفندقية وزيادة عدد الوحدات الفندقية، إلى جانب تطوير منطقة نزلة السمان، ودراسة إنشاء نُزل سياحية تستجيب لاحتياجات السائحين وتثرى تجربتهم.
وتشمل أعمال التطوير تحسين البنية التحتية وتجهيز المنطقة بكل العناصر الداعمة لتجربة سياحية متميزة، بدءاً من أعمال التشجير، وتحديث منظومة الإضاءة، وتنفيذ الأعمال المدنية، وصولاً إلى تركيب لافتات إرشادية واضحة لتسهيل حركة الزوار وضمان انسيابيتهم داخل المنطقة.
وفى هذا السياق، تم تنفيذ جزء كبير من الممشى السياحى الذى يربط بين المتحف المصرى الكبير ومنطقة أهرامات الجيزة، والذى سيُخصص بالكامل لحركة المشاة وعربات الجولف، بما يعزز من سهولة التنقل ويوفر تجربة مريحة وآمنة للزائرين.
ما هى الرؤية الاستراتيجية التى تتبناها هيئة المتحف المصرى الكبير على المدى القريب والبعيد؟
يُعد المتحف المصرى الكبير «متحف المتاحف» وجوهرة التاج فى منظومة المتاحف المصرية، فهو أكبر متحف فى العالم مخصص لحضارة واحدة، هى الحضارة المصرية القديمة، ويجسد هذا الصرح الحضارى الفريد رؤية طموحة تسعى إلى استعادة ريادة مصر فى مجال علم المصريات والآثار، وتحويل المتحف إلى منارة علمية وثقافية متكاملة.
ولا يقتصر دور المتحف على عرض كنوز الحضارة المصرية فحسب، بل يمتد ليشمل مركزًا عالميًا للترميم والبحث العلمى، يهدف إلى ترسيخ مكانته كمركز إقليمى ودولى فى مجال الدراسات الأثرية، بما يتيح للباحثين والعلماء من مختلف دول العالم التفاعل مع هذا التراث الإنسانى الفريد.
كما يسعى المتحف لأن يكون منصة ثقافية متكاملة، تُقدم التراث المصرى بأسلوب عصرى يربط بين الماضى العريق والحاضر، ويُبرز ثراء الحضارة المصرية على الساحة العالمية.
ويأتى ذلك انسجاماً مع الهدف الأساسى من إنشائه، كما ورد فى قانونه التأسيسى، بأن يتحول إلى مركز حضارى شامل، يجمع بين الأبعاد العلمية والتعليمية والثقافية والتراثية، ويُسهم فى تعزيز مكانة مصر كمركز عالمى لعلوم الآثار والمصريات.
كيف تم وضع خطة التشغيل للمتحف؟ وهل تختلف عن النماذج المتبعة فى المتاحف العالمية الكبرى؟
يعتمد المتحف المصرى الكبير نموذج تشغيل مبتكر يختلف عن الأسلوب التقليدى المتبع فى إدارة المتاحف العالمية، حيث يقوم القطاع الخاص بإدارة وتشغيل جميع الخدمات المقدمة للزائرين، فى حين تتولى هيئة المتحف الإشراف الكامل على هذه الخدمات لضمان تنفيذها بأعلى معايير الجودة والكفاءة.
ويمثل هذا النموذج نقلة نوعية فى منظومة المتاحف المصرية، ويعكس توجهاً نحو تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لضمان تقديم تجربة متكاملة ومتميزة للزائرين. ويُسهم هذا الأسلوب أيضاً فى تحقيق الاستدامة المالية للمتحف، من خلال تقليل الأعباء على الموازنة العامة للدولة، دون المساس بجودة الخدمات أو فاعلية التشغيل.
ويجرى التعاون بين هيئة المتحف والجهات الخاصة المشغلة للخدمات فى إطار من التكامل والرقابة الدقيقة، بما يضمن نجاح هذا النموذج الجديد وترسيخه كنموذج يُحتذى به فى إدارة المؤسسات الثقافية الكبرى فى مصر.
ما هى الخطط المعتمدة لتعزيز تجربة الزائر داخل المتحف؟ هل هناك استخدام لتقنيات الواقع المعزز أو الذكاء الاصطناعى؟
يعتمد المتحف المصرى الكبير على أحدث تقنيات العرض المتحفى لإثراء تجربة الزائر داخل قاعاته الرئيسية، من خلال استخدام التكنولوجيا التفاعلية والعرض الرقمى المتقدم، وتتيح هذه التقنيات للزائرين التفاعل مع محتوى غنى ومشوق، حيث تضم القاعات محاكاة رقمية دقيقة لمقابر من عصر الدولة الوسطى، تعرض تفاصيل الحياة اليومية للمصرى القديم من زراعة ورعى وصيد وغيرها، بما فى ذلك رسومات الجدران الأصلية وتصميمات المقابر.
ومن بين أبرز التطبيقات التقنية داخل المتحف، قاعة مخصصة لتقنية الواقع المختلط (HoloLens)، والتى تتيح للزائر - عبر نظارات خاصة - التفاعل مع عناصر افتراضية تظهر ضمن البيئة الحقيقية، بما يسهم فى تقديم موضوعات تاريخية بشكل مبتكر، مثل تطور أساليب الدفن فى مصر القديمة منذ البئر وحتى بناء الهرم، فى سرد بصرى تفاعلى يعزز من الفهم ويثير الفضول.
كما تتضمن قاعات الملك توت عنخ آمون عروضاً تفاعلية متميزة، تشمل محاكاة لمقبرته وسرداً بصرياً مشوقاً لقصة اكتشافها، إلى جانب عرض رقمى لمجموعة من أبرز القطع الأثرية التى عُثر عليها داخل المقبرة، ما يمنح الزائر تجربة غامرة وشاملة تعيد إحياء لحظة تاريخية نادرة. هذا بالإضافة إلى الشاشات الرقمية الموجودة بالبهو تسمع بالتصوير الشخص وتعرض معلومات عن المتحف ومحتوياته.
كيف استعد المتحف لاستقبال ذوى الهمم ؟
يحرص المتحف المصرى الكبير على أن يكون نموذجاً رائداً فى توفير بيئة شاملة تُمكّن جميع الزائرين من خوض تجربة ثقافية متكاملة، بما فى ذلك ذوى الهمم من مختلف فئات الإعاقة، فقد تم تزويد المتحف بكافة التجهيزات اللازمة للسياحة الميسرة، حيث تم تصميم ممرات مخصصة تسهّل حركة الكراسى المتحركة، وتوفير دورات مياه مجهّزة خصيصاً لتلبية احتياجاتهم.
وفى إطار دعم ذوى الإعاقة البصرية، تم توفير بطاقات شرح بطريقة برايل داخل قاعات العرض، ويجرى العمل حالياً على إعداد كتالوج شامل للمتحف باللغة نفسها، بما يضمن دمجاً كاملاً وتمكيناً حقيقياً لجميع الزائرين دون استثناء.