دندراوى الهوارى

من شرم الشيخ لبروكسل.. مصر ترفع راية الكرامة فى زمن الانكسار وتنقذ غزة من الاندثار

الأحد، 26 أكتوبر 2025 12:00 م


حين نعود بالذاكرة للوراء، وتحديدا إلى أحداث 25 يناير 2011  عندما كان المصريون، فى الداخل والخارج، يشاهدون عبر شاشات القنوات المحلية والعربية والدولية، كل أنواع الفوضى الخلاقة فى شوارع مصر، وقت الانفلات فى كل شىء، كانت الدموع تتساقط من العيون، والقلوب ترتجف خوفا ورعبا على وطن عظيم، وعاشت الغالبية العظمى مصابة بحالة شديدة من اليأس والإحباط، فبلادهم البهية سقطت فى المستنقع الفوضوى، وتحتاج لمعجزة للخروج منه.

وعندما سيطرت جماعة الإخوان الإرهابية فى سنة سوداء على مقاليد الأمور، زاد اليأس والإحباط، وسارت البلاد فى نفق الظلام، بسرعة كبيرة، وخلال عام فقط لم يتحمل المصريون هذه الأوضاع فخرجوا عن بكرة أبيهم فى 30 يونيو 2013 لاستعادة بلادهم المخطوفة، ونجحوا فعليا فى استردادها بأثمان باهظة من النفس والمال، تدفع البلاد فاتورتها الباهظة حتى الآن.

وما أعقب ثورة 30 يونيو، من توحش جماعة الإخوان الإرهابية واستعانتها بمنتخب العالم للإرهاب فى سيناء، لتخوض الأجهزة الأمنية معركة صعبة دفعت فيها مصر الغالى والنفيس، هذه الأحداث الفوضوية الخطيرة، كانت تدمى القلوب، وكانت أعظم أمانى أى مواطن، أن يرى بلاده وقد عاد إليها أمنها واستقرارها، وبريقها، ووجهها المستنير المضىء.
وفى عام 2014 ومع وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى، لسدة الحكم نزولا على رغبة شعبية جارفة،  بدأت مسيرة العمل على تثبيت أركان الدولة وانتشالها من حالة الفوضى والتخريب والدمار، إلى مرحلة البناء والتنمية الشاملة واتخاذ قرارات ثورية لا يمكن لزعيم آخر أن يتخذها، وفق كل المعطيات السياسية وقواعد المنطق، لكن الرجل غَلَبّ مصلحة وطنه فوق مصالحه السياسية، بإرادة فولاذية أثارت دهشة أعدائه قبل أصدقائه. 

وما بين مشاهد أحداث الانفلات الفوضوى فى كل شىء 25 يناير 2011 ومرورا بأم المعارك ضد الإرهاب وتطهير البلاد من دنسهم، عقب ثورة 30 يونيو 2013 إلى مشهد شرم الشيخ، ووصول 20 زعيما يتقدمهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لإعلان اتفاقية وقف «مقتلة غزة» البربرية، ثم الاستقبال المدوّى للرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة المصرية الأوروبية الأولى، ببروكسل الأسبوع الماضى، أمر  كان شبيها بفقرة «الساحر» القادر على خطف الأبصار والقلوب والعقول، بقدرات خارقة، وبعيدة عن كل تصور وقريحة العباقرة فى التحليل السياسى والاستراتيجى.

الأسبوع الماضى، كانت مصر على موعد مع التاريخ، وهى صانعته، أثناء دخول الرئيس عبدالفتاح السيسى اجتماع القمة المصرية الأوروبية، وسط تصفيق حار وقوى، مع ترديد عبارات الامتنان والتقدير لدور مصر ومكانتها كقوة كبرى فى استقرار المنطقة، وأنها رجل المطافئ القادر بكفاءة وإخلاص وشرف وأمانة على إطفاء النيران، ودورها الكبير فى رفع كرامة الأمة فى زمن الانكسار، وإنقاذ غزة من الاندثار من فوق الخرائط الجغرافية ووقف المقتلة البربرية.

الحقيقة، وبشىء من التأمل فى خريطة العالم، يدرك الجميع أن مصر ليست مجرد دولة فى إقليم متفجر، وإنما هى قلب التاريخ النابض، وعقل الجغرافيا التى تدير حركة الحضارة منذ آلاف السنين. وبدون مبالغة، أو شيفونية يمكن لنا أن نقول وبأريحية أنه لولا مصر لتبدلت ملامح التاريخ البشرى.

منذ فجر التاريخ، ومصر منارة العلم، ومخزن الغذاء، وجسر التجارة بين الشرق والغرب، فحين كانت أوروبا تتخبط فى بحور الظلام، كانت مصر تُدرّس الطب والكيمياء والهندسة والفلك، وكانت تضاء بشموع العلم والمعرفة قبل أن تعرف مدن أوروبا معنى التنوير.

زعماء أوروبا أنفسهم يعترفون بأن أمن واستقرار قارتهم العجوز لم يكن ممكنا دون الدور المصرى فى حفظ توازن المنطقة، بدءا من حرب أكتوبر إلى اتفاقيات السلام، ومن مكافحة الإرهاب إلى ضبط الهجرة غير الشرعية، تقف مصر درعا واقيا تصون الأمن والأمان، وتقف ضد فوضى الشرق والغرب معا، وتبذل جهودا مضنية لتبريد الملفات الساخنة على كل بقعة من بقاع الكرة الأرضية، ولمَ لا وهى من دشنت أول معاهدة سلام فى التاريخ؟!

افخر ببلدك، فهى الشريفة العفيفة المخلصة الأمينة، بلد أفعال وأقوال، لا تقول ما لا تفعل، وأن ما قدمته وتقدمه لقضايا أمتها فى العموم وبكل امتنان شديد، وللقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، الكثير، فهى الدولة الوحيدة التى دفعت فاتورة باهظة فى سبيل نصرة الأشقاء الفلسطينيين من أرواح ودماء خيرة شبابها، وخاضت حروبا، وما زالت تلعب الدور الأبرز فى انقاذ غزة من الضياع.

فمن شرم الشيخ لبروكسل، مصر ترفع راية الكرامة والكبرياء والإباء فى زمن الانكسار وتنقذ غزة من الاندثار، وتواصل الليل بالنهار لتثبيت اتفاقية وقف إطلاق النار، ورأينا كيف تحشد العالم للوقوف فى وجه حكومة الكيان المتطرفة. 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب