سلامة الفكرة، أو التصور بالنسبة لنا، يتوقف على معيار رئيس، يتمثل في مطابقة التفاصيل لما جاءت به التفسيرات العلمية عما تدور حوله؛ ومن ثم فإنه من المتوقع أن نمتلك أفكارًا، لا تتسق مع الثابت العلمي لموضوع ما، أو لظاهرة ما، أو لملاحظة قد نرصدها، أو لقناعة، يود طرف آخر أن يرسخها في الأذهان، وبناءً على ذلك يتوجب أن تكون مرجعيتنا المفاهيم في سياقها الصحيح، والتي قد أتت بها منهجية البحث العلمي، الإنساني، عبر بحوث، ودراسات متعمقة لها إفرازات نتاج رصين، قد ثبت صحته، وفاعليته، وأثره مرارًا، وتكرارًا، ناهيك عن واقع أكد صدق المعنى، والمغزى وفق متغيرات، لا لبس فيها، ولا مراء.
قد تتوافر لدينا من المبررات، التي تتوافق مع ما لدينا من منطق، وقناعة ذاتية؛ لكنها في ذات الوقت، لا تتسق مع سليم العلم، وصحيحه، وهنا يتضح أن لدينا فهمًا مغلوطًا، أو مشوبًا، أو مغايرًا، وفي ضوء ذلك نؤكد أن ما يصدر منا من أحكام، أو أراء، أو رؤى، أو توجيهات، أو أقول، يشوبها الخطأ؛ ومن ثم ينبغي أن ندرك خطورة تصوراتنا، غير الصحيحة، أو المشوهة، أو المشوبة، ويتوجب أن نحدث مراجعة سريعة، وناجزة؛ كي نحدد بصورة قويمة نمط الفهم الخطأ المكتسب؛ لنعمل على تصويبه.
الفهم الخطأ، أو البديل للصواب، أو المشوب، يشكل في حد ذاته حجر عثرة بالنسبة للأذهان؛ فيعوقها عن اكتساب المعارف في إطارها الصحيح؛ ومن ثم يصعب أن يحوز الإنسان منا خبرات متكاملة، تشمل في طياتها الفهم العميق، الذي يؤثر على الممارسة، وبدورهما يغذيان الوجدان بقيم، واتجاهات إيجابية، وميول مرغوب فيها، وهنا نوقن أهمية تقييم البنى المعرفية خاصتنا؛ لنكتشف ما بها من أنماط فهم خطأ، ونسارع في طريق تصويبها؛ كي تصل إلينا الفكرة السديدة، ونتمكن من تطبيق فحواها في الميادين النوعية، التي تدور حولها؛ ومن ثم تستقر الذات، وتصبح على جاهزية نحو الانخراط، تجاه مزيد من العمل، والإنتاج.
أنماط الفهم الخطأ، أو الفهم المغاير، الذي يصاب به الجميع، لا فرق بين كبير، أو صغير، ولا علاقة له بالقدرات العقلية، ومستويات التفكير، وأنماطها، ولا عبرة بمعدلات الثقافة، التي يمتلكها الإنسان منا، وليست رهن مع ما لدى الفرد من ثروات معرفية؛ ومن ثم نوقن تأثيرها المؤقت في حال تصويبها، ومخاطرها المستدامة، عندما لا نحاول تصحيح المفاهيم الخطأ، أو المعلومات المشوبة التي اكتسبناها؛ فكلما تأخرنا عن تصويبها، واجهنا مزيدًا من الصعوبات، واستلزم أن نبذل كثيرًا من الجهود؛ لأن معارفنا تراكمية، ومتصلة، وليست منفصلة عن بعضها البعض.
ندرك أن تحقيق أهداف ننشدها مرتبطة بالمستقبل القريب أو البعيد، تعد رهنًا لما لدينا من صحيح المعرفة؛ فعندما نصاب بفهم خطأ، يصعب علينا أن نسير في طريق قويم، تجاه ما نخطط له من غايات؛ لأن الفهم البديل بات مشتتًا لمسارات التفكير، والتفكر، التي نمارسها عند رسم مراحل تقدمنا، وهنا نقع في أخطاء قد تكون بغير قصد؛ نتيجة لأنماط الفهم الخطأ، التي نمتلكها، وهذا في حد ذاته كفيل بأن يقوّض جهودًا، قد قمنا بها مسبقًا، أو تفشل مراحل عزمنا أن نمضي في خطاها؛ ومن ثم قد نصاب بإحباط إثر النتاج غير المرضيّ، الذي وصلنا إليه.
أنماط الفهم الخطأ لا تمكننا من أن نصنع، ونتخذ القرار السليم، وتهدر جهودنا، وتصيبنا بالخيبة، تجاه آمال، كنا نود تحقيقها، بل، قد تكسبنا سلوكيات، تتعارض مع ما لدينا من قيم آمنا بها، وحاولنا الاتصاف بدلالاتها، وتدفعنا إلى المشاركة في نشر معلومات، أو بيانات غير صحيحة، وتزيد من حدة الخلاف فيما بيننا، وقد نصل من خلالها إلى صراعات مع الآخرين لقناعاتنا المزيفة؛ ومن ثم تضعف الشراكة، وأطر التعاون فيما بينا إلى الحد الذي يضير بمصالحنا الخاصة منها، والعامة، ناهيك عن أن فقد للثقة يتضاعف بمزيد من مدخلات التشويه، التي تحملها معلومات، وبيانات غير صحيحة.
خطورة الفهم المغلوط، أو الخطأ، لا يتوقف عند حد معين، ولا مستوى من مستويات الحياة؛ لكنه يمتد إلى كافة المجالات بتنوعاتها المختلفة؛ فتضار من آثاره الأفراد، والمجتمعات، ويتسبب في تعطيل مسيرة التقدم، وإضعاف العزيمة، والإرادة نحو بلوغ نهضتنا المستحقة؛ لذا يتوجب العمل على تصويبها فورًا وفق منهجيات مخططة، ومقصودة سنوردها فيما بعد.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.