اللحية المطلوقة والجلباب والوجه الحاد الجاف أو حتى السلاح لم تعد تلك السمات والأبعاد الشكلية مؤشراً على تطرف الفرد أو انتمائه لجماعات إرهابية، فتطور الإرهابى مع تطور العصر وابتعد عن تلك العلامات الشكلية واندمج مع متطلبات زمن السوشيال ميدا ليطل علينا مرة أخرى بـ " نيولوك" المؤثر والتيك توكر ، وغيرها من الوظائف الافتراضية التي أصبح من شانها أن تقود رأى الشباب بل والرأي العام بالكامل وتحرك قضايا، وتكسب تعاطف طرف ضد الأخر، وتقلب مجتمعات وتقود أيضاً لثورات،
فللأسف وسط نخبة من المؤثرين الوطنين الحقيقين قد يندس أصحاب العقول المتحجرة والأراء المتشددة المتطرفة والنوايا السوداء ، فاستبدل الإرهابى المتطور الأسلحة النارية بأسلحة أشد تأثيراً " الكاميرا والكيبورد"، والكلمة هنا ليس لها حدود والرأى لا تحدده قيود، فأصبح بإمكانك أن تقول أي شيء وتختلق قصص من وحي خيالك المريض لتفسد على غيرك وطنيته ، وتقلب صورة إنجازات الدولة إلى سقطات، وتحول الانتصار انهزام والشجاعة والمواقف القوية، إلى جبن وتراجع عن المسئولية، وتقول ما تشأ طالما الحرية التي تفصلها على مقاسك ومقاس جماعتك تكفل لك وحدك حرية الرأي .
أعلم أن الأمر هنا ليس بالجديد ، فمع بداية انتشار وسائل التواصل الاجتماعى، واقبال المستخدمين عليها ، ظهرت اللجان الإلكترونية المدفوعة، والتي من شأنها أن تحرك ألاف من الحسابات المزيفة ، أو تستأجر ألاف أخرى من الحسابات الحقيقية من خارج مصر، بهدف نشر الشائعات واختلاق الأكاذيب وتشويه صورة البلد، وتشكيك أبنائها وزعزعة استقرارهم، والسلاح المستخدم هنا كان " الكيبورد" بضغطة واحدة فقط كان بإمكان محرك اللجنة أن يحصل على ألاف التعليقات والإعجاب والمنشورات وفقاً لمتطلبات الكذبة الجديدة التي يرغبون في انتشارها، لكن مع الوقت ومع التوعية التي قدمتها أجهزة الدولة للمواطنين أصبحت فكرة اللجان قديمة نوعاً ما ولا تصلح في كل المواقف، لذلك كان من الضرورى إيجاد حلولاً أكثر تطوراً وأكثر تأثيراً تساند منظومة اللجان وتظهر في إطار جديد يقترب من الشباب ويسيطر عليهم بشكل غير مباشر ثم يضع السم في العسل ، ويبث المعلومات المغلوطة والأراء العنيفة المحرضة دون أن يصرح بذلك علنياً.
لذلك كان ثوب " التيك توكر" و " الأنفلونسر" هو الغطاء الحديث لجماعات الشر وقوى الظلام، والكاميرا هنا ومواقع تبادل مقاطع الفيديو، هما السلاح والوسيط بينهم وبين مجتمعاتنا، فلا داعى للتعجب إذا وجدت سيدة متقدمة في العمر تقدم محتوى له علاقة بفئتها العمرية ، أو تستعرض مقتنياتها وتهتم "بالفاشون" والموضة، ثم تأخذك قليلاً في أحد مقاطعها نحو السياسة ونحو رأيها المسمم تجاه الدولة، ولا داعى أيضاً للاندهاش إذا وجدت شاب يعتمد محتواه على حب مصر والانتماء لها، ثم تجده بقدرة قادر يدعم دولة أخرى ويقارن بينها وبيننا ويرجح كافتها على حساب الوطن الذى من المفترض وطنه، نفس الأمر يتكرر بين المؤثرين المأجورين الذين يظهرون على الشاشات بمحتوى بعيد تماماً عن السياسة، موضة غناء كوميديا دراما وغيرها من المجالات، وبعد أن يضمن المزيد من المتابعين والمحبين واتساع دائرة جمهوره، ينشر فيديو واحد كل عشر فيديوهات على سبيل المثال، يحتوى على هذا السم بغرض التسلل إلى عقول الشباب المتابعين له والمتأثرين بأرائه.
أعتقد الأمر أصبح أكثر وضوحاً ولا احتاج إلى تقديم العديد من الأمثلة، فبإمكانك عزيزى القارئ أن ترجع بذاكرتك إلى الوراء قليلاً وتفتش في قائمة متابعتك، وتتذكر مواقف المؤثرين والتيك توكر، ولا مانع من أن تبحث في تاريخهم، وبالتأكيد ستجد تلك النقطة السوداء التي تؤكد لك نواياهم التي لا تظهر من سماتهم الشكلية وضحكاتهم المدوية وخفة دمهم المستعارة ، وانتقادهم لقضايا عامة على سبيل مجاراة الأحداث وتضامنهم مع البعض على سبيل الإنسانية ،
فكلها أدوات نفسية بحتة للوصول إلى عقلك والتأثير عليه، فلا مانع من التعليق على واقعة صفع الرجل المسن التي قدمت الشرطة المصرية فيها مثال للحفاظ على كرامة المواطن المصرى، وغيرها من الوقائع التي تحدث في كل بقاع الأرض ولكن إذا حدثت بشكل فردى في مصر تفتح أبواب جهنم على صفحات السوشيال ميديا، و التعليق هنا بالضرورة سيأتى متجاهلاً دور الداخلية مؤكداً على انحدار أخلاق الشعب المصرى وانهيار القيم المجتمعية، ولجعل الموقف أكثر حساسية ، يمكن إضافة أغنية " عسل أسود" على الفيديو، حتى تصبح أكثر تأثيرا وتصبح مصر بقيادتها وشعبها وشرطتها الجميع متهمين أمام محكمة السوشيال ميديا المتلونة ،
وما يلفت الانتباه هنا أن أغلب هؤلاء المؤثرين أو أقصد المفسدين ، يعيشون خارج مصر ولا يشعرون بشعبها ولا يلمسون مشاكلنا، فكيف لنا أن نتبعكم ونصدقكم ونتأثر بكم! ، كيف لنا أن نتبع طريقكم المظلم الكئيب المحبط، ونترك واقعنا وطريقنا المزهر ونتجاهل ما وصلت له مصر فى كافة المجالات ؟!.
في النهاية متأكدة أن المجتمع المصرى سيلفظكم مثلما حدث من قبل مع أبواق جماعتكم الإرهابية وإعلامكم " إعلام إللى يدفع أكتر"، وأن المؤثرين الحقيقين سيتبرؤون منكم ومن أفعالك وأقوالكم، وأن الشباب المصرى الذى طالما راهنتم عليه، سيحسم الرهان كالعادة لصالح مصر، وسنفوز دائماً في معركة الوعى ، لذا وجب التنبيه ..
"احذر إرهابى خلف الكاميرا والكيبورد على هيئة أنفلونسر وتيك توكر" ...
ولكن