في لحظة ينتظرها العالم بشغف، يستعد المتحف المصري الكبير يوم السبت المقبل لفتح صفحة جديدة من التاريخ، حين يعرض تابوت الملك الذهبي توت عنخ آمون لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة وثلاثين قرنًا.
هذا الحدث، الذي يأتي تزامنا مع الافتتاح الرسمي للمتحف في أول نوفمبر 2025، يعيد إلى الأذهان قصة اكتشاف المقبرة التي غيرت وجه علم الآثار إلى الأبد.
منذ أن أزاح هوارد كارتر الستار عن مدخل مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك بالأقصر عام 1922، والعالم يقف مبهورًا أمام هذا الفتى الفرعوني الذي خطف الأضواء من ملوك عظام سبقوه وتلوه.
كانت المقبرة، وما تزال، مرآة لحضارة عرفت معنى الخلود، فزينت موتاها بذهب، وخلدت أسماءهم على جدران من صخر لتبقى أبد الدهر.
اليوم، وبعد آلاف السنين من سكون الرمال، يعود التابوت إلى الحياة العامة، لا ليُعرض كقطعة أثرية صامتة، بل كحكاية أبدية تروي مجد مصر حين كانت منبع الحضارة وموئل الجمال.
داخل جدران المتحف المصري الكبير، سيقف الزوار وجهًا لوجه أمام التابوت الذي احتضن جسد الملك الطفل، وكأن الزمن يدور ليعيد لمصر تاجها الذهبي الذي لم يسقط يومًا.
إن عرض تابوت توت عنخ آمون ليس مجرد حدث أثري، بل هو احتفال بالهوية المصرية نفسها، فمصر التي علمت العالم معنى الفن والعقيدة والخلود، تعود اليوم لتذكر الجميع أنها كانت البداية، وأن التاريخ مرّ من هنا أولًا.
ومن حقنا نحن المصريين أن نفخر، لا فقط بملوكنا وآثارنا، بل بما غرسوه فينا من شعور بأننا أبناء حضارة كتبت اسمها على الحجر، ونقشته في ذاكرة الإنسانية إلى الأبد.