تحول هوس جديد إلى ظاهرة اجتماعية غريبة فى البرازيل، حيث اجتاحت البلاد موجة واسعة من الاهتمام بـ الدمى السيليكون التي أطلق عليها اسم ري بورن، وهى دمى سيليكون وفينيل فائقة الواقعية تصمع لتبدو كالأطفال الحقيقيين تماما، بل ويعاملها البعض كما لو كانت كائنات حية، وأصبحت الآن موضة منتشرة في المدن البرازيلية، وأثارت موجة من الجدل بين من يعتبرها فناً راقياً، ومن يراها مؤشراً على اضطرابات نفسية تحتاج إلى علاج.
وتصدرت الظاهرة الأخبار بعد انتشار مقاطع مصورة من تجمع لمحبى هذه الدمى فى أحد منتزهات ساو باولو، حيث شهد الحضور ولادة رمزية لطفل رى بورن خرج من كيس صناعى مزود بحبل سرى، وبينما يرى البعض أن الحدث كان فنيا، أثار المشهد صدمة لدى الرأي العام، وبدأت التساؤلات حول الحدود بين الفن والواقع.
لكن الجدل تصاعد أكثر عندما توجهت إحدى النساء إلى عيادة طبية لعرض دميتها على طبيب أطفال كما لو كانت طفلها الحقيقي، وقال الطبيب، المذهول من الموقف، لوسائل الإعلام إنه لم يدرك في البداية أن الرضيع الذي يفحصه مجرد دمية. هذه الحادثة دفعت عمدة بلدة شابيكو إلى إصدار قرار ساخر يقضي باحتجاز من يزور العيادات بدمى ري بورن وإخضاعه لتقييم نفسي.

عروسة فى البرازيل
وفي مدينة جويانيا، وصل الأمر إلى أروقة القضاء، عندما حاول زوجان رفع دعوى للحصول على حق الحضانة لدمية ري بورن، غير أن المحامية التي استمعت إلى القضية رفضتها ووصفتها بأنها غير قانونية وغير منطقية.
حتى الكونجرس البرازيلي لم يسلم من تلك الظاهرة، حيث دخل نائب فيدرالى إلى البرلمان حاملا دمية أعلن أنها حفيدته مؤكدا أن اللعب بهذه الدمى ليست خطيئة، وفى حادث آخر اعتدى رجل على أم تحمل رضيعها الحقيقى معتقدا أنها تحمل دمية لتتجاوز طابور فى مطعم، ما أدى إلى إصابة الطفل بجروح طفيفة.
إزاء هذه الحوادث المتكررة، طرحت الجمعية التشريعية في ريو دي جانيرو مشروع قانون لإنشاء مراكز دعم نفسي للأشخاص الذين يطورون روابط عاطفية قوية مع دمى ري بورن، معتبرة أن بعض الحالات قد تمثل اضطراباً نفسياً يحتاج إلى تدخل طبي، كما نص المشروع على تنفيذ حملات توعية وبحوث أكاديمية حول الظاهرة، وأقر يوماً رسمياً سُمّي يوم اللقلق ري بورن.

عرائس تثير الجدل فى البرازيل
ورغم الانتقادات الحادة، تدافعت الأمهات البرازيليات لهذه الدمى عن هوايتهن باعتبارها فنّاً إنسانياً. تقول صانعة الدمى أندريا جونزاجا - 49 عاما: أصنع كل دمية باليد، ألونها وأخبزها عدة مرات حتى تبدو حقيقية، بعض الزبائن يريدون تفاصيل مثل علامات الولادة أو آثار الحقن. ويصل سعر الدمية الواحدة إلى ما بين 230 و440 دولاراً.
أما ألانا جينيروسو، صاحبة متجر ماتيرنيداد ألانا بيبيز في مدينة كامبيناس، فحوّلت شغفها إلى مشروع تجاري ناجح. متجرها يشبه جناح الولادة في مستشفى، حيث تسلم الدمى للأمهات الجدد داخل حاضنات طبية وتُمنح شهادة ميلاد رسمية. وتؤكد: الزبائن لا يشترون مجرد دمية، بل يشترون حلما.

الدمى فى البرازيل
على الجانب النفسي، توضح الأخصائية البرازيلية فيفيان كونيا لوكالة EFE أن التعامل مع هذه الدمى لا يُعتبر اضطراباً إلا إذا تسبب في أذى اجتماعي أو اقتصادي لصاحبها. مضيفة: إذا صدقت الأم أن دميتها مريضة وغيبت عن العمل لرعايتها، هنا نحتاج إلى تدخل علاجي.