<< مدير مستشفى الشفاء: نحذر من فيروس جديد لا نعرف اسمه ولا يوجد تحاليل لفحصه
<< وفاة الطفلة حلا الهنادي بسبب تصلب الجلد الجهازي النادر بسبب عدم وجود العلاج
<< الرضيعة سلمى قويدر تواجه التهابات جلدية نادرة تضعف جهازها المناعي وحياتها بخطر
<< سادين النجار تعانى من الشلل المتصاعد ولا إمكانيات داخل مستشفى ناصر لعلاجها
<< مدير الإغاثة الطبية بغزة: انتشار أعراض شبيهة بالإنفلونزا رغم فصل الصيف
<< مدير قسم الأطفال بمجمع ناصر: غيلان باريه خطير وقد يسبب الوفاة وعلاج الغلوبولين المناعي لا يتوافر
<< والدة عبد الرحمن أبو الجديان المصاب بشلل الأطفال: كان بصحة جيدة ويتحرك وفجأة تدهورت حالته
<< الشلل المتصاعد يحول جسد غسان لسجن وعدم تناول اللقاحات يفقد الطفل كريم التعبان الحركة
<< مدير دائرة المختبرات بوزارة الصحة: نقص حاد في أرصدة مواد الفحص ووحدات الدم الحالية لا تكف لمرضى غيلان باريه
في 28 أغسطس الماضي، خرج الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي، ليطرق صرخة للعالم حول عودة فيروسات نادرة إلى غزة، بسبب استمرار الحرب وسوء التغذية والنزوح المتواصل، تلك الأمراض التي لا يستطيع الأطباء التعامل معها سواء من حيث عدم وجود أجهزة طبية لاكتشافها أو إجراء تحاليل لعلاجها، ونقص الأدوية، أصبحت بيئة القطاع مهيئة لعودة أمراض نادرة تزيد العبء على الفلسطينيين الذين يواجهون صواريخ الاحتلال يوميا.
اقرأ أيضا:
"نحذر من فيروس جديد أخذ في الانتشار داخل غزة، وليس لدينا فحوصات لمعرفة سبب الفيروس"، كانت هذه هي رسالة الاستغاثة التي وجهها "أبو سلمية" للمجتمع الدولى لسرعة التدخل وإنقاذ القطاع، موضحا أن أعراض الفيروس ارتفاع في درجة حرارة الجسم، وآلام في المفاصل، وسيلان من الأنف، وسعال يصاحبه نوبات من الإسهال تستمر لأكثر من أسبوع.
وأشار إلى أن انتشار الفيروس سببه نقص المناعة الناجم عن سوء التغذية، إضافة لعدم توفر مياه نظيفة وانعدام مواد التنظيف، واكتظاظ الناس في الخيام، كما أن الفيروس الجديد يفاقم الضغط على المنظومة الصحية المنهكة.
أمراض نادرة بدأت تظهر على نطاق واسع وأخرى عادت من جديد بعد أن انقطعت عن غزة لسنوات، حيث جاءت الحرب الإسرائيلية لتعيدها من جديد، على رأسها فيروس غيلان باريه الذي يضرب الجهاز المناعي بسبب تلوث المياه، والجدري المائي بسبب الاكتظاظ ونقص اللقاحات ومواد النظافة، تصلب الجلد الجهازي، وعودة ظهور شلل الأطفال بسبب تدهور النظام الصحي والبيئي، وسط تحذيرات من عودة فيروس يشبه الإنفلونزا إلا أنه لا يوجد تسمية له حتى الآن.
وتواصلنا مع الدكتور محمد أبو سلمية، ليحدثنا عن هذا الفيروس الجديد، حيث يؤكد أنه ليس كمرض سابق عانى منه القطاع لكنه مرض جديد لم يتوصل الأطباء إلى اسم له لأنه لا يوجد تحاليل لفحص الفيروسات، إلا أنه يشبه الإنفلونزا ولكن أعراضه أشد منها.
ويضيف مدير مجمع الشفاء الطبي، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هناك أمراض نادرة تضرب القطاع بسبب الحرب خاصة الأمراض الجلدية الكثيرة التي تصيب الناس في الخيام بسبب حرارة الجو والتعرق الشديد وغياب مواد النظافة، بينها الجدري المائي التي يتسبب في بثور على الجلد والتهاب الجلد وحكة شديدة، ولا يوجد علاجات لتلك الأمراض النادرة رغم أنها منتشر بشكل كبير بين عامة الناس، وذلك بسبب انهيار المنظومة الصحية.
الأمراض الجلدية
لم تعد هناك أسرة فلسطينية تعيش داخل غزة إلا وأصيب أحد أبنائها أو أكثر بمرض جلدي مختلف في ظل انتشار التلوث وانهيار محطات تحلية المياه، وحياة الخيام التي تعد بيئة مناسبة لانتشار هذه الأمراض، لكن يظل هناك أمراض نادرة بدأت تأخذ حيز واسع بين أطفال هذا القطاع وعلى رأسها الجدري المائي و تصلب الجلد الجهازي.
المجاعة والأمراض في غزة بسبب الحرب
التهابات تضعف المناعة
تعاني الرضيعة سلمى قويدر ابنة الثلاثة شهور من التهابات جلدية نادرة وحادة، نتج عنها تقرحات خطيرة بسبب بكتيريا نادرة وضعف في جهاز المناعة، ما جعل جروحها لا تلتئم وفمها ممتلئًا بالتقرحات والتسلخات والالتهابات.
سلمى قويدر
مع استمرار الحرب والطقس السئ وحياة المخيمات في غزة بجانب النقص الشديد في المستلزمات الطبية، زادت الحالة الصحية لسلمى قويدر سوءا، وأصبحت تعاني من ارتفاع مستمر في درجات الحرارة، وبدأ المرض ينتشر في جسدها بسرعة، فيما يعجز الأطباء عن التدخل الطبي بسبب خطورة وضعها ونقص العلاجات والمعدات اللازمة، حيث حذر الأطباء من تدهور خطير قد يهدد حياتها، خاصة أنها بحاجة ماسة للعلاج العاجل خارج القطاع في ظل دمار المستشفيات في القطاع مما يصعب من التدخل الطبي.
وبحسب بيان صادر عن جمعية الإغاثة الطبية في غزة، فإن أعداد كبيرة من الجرحى يصلون إلى المستشفيات يوميا عاجزون عن استقبالهم، موضحة أن المستشفيات والمراكز الصحية استنزفت مع استمرار منع دخول المساعدات.
وتقول والدة سلمى قويدر، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن ابنتها تعاني من التهابات وتمزقات في الجلد نتيجة بكتيريا نادرة أدت لضعف جهاز المناعة، وذلك بسبب حر الخيام وحرارة الطقس المرتفعة.
والدة سلمى قويدر
وتضيف أن البيئة داخل القطاع ملوثة والحشرات المنتشرة مما أدى لانتشار الأمراض، متابعة أنه بسبب الحرب والحصار الذي يفرضه الاحتلال على غزة، أصبح لا يوجد أي نوع علاج يخفف من آلام طفلتي وتقرحات بفمها وفتحات صغيرة تواجهها، حيث أصبح جسدها الصغير لا يتحمل المرض، والذي يتزامن مع معاناتها من سوء تغذية بسبب عدم توافر الحليب وعدم قدرة الأم على الرضاعة بسبب الجوع.
تصلب الجلد الجهازي يتقل حلا الهنادي
بينما الطفلة "حلا الهنادي"، صاحبة الأربع أعوام، تواجه مرض نادر وهو تصلب الجلد الجهازي، هذا المرض الذي يضرب جسدها في ظل منظومة صحية متهالكة لا تستطيع أن تقدم لها أي علاج يستطيع أن يخفف آلامها، هذا المرض الذي أخفى ملامح طفولتها خاصة أنه يمنع نموها وجعل وزن جسدها لا يتجاوز ستة كيلو جرام .
الطفلة حلا الهنادي
مع نقص الطعام الشديد، واستمرار الحرب ساءت الحالة الصحية لحلا الهنادي، ورغم حصولها على أربع تحويلات للعلاج خارج غزة، إلا أن غلق إسرائيل للمعابر ورفضها خروج المرضى والمصابين، مما تسبب في وفاتها بعد عجز الأطباء عن مداواتها مع غياب العلاج والطعام الخاص بها، فقط كانت قبل الحرب تتحسن ببطء بفضل فرص السفر إلى الخارج، إلا أن العدوان حرمها من السفر والدواء والطعام، وكذلك من حقها في الحياة.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي، أن نصف مليون شخص في غزة على شفا المجاعة، لافتا في بيانه المنشور في 7 أغسطس الماضي، إلى أن أكثر من 320 ألف طفل في غزة معرضون لخطر سوء التغذية الحاد، وثلث سكان غزة على الأقل يقضون أياما بدون الحصول على طعام.
وفي ذات اليوم، أكد مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، أن ربع سكان غزة يواجهون خطر المجاعة والبقية تعاني من مستويات جوع حرجة، موضحا أن جميع أطفال غزة دون سن الخامسة يواجهون خطر سوء التغذية الحاد، وتم حصر 12 ألف طفل دون الخامسة من العمر يعانون من سوء تغذية حاد خلال شهر يوليو، وأكدت منظمة الصحة العالمية، أن الوفيات بسبب الجوع ترتفع في القطاع.
الأمراض النادرة التي تنتشر في غزة تسببت في وفيات عديدة، من بينهم الطفلة جوري صاحبة العامين ونصف، بعدما ظهر عليها مرض وصفه الأطباء بأنه مرض مجهول لم يشهده القطاع من قبل، وهو ما تؤكده والدتها نسمة عياد، بأن الأطقم الطبية عجزت عن التشخيص، والنداءات استُنزفت، ومع تؤخر سفرها تسبب في زيادة معاناتها لتتوفى قبل أن تصل المستشفى إلى علاج لها.
وتضيف والدتها، أن ابنتها الشهيدة عانت من انتفاخات واحمرار وتسلخات حادة غطت جسدها، قبل أن يبدأ جسدها الصغير في النزيف دم من تلك الالتهابات، لتصعد روحها إلى السماء وهي تصرخ من إجرام الاحتلال وصمت العالم على مجازره.
نسمة عياد
بعد أيام قليلة لحقت جنى صاحبة الثمانية أعوام بشقيقتها جوري، بسبب نفس المرض النادر الذي تسبب في انتفاخ بالقدمين والتهابات حادة في الجلد، مع سوء تغذية حاد أدى إلى تحول جسدها لهيكل عظمي، وانخفاض الدم لمستوى وصل إلى "7" مما تسبب في وفاتها.
الطفلة نسمة عياد
فيروسات غامضة ومتحور جديد لكورونا
الأمراض النادرة التي تضرب القطاع تنوعت ما بين أمراض مناعية وصدرية وجلدية، وما يزيد الأمر خطورة هو سرعة انتشارها، رغم أن بعضها غير معدي، وهو ما يشير إليه الدكتور عائد ياغي، مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة، حيث إن الأسابيع الأخيرة شهدت انتشار لأمراض وفيروسات مختلفة مع وجود أعراض شبيهة بالإنفلونزا والتي لا يتم رصدها عادة في هذا الوقت من العام.
ويقول "ياغي"، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن انتشار هذه الأمراض الشبيهة بالإنفلونزا رغم حلول فصل الصيف سببه انتشار المجاعة والتي تؤدي إلى انخفاض مناعة الجسم لدى المواطنين والنقص الحاد في المياه وخاصة الصالحة للشرب والنقص المزمن في الأدوية ومواد النظافة الشخصية بالإضافة إلى الاكتظاظ وارتفاع نسبة الكثافة السكانية في مراكز الإيواء والمناطق التى لجأ إليها المواطنين.
ويوضح أن كل هذه الظروف تعتبر بيئة مناسبة لزيادة الأمراض والفيروسات ومنها فيروس غيلان باريه والذي يعتبر من الأمراض والفيروسات النادرة، كما يؤكد بعض الأطباء عن تسجيل أعراض لفيروسات وأمراض اخرى غير معروفة مسبقا، والبعض يتحدث عن متحور جديد من فيروس كورونا ولكن من الصعب تأكيد ذلك لأنه لا توجد فحوصات مخبرية لتأكيد هذا التشخيص وتعتمد الأطقم الطبية في التشخيص على الأعراض .

أمراض نادرة تواجه عزة
وأكدت منظمة أطباء بلا حدود، خلال بيانها الصادر في 23 أغسطس، أن أكثر من 60 محطة تحلية مياه في غزة خرجت عن الخدمة نتيجة أضرار لحقت بها جراء القصف الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر 2023، موضحة أن إسرائيل تتعمد حرمان السكان في القطاع من المياه، تحرمهم من ضروريات الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والرعاية الصحية.
وأضافت المنظمة، أن كمية المياه المتوفرة في غزة غير كافية على الإطلاق، وإسرائيل تمنع استيراد المواد الضرورية لمعالجة المياه، لافتة إلى أنه منذ يونيو 2024، لم تنل أطباء بلا حدود سوى موافقة واحدة عن كل 10 طلبات لاستيراد المواد اللازمة لتحلية المياه، كما أن تل أبيب ألحقت أضرارا متكررة باثنين من أصل ثلاثة أنابيب مياه تصل إلى غزة .
وقالت إن التقديرات تشير إلى فقدان 70 % من المياه التي تجري في هذه الأنابيب نتيجة التسريبات في شبكة الأنابيب الأوسع، بفعل الأضرار الناجمة عن القصف، مؤكدة أن نقص المياه النظيفة في غزة أدى إلى زيادة انتشار الأمراض، حيث أجرت الفرق الطبية التابعة لأطباء بلا حدود أكثر من ألف استشارة أسبوعيا خلال الشهر الماضي لمرضى يعانون الإسهال المائي الحاد.
فيما قالت سلطة المياه الفلسطينية إن 85% من منشآت المياه والصرف الصحي تعرضت لأضرارٍ جسيمة، فيما انخفضت كميات المياه المتاحة للمواطنين بنسبة تصل إلى 80%، وسط تراجع استهلاك الفرد من المياه في غزة إلى أقل من 5 لترات يوميا، مقارنة بالحد الأدنى الطارئ الذي توصي به منظمة الصحة العالمية، وهو 20 لترا.

أزمة تلوث المياه داخل غزة
انتشار واسع لسلالة جديدة من الإنفلونزا
وفي 31 أغسطس، أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أن القطاع في الأيام الأخيرة، وخاصة بين النازحين في مراكز الإيواء والمرضى والأطفال على وجه التحديد، شهد انتشارا واسعاً وحاداً لسلالة جديدة من الإنفلونزا، في ظل ظروف صحية كارثية ناجمة عن الحصار والإبادة الجماعية المستمرة. ويعود الانتشار السريع إلى الاكتظاظ الشديد، وانعدام توفر المياه والتهوية، وتدهور الخدمات الصحية نتيجة الحرب وتضييق الاحتلال، ما يشكل تهديداً مباشراً لحياة الفئات الأكثر ضعفا.
وأضاف بيان المكتب الإعلامي، أن المستشفيات القليلة العاملة تتعامل مع هذه الموجة المرضية في ظل نقص حاد في الكوادر والمستلزمات، وتعتمد على الرعاية الأولية والعلاجات العرضية فقط، دون بروتوكولات علاجية متكاملة نتيجة إجراءات الاحتلال الإجرامية، فيما تقدر الإصابات بالآلاف في جميع محافظات القطاع مع تزايد يومي، خصوصا بين الأطفال وكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة.
وأوضح أنه لا تتوفر أدوية خاصة وفعّالة لهذه السلالة في قطاع غزة، وإن وجدت بكميات محدودة فهي شبه معدومة، نتيجة استمرار الاحتلال "الإسرائيلي" في منع دخول عشرات الأصناف من الأدوية الأساسية، في خرق واضح للمادة (56) من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تلزمه بتوفير الرعاية الطبية للسكان تحت الاحتلال.
وحمل المكتب الإعلامي الحكومي، الاحتلال والإدارة الأمريكية المسئولية الكاملة عن تدهور الأوضاع الصحية في غزة، مطالبا المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية بالتدخل لوقف حرب الإبادة وفتح المعابر ورفع الحصار وإدخال الأدوية قبل فوات الأوان.
غيلان باريه
وفقا وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن متلازمة غيلان باريه، من الأمراض النادرة، التي باتت تنتشر بشكل مقلق في القطاع ، خاصة بين الأطفال، حيث تبدأ بفقدان مفاجئ للقدرة على تحريك العضلات، وتم تسجيل عشرات الحالات بهذه المتلازمة خلال فترة قصيرة، في حين أن المعدل الطبيعي لا يتجاوز حالة واحدة سنويًا، مؤكدة أن هذا الانتشار السريع للمتلازمة مؤشر خطير على انهيار الوضع الصحي وتفاقم الكارثة الإنسانية بسبب الحصار الإسرائيلي ومنع دخول العلاجات والمغذيات الأساسية..
"سادين النجار".. أبرز ضحايا الأمراض النادرة
"سادين سليم النجار"، الطفلة الفلسطينية التي أراد القدر أن تكون أحد المصابين بالمرض المناعي "بغيلان باريه"، كانت ضحية التلوث التي انتشر في كل أرجاء غزة بفعل العدوان الإسرائيلي، لم يكتف الاحتلال بتشريد أسرتها وتجويعهم، لكن بسبب استهدافه محطات الصرف الصحي واختلاطها بالمياه الجوفية، أدى لتلوث المياه وانتشار هذا المرض الخطير داخل القطاع لتعالج داخل مجمع ناصر الذي يعمل فيه والدها.

الطفلة سبين سليم النجار بعد الإصابة
الممرض "سليم النجار"، بمستشفى ناصر الطبي، يكشف في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، طبيعة مرض ابنته التي أصبحت تحتاج إلى رعاية طبية خاصة لا تتوافر في المنظومة الصحية بغزة بعد أن تدمرت بفعل استهدافات الاحتلال للمستشفيات ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية.
ويقول "النجار"، إن ابنته بدأت لديها أعراض المرض منذ يوم الخميس 10 يوليو، بعد شهورها بازدواجية في الرؤية وبعض الضعف العام بالجسم، ليزداد الضعف أكثر في اليوم التالي وأصبحت تسقط فجأة بعد خطوات قليلة وحتى لو كانت تمشي بمساعدة أحد اخوتها.

الطفلة سبين سليم النجار قبل الإصابة
"يوم السبت أصبحت غير قادرة تماما على الحركة ولا تغيير وضع جسمها أثناء النوم وأصبح لديها ضعف عند البلع والكحة وانخفض صوتها"، هكذا يشرح سليم النجار تزايد أعراض المرض لدى ابنته مما دفعه لحملتها إلى المستشفى وتدخل العناية المركزة وبدأ الأطباء بإعطائها علاج الغلوبيولين المناعي الوريدي، بعدما تم تشخيصها بمرض "غيلان باريه" أو الشلل الحاد الصاعد.
ويتابع :" يوم الأحد ازداد الوضع التنفسي سوءا وتم توصيلها على جهاز التنفس الصناعي وتخدير عام ومكثت لمدة 18 يوما وبعد ذلك تم عمل فتحة من العنق للتنفس وبعد يومين من الفتحة تم فصلها عن التنفس الصناعي وأصبحت تتنفس مع هواء الغرفة ولكن مع استمرار الضعف العام في جميع العضلات وعدم الحركة".
ويواصل سليم النجار الحديث عن الحالة الصحية لابنته قائلا :" في اليوم الـ20 بدأ البلع يتحسن تدريجيا وأصبحت تحرك أطرافها بشكل بسيط وأصبحت الآن تعالج بقسم الأطفال، حيث تمكث من أجل العلاج التأهيلي".
ويؤكد أن ابنته بحاجة للغذاء المدعم والأدوات المساعدة في التنقل وإلا أن الوضع بغزة سئ للغاية وهذا ما يؤخر عملية التعافي من المرض، متابعا :"نحن بحاجة للكثير من المساعدة في أبسط وأكبر الاحتياجات لأن الحياة معدومة داخل القطاع بفعل استمرار الحرب".
الفيروس يحتاج لعلاج الغلوبولين المناعي ولا يتوافر بالقطاع
ويكشف الدكتور أحمد الفرا رئيس قسم الأطفال بمستشفى ناصر بغزة، طبيعة فيروس "غيلان باريه"، حيث إنه مرض يصيب الأعصاب الخاصة بالعضلات ويبدأ بالتنميل ثم الهذلان ثم ضعف في الحركة وشلل ويرتقى هذا الشلل من الأطراف السفلية إلى الأطراف العلوية وعضلات المحور لعضلات القفص الصدري مما يؤدى لشلل في الجهاز التنفسي وقد يحتاج المريض إلى الدخول للعناية المركزة.
ويضيف رئيس قسم الأطفال بمستشفى ناصر بغزة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هذا الفيروس خطير للغاية قد يتسبب في الوفاة ويسمى متلازمة الشلل المتصاعد، يحتاج إلى أكثر من جهاز طبي لتشخيصه والتعامل معه، منها جهاز رنين مغناطيسي وتخطيط عضلات وتخطيط أعصاب وهذه الأجهزة دمرها الاحتلال خلال اجتياحه للمستشفيات، كما يحتاج إلى جهاز قياس نسبة البروتين في سائل الدماغ الشوكي وهو غير متوفر.

الوضع الصحى في غزة
"الفيروس يحتاج لعلاج الغلوبولين المناعي للعلاج وهو غير متوفر ولا يسمح الاحتلال بدخوله ويحتاج لفصل بلازما وإسرائيل لا تسمح بدخول الفلاتر اللازمة لذلك "، هنا يشرح "الفرا" صعوبة تعامل الأطباء مع انتشار هذا الفيروس، مشيرا إلى أن هذا المرض يصيب الأطفال والكبار ولدينا حوالي 50 حالة لأطفال و50 حالة للكبار، وانتشاره سببه فيروس يدعى Enterovirus وهو له علاقة بالصرف الصحي لأن الاحتلال دمر منظومة الصرف الصحي فاختلط بالمياه الجوفية وهو ما يجعل القطاع مقبل على كارثة بيئية
خطورة هذا المرض كشفته وزارة الصحة الفلسطينية في 5 أغسطس، بتأكيدها أن غيلان باريه" ينتشر بسرعة وعلاجه غير متوفر، مما قد يسبب في موت بالجملة بسبب المجاعة وسوء التغذية، حيق كشف الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة بغزة، أسبب انتشار هذا المرض وهو المياه الملوثة، فيما لا يتوفر في غزة أي علاج لهذا المرض الذي يهاجم الجهاز العصبي ويصيب الأطفال بشكل خاص ويؤدي إلى الشلل الكامل وربما الوفاة.
تغريدة منير البرش عن المرض المناعي
وتابع مدير عام وزارة الصحة بغزة، :" أبلغنا منظمة الصحة العالمية منذ بداية ظهور المرض لكن لا تحرك دولي حتى الآن، وسجلنا 1116 إصابة بالحمى الشوكية خلال 2025 وانتشار متسارع لأمراض الجهاز التنفسي".
الشلل يسيطر على بسام
الطبيب أسامة الدبور طبيب الباطنة بمستشفى الشفاء الطبي، يكشف خلال علاجه لأحد المرضى المصابين بهذا الفيروس يكشف طريقة الإصابة وصعوبة علاجه، مشيرا إلى أنه في الآونة الأخيرة تزايدت حالات الإصابة بمصر غيلان باريه السرطان، متلازمة تحدث نتيجة أنواع معينة من البكتيريا والفيروسات فتصيب المريض بأعراض في الجهاز الهضمي أو التنفسي وبعد ذلك بيومين تبدأ أعراض الشلل .
🩺 حين يتحوّل الجسد إلى سجنٍ بفعل الحصار…
— Dr.Muneer Alboursh د.منيرالبرش (@Dr_Muneer1) August 6, 2025
الطبيب أسامة الدبور يصف بألم الحالة الحرجة للأستاذ غسان، الذي أُصيب بمتلازمة غيلان باريه—وهي من أخطر المتلازمات العصبية—حتى وصل إلى مرحلة الشلل الكامل في جميع أطراف جسده.
لكن المرض لم يكن صدفة…
فما أصاب الأستاذ غسان لم يكن إلا نتيجة… pic.twitter.com/coBbvD7ACE
ويضيف أن متلازمة غيلان باريه سببها إصابة بجرثومة سواء بكتيريا أو جرثومة فيبدأ الجسم في عمل أجسام مضادة لهذه الجرثومة، فيحدث بين الجرثومة والأعصاب الطرفية في الجسم تفاعل مما يؤدى لحدوث التهاب في تلك الأعصاب ويبدأ الجسم في الدخول بحالة شلل رخوي، لافتا إلى أن الحالة تبدأ من الأطراف الخاصة بالقدم ثم تبدأ بالصعود التدريجي إلى أعلى جسم ويحدث شلل بأصابع اليد وأصابع القدم، ثم تصل لجزع الجسم وفي بعض الحالات يصل الشلل إلى العضلات التنفسية ويدخل المريض في حالة صعوبة تنفس، وقد يضطر المريض إلى الدخول لغرفة العناية المركزة والمكوث على أجهزة التنفس الصناعي .
ويؤكد أن علاج هذه الحالات يتطلب أجسام مضادة يتم حقنها عبر الوريد ولكن خلال الشهر الأخير هذه الحالات في تزايد ويدخل في الأسبوع الواحد من خمس إلى ست حالات، كاشفا أن المريض الذي يعالجه في المستشفى ويدعى "بسام" تعرض لعدوى في الجهاز التنفسي وبعدها بأيام بدأ يشعر بضعف في عضلات اليدين وعضلات القدمين وبدأ الشلل يصعد من أسفل القدمين وحتى الجزع والآن يعاني من صعوبة في أي حركة بجسمه .
حين يتحول الجسد إلى سجن
وفي حالة أخرى يتابعها الطبيب أسامة الدبور وصف الحالة الحرجة لمريض يدعى "غسان"، الذي أُصيب بمتلازمة غيلان باريهحتى وصل إلى مرحلة الشلل الكامل في جميع أطراف جسده، حيث لم يكن المرض صدفة لكن بسبب سوء التغذية، وانهيار النظام الصحي في غزة، بسبب الاحتلال، حيث حول جسده إلى ساحات معاناة، دون أدنى مقومات الرعاية أو العلاج.
تغريدة الدكتور منير البرش حول استغاثة طبيب بشأن مرض غيلان باريه
الطفلة "لارا البطراوي" البالغة من العمر ثمانية أعوام، ساءت حالتها الصحية حتى أنها لم تعد تستطيع ارتداء ملابسها بمفردها، وأصبحت تعيش على ظهرها دون حراك داخل إحدى مستشفيات القطاع بسبب إصابتها بغيلان باريه، بينما يقف الأطباء عاجزين عن التعامل مع حالتها بسبب عدم توافر الأدوية، وأدوات التشخيص، والغذاء يساعدها على الشفاء.
بحسب أطباء داخل القطاع، تحدث معهم "اليوم السابع"، فإن متلازمة غيلان باريه غير معدية إلا أن خطورتها تكمن في الجراثيم والبكتيريا التي ظهرت بفعل التلوث الكبير وكل الظروف في غزة مواتية لانتشار هذا المرض فتكدس النازحين والتلوث البيئي وتلوث المياه يلعبان دورا كبيرا في نقل العوى ويتضاعف هذا الخطر مع ضعف الجهاز المناعي لدى غالبية السكان في القطاع
وأكد الأطباء أنه قبل الحرب كان نسبة الإصابة بمتلازمة غيلان باريه تتراوح بين 0,5 إلى 1 حالة لكل 100000 سنويا بين أطفال القطاع وتضاعف النسبة تقريبا لدى البالغين لكن وزارة الصحة بغزة أكدت تسجيل 45 حالة خلال شهرين يعد عددا غير مسبوقا من الإصابات بهذه المتلازمة.
انهيار منظومة الآبار بسبب نقص السولار الذي يشغل محطات المياه، كشفها رئيس بلدية دير البلح نزار عياش، في 7 أغسطس، بعدما أكد معاناة المدينة من عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل آبار مياه الشرب، وهناك عجز كبير في آليات الدفاع المدني وآليات صيانة مياه الصرف الصحي، لافتا إلى أن مشكلة عدم توفر السولار والوقود في غزة تعتبر من أبرز المشاكل التي يعاني منها الأهالي.
قبلها بيوم، أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أن القطاع يعاني من كارثة بيئية وصحية متفاقمة لانعدام المياه النظيفة وتفشي أمراض مثل الإسهال الحاد والنزلات المعوية، كما أن انهيار البنية التحتية للصرف الصحي وتراكم النفايات وانتشار الحشرات أدى إلى ظهور أمراض جلدية خطيرة، لافتا إلى أن الكارثة ناتجة عن انعدام الوقود وتعطل معدات البلديات بفعل الحصار إلى جانب الإبادة الجماعية التي دمّرت قطاع المياه والبيئة.
الاحتلال يدمر محطات المياه في غزة
وحذر في بيان له، من انهيار وشيك للقطاع البيئي والصحي في غزة، مطالبا بضرورة توفير الوقود والمستلزمات العاجلة للبلديات، وداعيا الجهات الدولية لتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية قبل تفجّر أزمة صحية شاملة تهدد ملايين المدنيين، خاصة أن الاحتلال دمر 722 بئر ماء مركزي وأخرجها من الخدمة واستهدف 113 مشروع مياه عذبة وارتكب مجازر بحقها، ودمر 3,780 كم من شبكات الكهرباء، و 2,105 محول كهرباء هوائي وأرضي، و 500,000 متر طولي من شبكات المياه، و 655,000 متر طولي من شبكات الصرف الصحي، و 3 مليون متر طولي من الطرق والشوارع.
عدم توافر IVIG
الطفل سيف أبو وردة، أيضا أحد ضحايا هذا الفيروس الذي ضرب جسده مما استدعى دخوله للعناية المركزة بمستشفى الرنتيسي، فكان سوء التغذية أحد أبرز أسباب تمكن المرض منه لتشهد حالته الصحية تدهورا كبيرا في ظل عدم توافر الأدوية المنقذة للحياة غير متوفرة ، مثل دواء IVIG لعلاج غيلان باري، والنقص الحاد في مغذيات أساسية كالأمينو أسيد والأنشور والبروتينات.
تواجه أسرة "سيف" صعوبة كبيرا من أجل توفير الطعام اللازم لضمان عدم تدهور صحته أكثر من ذلك، بينما يعجز الأطباء من وقف انتشار الفيروس داخل جسمه، وسط آمال بوقف الحرب كي تتمكن المنظومة الصحية من توفير العلاج اللازم.
نقص وحدات الدم
ويحتاج مرضى غيلان باريه لوحدات دم، بحسب ما تؤكده الدكتورة سحر غانم، مدير دائرة المختبرات وبنوك الدم لدى وحدة المختبرات بوزارة الصحة في غزة، والتي تؤكد معاناة القطاع من نقص حاد في أرصدة بنوك الدم، بجانب نقص حاد في أرصدة مواد الفحص والمستلزمات المخبرية اللازمة لعمل بنوك الدم.
وتضيف مدير دائرة المختبرات وبنوك الدم لدى وحدة المختبرات بوزارة الصحة في غزة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن وحدات الدم الحالية لا تكف مرضى أمراض الدم، وكذلك مرضى غيلان باريه "GBS " الذين يحتاجون إلى نقل بلازما، ولا يتناسب مع الاحتياجات الكبيرة لإنقاذ حياة المصابين والجرحى.
وتوضح أن السيدات الحوامل اللواتي يعانين من سوء التغذية وضعف الدم يحتاجون إلى نقل الدم مع عملية القيصرية، وهن يعانين من معاناة شديدة بسبب عدم توافر وحدات الدم، كما أن أدوات نقل الدم اقتربت من النفاذ وقد تتوقف الخدمة في أي يوم من الأيام المقبلة.
وفي 26 أغسطس الماضي، أعلنت وزارة الصحة بغزة، أن ️بنوك الدم في المستشفيات تُعاني من نقص حاد وخطير في وحدات الدم ومكوناته، خاصة أن ️الاحتياج اليومي من وحدات الدم ومكوناته يزيد عن 350 وحدة دم، و️نوعية الإصابات الخطيرة التي تصل للمستشفيات تتطلب وحدات إضافية من الدم لإنقاذ الحياة.
وأشارت في بيان لها، إلى ️تراجع مصادر تعزيز أرصدة وحدات الدم ومكوناته بما فيها حملات التبرع المجتمعية نظرا لتفشي المجاعة وسوء التغذية، موجهة نداء عاجلا إلى كافة الجهات المعنية لتعزيز أرصدة وحدات الدم ومكوناته في المستشفيات.
وفي 4 سبتمبر، حذرت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان حول واقع خدمات المختبرات ونقل الدم في ظل استمرار العدوان على غزة، من التدهور الخطير بخدمات المختبرات ونقل وحدات الدم ومكوناته، والذي يهدد حياة آلاف المرضى والجرحى، في ظل تصاعد الحرب واستمرار الحصار الخانق على القطاع، مشيرة إلى أن خدمات نقل وحدات الدم ومكوناته للمصابين والمرضى مهددة بالتوقف الكامل نتيجة نفاد المستلزمات الأساسية لسحب ونقل الدم.
وأشارت إلى أن 65% من مواد الفحص المخبري الأساسية أصبح رصيدها صفر، ما يعطل قدرة الطواقم الطبية على التشخيص والمتابعة، وكذلك 53% من المستهلكات والمستلزمات المخبرية رصيدها صفر، ما يفاقم من أزمة توقف الخدمات المخبرية في معظم المستشفيات، موضحة أن الفحوصات الأساسية المستخدمة في أقسام الطوارئ، والعناية المركزة، وحضانات الأطفال قد نفدت بالكامل من مخازن المختبرات وبنوك الدم.
وأضافت أن فحوصات وتشخيص الأمراض المعدية غير متوفرة منذ بداية الحرب، ما يهدد بتفشي الأوبئة وصعوبة احتواء العدوى داخل المستشفيات والمراكز الصحية، داعية جميع الجهات الدولية والإنسانية إلى التدخل الفوري والعاجل لتوفير الاحتياجات الطارئة للمختبرات وبنوك الدم، وضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية الأساسية وإنقاذ حياة آلاف المرضى.
شلل الأطفال
في نهاية يوليو 2024 خرج الدكتور تيدروس جيبريسوس مدير منظمة الصحة العالمية، ليعلن اكتشاف فيروس شلل الأطفال في عينات أُخذت من مياه الصرف الصحي في غزة، وهو تطور مثير للذعر ولكنه غير مفاجئ في ضوء الوضع المفكك للنظم الصحية في القطاع.
وذكرت منظمة الصحة العالمية حينها، أن الأطفال المحاصرون في غزة يواجهون هذا التهديد بالإصابة بشلل الأطفال بعد أن لم يعد هناك مكان آمن يلجئون إليه منه ولا توافر للتلقيحات، حيث كانت معدلات التغطية بالتلقيح ضد المرض قبل الحرب بنسبة 99 %، لكن بعد العدوان انخفضت هذه المعدّلات إلى 86 %، وهو أمر خطير لأن يسبب تشكيل جيوب من الأطفال غير الملقحين تمكن الفيروس من الدوران بينهم، فيما حال تدمير النظام الصحي وانعدام الأمن وتدمير البنية التحتية وتشريد السكان الجماعي ونقص الإمدادات الطبّية دون حصول الأطفال على العديد من اللقاحات المنقذة للأرواح.
وخرجت منظمة الصحة العالمية في 24 أغسطس 2024، لتعلن عن أول إصابة مؤكدة بشلل الأطفال في غزة لرضيع يبلغ عشرة أشهر، وذلك للمرة الأولى في القطاع منذ 25 عاما، لافتة إلى أنه من خلال التسلسل الجيني فإن إصابة الطفل مرتبطة بمتغير فيروس شلل الأطفال من النوع 2، الذي اكتُشف من خلال عينات بيئية أخذت في يونيو من مياه الصرف الصحي بالقطاع.
صدمة أسرة عبد الرحمن أبو الجديان
بدأت بعدها تظهر حالات شلل أطفال أخرى، من بينها الطفل عبد الرحمن أبو الجديان، حيث تعيش والدته نفين أبو الجديان، في خيمة بمدينة دير البلح بعد أن نزحت من شمال القطاع، حيث يسرد الموقع الرسمي للأمم المتحدة شهادة الأم حول إصابة ابنها بهذا المرض النادر وتقول :"أصيب باستفراغ وسخونة، وتوجهت به إلى مستشفى شهداء الأقصى ولم أتوقع أن يكون الأمر خطيرا".
عبد الرحمن أبو الجديان
وتضيف :" كان الطفل نائما طوال الوقت ولم يكن يصحو أو يرضع كما ينبغي لمدة أسبوعين إلى أن شك الأطباء في إصابته بشلل الأطفال، فتم أخذ عينة منه وإرسالها إلى الأردن، وبعد أسبوعين أخبروني أنه مصاب بشلل الأطفال وأنه لا يوجد علاج ولا إمكانية لعلاجه، ابني سيظل هكذا ولا أدرى ماذا سأفعل"
وتكشف نفين أبو الجديان سبب إصابة ابنها، موضحة أن النزوح المتكرر حال دون حصول "عبدالرحمن" على التطعيمات اللازمة الأمر الذي تسبب في إصابته بالشلل، متابعة: "كان تأثير الفيروس قويا على ولدي، فلم يحصل على التطعيمات بسبب النزوح المستمر، وعندما نزحنا من الشمال كان عمره شهرا، وكان يفترض أن يتلقى الحقنة، وظللنا نتنقل من مكان لآخر".
والدة طفل مصاب بشلل الأطفال
وتوضح شعورها بعدما أبلغها الأطباء بإصابة ابنها بشلل الأطفال، قائلة :"كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي ولأطفالي ولوالدهم، حيث تسائلنا لماذا يصاب هذا الطفل؟ وكيف أصيب؟ ومن أين أتى المرض؟ لقد استغربت، فأخبرونا أنه أصيب عن طريق المياه الملوثة لأن الوضع المعيشي ليس صحيا، كان بصحة جيدة ويتحرك وفجأة تدهورت حالته".
وأكدت مديرية التخطيط والمياه والصرف الصحي في بلدية غزة في 17 أغسطس، أن جميع بلديات القطاع عاجزة عن تقديم أي خدمات في ظل فقدانها مصادر الدخل والمعدات، خاصة أن عدد سكان تضاعف بينما لا يصل المدينةَ ربع الكميات المطلوبة من المياه، مضيفة أن خطوط المياه المعطلة والوصول إليها يتطلب تنسيقا يستغرق أسبوعين على الأقل علما أن المدة التي يحصلون عليها غير كافية لإصلاح الأعطال.
نسبة التلقيح ضد شلل الأطفال في غزة
سبب عودة شلل الأطفال
وفي هذا السياق يقول الدكتور خالد السعيدنى، طبيب الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى، إن سبب عودة انتشار شلل الأطفال هو تلوث المياه، خاصة أن أغلب الأهالى يعيشون فى خيام ولا يوجد بنية تحتية وسط بيئة خصبة للفيروسات والأوبئة بسبب مياه الصرف الصحى والتلوث بجانب الطقس مرتفع الحرارة.
ويضيف في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن كل 10 أفراد يعيشون فى خيمة صغيرة وهو ما أدى لعودة ظهور شلل الأطفال بينهم بعد أن كان قد انتهى منذ سنوات، خاصة في ظل معاناة المواطنين من الازدحام والتلوث والمياه غير النظيفة، كما لا يوجد منظفات والصابون وهو ما يجعل البيئة مناسبة لعودة هذا المرض النادر، بجانب انتشار الأمراض الجلدية للأطفال.
نداء استغاثة عاجل
ووجهت وزارة الصحة بغزة نداء استغاثة عاجل للمؤسسات الدولية بالقطاع في 14 سبتمبر، لمساعدتها في إدخال المحاليل الموجودة في مخازن منظمة الصحة العالمية في الضفة الغربية الشق الثاني وهي محاليل انقاذ حياة ومنها محاليل أملاح الدم، وغازات الدم CBC، ومحاليل فحص الفيروسات، لافتة إلى وحدة المختبرات وبنوك الدم في المستشفيات تُعاني من نقص شديد في المحاليل ومستهلكات الفحوصات المُنقذة للحياة.
وأضافت خلال استغاثتها، أن محاليل فحوصات " أملاح الدم ، غازات الدم CBC ، وفحص الفيروسات " غير مُتوفرة وهو ما يعيق اتمام الفحوصات للمرضى والجرحى، موضحة أن الوزارة ومن خلال منظمة الصحة العالمية عملت على توفير الأصناف المطلوبة وهي تتواجد حالياً في مخازن المنظمة بالضفة الغربية، مطالبة الجهات المعنية بالتدخل العاجل لإتمام التنسيقات الضرورية لإدخال الأصناف المخبرية وتسيير وصولها الآمن إلى بنوك الدم في المستشفيات.
كريم التعبان وعدم توافر اللقاحات
حالة أخرى للطفل كريم التعبان، الذي أصبح غير قادر على الحركة في ظل معاناته من عدم القدرة على الحركة، واستسقاء في المخ رغم أن عمره لم يصل للعامين، بسبب عدم حصوله على اللقاحات خاصة لقاح شلل الأطفال، حيث يقول والده عصام التعبان، في تصريح خاص لـ"اليوم السابع": "حال ابني مثل حال الكثير من الأطفال داخل غزة، لم يحصل التطعيمات اللازمة منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر 2023، مما كان له تداعيات خطيرة على صحته على رأسها العجز عن السير".
ويضيف أن جميع التطعيمات غير متوفرة القطاع، وكذلك العلاج الخاص بابنه كريم ، وهو ما جعله لا يتلق التطعيم منذ بداية الحرب سوى مرة واحدة فقط، وأصبح الآن يحتاج لعلاج خاص بعد معاناته من الاستسقاء في المخ والليونة في العظم، في ظل عدم توافر أي علاج له في مستشفيات القطاع.
وفي أكتوبر 2024، أكد المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازارينى، فى بيان لوكالة الأونروا: أن تأخر تحقيق هدنة إنسانية بغزة يزيد من خطر انتشار مرض شلل الأطفال، خاصة أن هناك إصابة لأطفال رضع بالشلل لم يتلق أى جرعة تحصين، في ظل أن جلب اللقاحات إلى غزة غير كاف.
وأضاف المفوض العام للأونروا، أن المرض يصيب الأطفال دون سن الخامسة بالدرجة الأولى، فيما تؤدى حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال، ويتوفى ما بين 5 و10% من المصابين بالشلل بسبب توقف عضلاتهم التنفسية عن أداء وظائفها.