فى الهالوين.. ماذا يحدث فى مخك عند مشاهدة أفلام الرعب

الجمعة، 31 أكتوبر 2025 10:00 م
فى الهالوين.. ماذا يحدث فى مخك عند مشاهدة أفلام الرعب تأثير أفلام الرعب على المخ

كتبت مروة محمود لياس

في الظلام الهادئ، بينما تومض الشاشة بمشاهد غريبة وصوتٍ متوتر، يشعر الإنسان بأن قلبه ينبض بسرعة، وأن أنفاسه تتلاحق كما لو كان يهرب من خطرٍ حقيقي. ومع أن المنطق يخبرنا بأن ما نراه مجرد خيال مصوَّر، فإن أجسادنا تتعامل معه وكأنه تهديد فعلي. هذه المفارقة بين الوعي والواقع الجسدي تجعل من مشاهدة أفلام الرعب تجربة فسيولوجية وعصبية معقّدة أكثر مما تبدو.

وفقًا لتقرير نشره موقع Legacybox، فإن أفلام الرعب قادرة على تحفيز مناطق بدائية في الدماغ مسئولة عن ردود الفعل الغريزية، مثل الهروب أو الدفاع عن النفس. في تلك اللحظات، لا يفرّق المخ بين الخطر الحقيقي والمشهد الافتراضي، فيُطلِق سلسلة من الإشارات العصبية والهرمونات التي تُغيّر إيقاع الجسم بالكامل، من دقات القلب إلى حركة العضلات وحتى التعرّق المفاجئ.

الدماغ البدائي يستعيد غريزة البقاء

يحتوي الدماغ البشري على منطقة تُعرف بـ"اللوزة الدماغية"، وهي المركز المسئول عن معالجة الخوف. حين تظهر صورة مروّعة على الشاشة، تُفعَّل هذه المنطقة فورًا، وتصدر أوامر فورية للجسم بالاستعداد للخطر. تتسارع ضربات القلب، وتتوتر العضلات، ويزداد تدفق الدم إلى الأطراف.
ويفسّر علماء الأعصاب هذه الاستجابة بأنها امتداد لآلية دفاعية قديمة تطورت لدى الإنسان منذ آلاف السنين حين كان يواجه الحيوانات المفترسة في الطبيعة. ومع أن التهديد اليوم مصدره فيلم خيالي، إلا أن الدماغ لا يميّز الفرق.

القلب في سباق والجسم في حالة تأهّب

تشير الدراسات إلى أن معدل نبضات القلب قد يرتفع بمقدار عشر نبضات أو أكثر في الدقيقة أثناء المشاهد العنيفة، ما يشبه جهدًا بدنيًا حقيقيًا. ويُصاحب ذلك إفراز هرمون الأدرينالين، الذي يُحفّز الدورة الدموية ويُضاعف من الشعور بالتوتر والانتباه.
هذه الحالة الفسيولوجية هي ما يجعل المشاهد يشعر باندماجٍ كامل مع القصة، وكأنه يعيشها بنفسه، رغم إدراكه الكامل بأنها غير حقيقية. إنها تجربة تجمع بين الإثارة والسيطرة، إذ يشعر الإنسان بالتهديد دون أن يكون مهددًا فعلاً.

لماذا نتعرّق أثناء الرعب؟

أحد أكثر ردود الفعل شيوعًا هو التعرّق. ويُفسَّر ذلك بأنه استجابة دفاعية لتحسين توازن حرارة الجسم أثناء الخوف. كما أن الجهاز العصبي الودي — المسؤول عن “القتال أو الهروب” — ينشط الغدد العرقية لتهيئة الجسد لأي مجهودٍ مفاجئ. المدهش أن هذه الاستجابة قد تحدث حتى عندما نُشاهد الفيلم في مكان آمن تمامًا، لأن الدماغ لا يستطيع التفريق بين الخطر الحقيقي والافتراضي في لحظة الانفعال.

التعلق النفسي بالشخصيات

حين يتماهى المشاهد مع بطل الفيلم، ينشأ نوع من “التعاطف العصبي”؛ إذ تُحفّز مناطق في الدماغ تُحاكي ما يراه الشخص على الشاشة. فعندما يختبئ البطل، تُنبه مراكز الحركة لدينا بطريقة غير واعية، فنشعر بتوترٍ عضلي أو رغبة في التحرك. هذه الحالة من الانغماس تُعرف علميًا باسم التشغيل المرآوي العصبي، وهي التي تجعل المشاهد يعيش اللحظة كما لو كانت تخصه.

الرعب كتنفيس نفسي

رغم كل هذا التوتر العصبي، يرى علماء النفس أن أفلام الرعب لا تُعتبر دائمًا ضارة، بل يمكن أن تمنح الإنسان فرصة لتفريغ مكبوتاته في بيئة آمنة. فالإحساس بالخوف المؤقت يساعد على تدريب الدماغ على التحكم في ردود الفعل الانفعالية. لذلك، يشعر بعض الأشخاص بالراحة بعد انتهاء الفيلم، وكأنهم تخلصوا من طاقة مكبوتة.

توازن بين المتعة والتحفيز العصبي

السر في الاستمتاع بأفلام الرعب يكمن في الجرعة؛ فالتعرّض المعتدل يمكن أن يكون ممتعًا ومحفزًا، بينما الإفراط قد يُحدث إجهادًا عصبيًا مزمنًا أو كوابيس متكررة. لذلك يُنصح بعدم مشاهدتها في حالات القلق أو قبل النوم، حيث يكون الدماغ في أقصى درجات الحساسية للتأثر بالمشاهد القوية.

إن ما يحدث في أدمغتنا أثناء الرعب السينمائي ليس مجرد تفاعل نفسي، بل تجربة عصبية كاملة تُعيد إحياء ماضٍ بدائي غائر في طبيعتنا البشرية.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب