ننشر قصيدة جديدة للشاعر نادر عيسي بعنوان "خَلْف المِقوَدِ"..
قصيدة "خَلْف المِقوَدِ"
ليس بحكم العَادةِ.. أبدًا
ولا لأني عَرافًا..
أُوشوِشُ جنياتِ الغيبِ
لكن.. خلف عجلةِ القيادةِ
أعرف كيف سماءك يا قمري الليلة
فلا تشفيرُ رسائِلك يُعجِزني
أو برقيات تَختَصُر الحالةِ
فأنا أعرِفُ جدًا..
إن قَبضتِ على عنقِ المقودِ
بكلتا يديك
أو تركتيه حرًا..
توجهين المسيرَ بأصابِعِك كعزفِ بيانو منتشٍ
وإنْ قالت نشراتُ الطقسِ
إنّ مِزَاجك رماديًا
واستسلمتِ لاختياراتِ الراديو
بلا انفعال..
أو بعناية.. اخترتِ من قوائمِ المُوسيقى
أغنيةً قديمةً
لتعيدُ إليكِ شعورَ الخيالِ
للخيالِ
فحين تركتي للطريقِ عيونَكِ
على صهيلِ محركٍ غاضبٍ
بلا كلمةٍ واحدةْ
ونقرُ أصابِعَك على زجاجِ الوقتِ
المقتولِ لأميالْ
أو شعرُكِ يَلهَثُ في حربٍ
ويَدَيكِ جَناحُ طائرٍ مهاجرٍ
تموج في اختيال
وإن نظرتي للمرايا
لتميزي اللؤلؤ والياسمين
والنرجس.. على وَجْنَتيكِ
وفي ثانيةٍ
تصوبين فوهة السباب على جباه السائقين الآخرين
ونفير الجنون الصارخ
تمتشقين أحمر شفاهك القتّال.. للقتال
ترفعين رايات النصر الزهرية
وتدهسين المكابح
وسبابتك إلى وجهي
تلقين عليّ بتأنيب لأني
صامت.. وشارد
وخياليٌ جدا..
وواقعيٌ جدًا
كتوم جدًا
وشفاف جدًا
فأنا أعرف وأضبط بوصلة
عالمك الخاص
والشمس على وجهك
وتغنين بصوت عالِ:"حبو بعضن.. تركو بعضن"
وعلى الطرق الطويل
نتدارس كيف بدأت كل البدايات؟
ونسهر لنسأل عن جدوى نهاية الحكايات؟
ومن أين تولد تلك الذبذبات بيننا؟
في بعد سنتيمترات..
نكاد نلمسها وتلذعنا
كشهاب متوهج من عالم الخرافات
وذاك الطنين في عروقنا
وتلك النغزة في قلبنا
وعلى شباك الدنيا نرسم أحرفنا لنمحوها
ونسكن اكتئاب المحبين المر العميق
وبترتيب الأولويات..
تتركين لوشاحك كامل السيادة على الهواء
وفي مرايا نظارتك العسلية الجديدة
يلهث لأجلك الطريق
فدعينا نصفي الأجواء
أو نزيد المتعة بأربع دقائق إضافية
لنشرب ألوان عيونك
فأنا مريض بالحنين
لزاوية الشارع الخالية من البشر
فكيف لكل هذا ألا يكون سحرًا؟
أسطورة
.. لعنة..
رقية..
تعويذةً..
احتلالا
احتمالا
نشيدا للحياة
واغتيالا..