-التزوير فى الأوراق يضيع حق المرأة والطفل
-وقانونيين :
ربط الجهات المختصة بقواعد بيانات موحدة تقلل من فرص التلاعبتتصدر قضايا الأحوال الشخصية ساحات المحاكم يوميًا، حاملة في طياتها قصصًا إنسانية معقدة تتعلق بالزواج والطلاق والنفقة والنسب وغيرها، إلا أن ما يثير القلق مؤخرًا هو تصاعد الاتهامات المتبادلة بالتزوير بين الأزواج والزوجات بهذه القضايا، سواء في المستندات أو في التوقيعات والإقرارات، مما يسلط الضوء على أهمية التوثيق القانوني ويطرح تساؤلًا مشروع حول مدى دقة الفحوص والمستندات المقدمة من قبل المدعين أمام المحاكم، باعتبارها العمود الفقري الذي تستند إليه المحاكم في الفصل بين الخصوم، ومدى تأثيرها وكفاءتها في إثبات الحقوق أو نفيها.
وتظهر بين الحين والآخر دعاوى واتهامات التزوير المتبادلة بين الأزواج والزوجات تكشف عن محاولات بعض الأطراف لاستخدام أوراق مزيفة لتحقيق مكاسب غير مشروعة.. وهنا يبرز الدور الحاسم للطب الشرعي وخبراء فحص الخطوط والأحبار في كشف الحقيقة..وخلال السطور التالية نرصد أبرز النقاط القانونية حول تلك الإشكالية وكيفية مواجهتها من خلال مختصين، وأغرب القضايا التي مثلت أمام محاكم الأسرة.
سيدة تطالب بحبس زوجها: "زور مستندات للتهرب من سداد 30 ألف جنيه نفقة"
لم تتخيل الزوجة أن زوجها سيتخلي عنها وأولادها ويقدم على اللجوء للشهود الزور والمستندات المزورة لحرمانها من حقوقها الشرعية، لتضطر إلى ملاحقته بدعوي حبس، أمام محكمة الأسرة بأكتوبر، ادعت فيها تحايله بالغش والتدليس لإثبات تعسر حالته المادية، ورفضه سداد النفقة البالغة 30 ألف جنيه.
وذكرت الزوجة بدعواها أمام محكمة الأسررة: "زوجي دفع والدته لملاحقته بدعوي نفقة لتخفيض نفقة أولاده، وقدم مستندات ادعي فيها تراكم الديون عليه، وتركه لعمله، ليواصل الغش والتدليس لإلحاق الضرر بي، مما دفعني لتقديم دعوي لتطليقي بعد أن مللت من تصرفاته، وإصابتي بالضرر المادي والمعنوي على يديه بسبب تعنته وإصراره على إيذائي وعنفه وتهديداته، ورفضه تحمل مسئولية أبنائه، وتحايله لابتزازي لدفع مبالغ مالية له مقابل الطلاق، ليحاول عدة مرات إجباري علي الرجوع له وعندما رفض لاحقني بدعوي طاعة".
سيدة تتهم زوجها بتزوير مستندات لإلزامها برد مقدم صداق 500 ألف جنيه
الواقعة السابقة ليست الوحيدة لزوجة تلاحق زوجها بسبب تزويره وسرقته حقوقها الشرعية، لترؤي الزوجة معاناتها بعد أن أقامت دعوي تطليقي للخلع بعد شهرين من الزواج، بعد أن اكتشفت حقيقة زوجي وملاحقته بقضايا نصب من جانب آخرين فضلا عن غشه وتدليسه وإخفاء زواجه أكثر من مرة بسيدات بشكل رسمي وعرفي وفقاً للمستندات التي وقعت تحت يديها.
وقررت الزوجة الخلع وليس الطلاق للضرر للهروب سريعاً من عنفه وتهديداته، بعد أن تحايل لابتزازها لدفع مبالغ مالية لها، وفقا لما جاء على لسان أحدي الزوجات بمحكمة الأسرة بالقاهرة الجديدة، مشرة إلي أنها تركت المنزل بسبب خوفها علي حياتها من عنفه بعد علمه باكتشافها غشه وخداعه لها، ليحاول عدة مرات إجبارها علي الرجوع لها وعندما رفضت لاحقها بدعوي طاعة.
وأشارت الزوجة بدعواها:" قام بتزوير مستندات حتي يثبت سداده لي مقدم صداق يبلغ 500 ألف جنيه، وسرقه منقولاتي ومصوغاتي، ولاحقني بالتهديدات والتهم الكيدية ليتخلص مني، بسبب رفضي طمعه في أموالي، ودمر حياتي، وانهال علي بالسب والقذف والتشهير بسمعتي ".
قانونيون: التزوير يحتاج إلى مواجهة حازمة وضرورة التحقق الإلكتروني من المستندات وربط الجهات المختصة بقواعد بيانات موحدة تقلل من فرص التلاعب
وبينما تستمر المحاكم في نظر قضايا تتعلق بالتزوير في وثائق الزواج والطلاق ومستندات للحصول على النفقة، أوضح وليد خلف المحامي المختص بقضايا الأحوال الشخصية أن الوثيقة القانونية لا تقل أهمية عن الشهادة أو الإقرار يعتبر صوت الحقيقة الصامت، الذي يوجه مسار الدعوى ويؤثر بشكل مباشر في سير القضية، وإذا شابها أي تلاعب من قبل الخصوم لنيل حقوق غير مستحقة فإن ذلك يتسبب في النيل من حقوق الطرف الأخر، مؤكدًا أن إحكام الرقابة على التوثيق وتفعيل العقوبات الرادعة على المزورين كفيل بردع أي محاولة للتلاعب بالحقائق.
التوثيق والمستندات.. بين ثغرات التزوير ومتطلبات العدالة في قضايا الأحوال الشخصية
وتابع خلف مع اتساع نطاق النزاعات الأسرية، أصبحت محاضر الزواج والطلاق وإيصالات الأمانة وقوائم المنقولات هدفًا لمحاولات التلاعب، سواء لتثبيت حق غير مشروع أو لنفي التزام قائم، لذا الاعتماد على النظام الورقي فقط لم يعد كافيًا، وأن التحول إلى التوثيق الإلكتروني والربط بين قواعد بيانات الجهات المختصة يمثل خط الدفاع الأول ضد التلاعب بالمستندات.
الطب الشرعي في مواجهة التزوير ومحاولة الخارجين عن القانون فيكسب الوقت أو تغيير مسار الدعوى
وعن دور الطب الشرعي وخبراء الخطوط في كشف التزوير وتحديد مدى صحة التوقيعات والمحررات، إذ يعتمد القاضي على تقارير فنية دقيقة تعد الفيصل في كثير من القضايا، قال المحامي إبراهيم أبو الحسن التساؤلات حاليا مطروحة حول مدى كفاية الوسائل التقليدية في الكشف عن التزوير في ظل تطور أدوات التزييف الحديثة التي قد تنتج مستندات يصعب التفرقة بينها وبين الأصلية بالعين المجردة، مشيرًا إلى أن الربط الإلكتروني بين الجهات مثل مكاتب الشهر العقاري ومصلحة الأحوال المدنية ووزارة العدل، يمكن أن يحد بشكل كبير من الظاهرة.
وأشار أبو الحسن : تلجأ الجهات القضائية والتحقيقات المختصة إلى إدارة التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي للكشف عن جرائم تزوير الأوراق والمستندات والعبث بالإضافة أو الحذف فى الاوراق والمستندات، والتي تتعدد وتشتمل على التزوير بالنقل بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر بالنقل باستخدام الكربون أو تتبع الضغط، التزوير بالمحو الآلي من خلال إزالة كل أو جزء من كتابة المسند بآله لمحاولة إخفاء آثارها، التزوير بالمحو الكيميائي من خلال استخدام مواد كيميائية لإزالة احبار الكتابة أو الطباعة أو مسح هذا المستند، التزوير بالإضافة من خلال ادخال كتابة جديدة على كتابة اصلية في مستند بعد تحريره، التزوير بالطمس ويتم من خلال اخفاء الكتابة سواء أثر أو حرف أو كلمة أو رقم بالشطب أو الطمس أو كتابه اخرى فوقها.
وأكد: يمكن لخبراء التزييف والتزوير الكشف عن تلك الجرائم من خلال اجراء استكتاب ومقارنتها بالمستند الاصلى او فحص المستند المزور او المزيف من خلال فحص ورقة المستند لبيان نوع الورق المستخدم وسطح الورق من حيث الليونة والصقل، فحص أدوات الكتابة والتي تتمثل فى الأحبار والطباعة وأنواعها المستخدمة في كتابة المستندات والشيكات البنكية، فحص الكتابة اذا كانت يدوية عن طريق معرفة توزيع الكلمات والمقاطع وأحجامها ومدى انتظامها وقياس المسافات بين الأحرف والكلمات والأحرف والأسطر والوقوف، فحص المستوى الكتابي من حيث جودة وحسن الخط واقتراب الكتابة أو بعدها عن القاعدة الخطية النموذجية، والجانب اللغوي، فحص التكوين الحرفي من خلال فحص الحروف ومدى اتصالها بالحروف السابقة واللاحقة لها، على أن تجرى المقارنة على الأحرف في المواقع المتماثلة داخل الكلمة في الورقة المقدمة للفحص وعينة الاستكتاب، فحص النقاط من خلال بيان شكل النقاط والفواصل وحجمها ومكان وضعها، فحص درجة ميل الكتابة ومعرفة طريقة كتابة الحرف سواء كان قائما أو مائلا، فحص حركة اليد أثناء كتابة المستند سواء كانت في المستوى الأفقي أو الرأسي أثناء الكتابة.
ويضيف المحامي المختص إبراهيم أبو الحسن: "التزوير لا يضر فقط أحد أطراف الدعوى، بل يخلق منازعات لا تنتهي، وهو ما يستوجب تطبيق عقوبات مغلظة وردع حقيقي، حيث ينص قانون العقوبات المصري في المواد من 211 إلى 215 على عقوبات صارمة بحق مرتكبي جرائم التزوير، تصل إلى السجن المشدد، خاصة إذا تعلق التزوير بمحررات رسمية أو مستندات قضائية، واعتبارها جناية لما ينتج عنها من أضرار مادية ومعنوية.
التوثيق الآمن لضمان للعدالة
وتابع : في نهاية المطاف تبقى المستندات القانونية حجر الزاوية في تحقيق العدالة الأسرية، فهي التي تحفظ الحقوق وتمنع النزاعات، لكنها في الوقت نفسه قد تتحول إلى وسيلة ظلم إذا طالتها يد التزوير، وهنا تبرز الحاجة إلى رقمنه منظومة التوثيق وتحديث أساليب الفحص الفني، إلى جانب توعية المواطنين بأهمية صحة الأوراق القانونية عند التعامل في مسائل الزواج أو الطلاق أو النفقات.